عودة الرئيس للولايات (2)
“البشير” الذي يحيط به قيادات من كل السودان.. “فضل عبد الله” وزير شؤون الرئاسة من مناطق الميدوب في أقصى شمال دارفور، هؤلاء لم تغشاهم السلطة منذ إعلان الاستقلال أصبح اليوم الوزير الأول في الدولة من تلك البقاع.. و”حاتم حسن بخيت” التكنوقراط والمثقف الملتزم بأدب الخدمة المدنية وتقاليدها مديراً لمكتبه.. والفريق “بكري حسن صالح” من دنقلا و”حسبو عبد الرحمن” من بادية عرب الرزيقات في دارفور و”إبراهيم محمود حامد” من شرق السودان ائتمنه على الحزب والمفاوضات ومستقبل البلاد.. و”السنوسي” من بقارة كردفان.. وأولاد السيدين (القمرين النيرين) “الصادق” و”الميرغني” مساعدين تحت التدريب لصالح الحزبين الطائفيين.. إذا كان “البشير” أحاط القصر بهذا الفسيفساء لن يجد مشقة ولا مشكلة في ترشيح “محمد طاهر أيلا” لخلافته رغم أن الرجل يفتقر لأية صفة من صفات “البشير” في الحُكم من سعة الصدر والنظرة القومية البعيدة عن القبلية والعنصرية واحتمال الأذى والتواضع.. ومعرفة الناس قبائل وجماعات صوفية وعسكريين، ولذلك ترشيح الرئيس لـ”أيلا” هي رسالة فقط بأن لا مشكلة في أن يأتي شخص لمنصب الرئيس من جبيت أو من كارنوي وكادقلي فقط الكفاءة والنزاهة.
لكن التجربة أثبتت أن المسافة بين الرئيس وبقية قيادات المؤتمر الوطني بعيدة جداً.. العسكريين والمدنيين.
وإذا آلت مقاليد السُلطة لشخص مثل “أيلا” أينما ذهب نجح في تقسيم الناس إلى معه وضده، فإن كلمات الشيخ “يسين عمر الإمام” حينما أنقسم الإسلاميون إلى وطني وشعبي وتبدد حلمه الشخصي مما دفعه للقول: (على السودان الفاتحة) فإنها تصبح مقولة صادقة تتردد في كل مكان.. وحتى تستقر البلاد ويكتمل مشروع المصالحة الوطنية وتصمت البندقية التي تحصد الأرواح في المنطقتين من خلال اتفاق سياسي وليس تدابير مؤقتة بوقف إطلاق النار، فليبقى “البشير” في كرسي الحُكم لدورة قادمة تنتهي في عام 2025م، وحينها سينصرف الجيل الحالي في الوزارات ويقعد أجيال مبرأة من أمراض هذا الزمان تفتح أبواب السُلطة لـ”عصام محمد عبد الله” و”شوقار بشار” و”عبيد الله محمد عبيد الله” ود.”الفاتح الحسن” و”أبو القاسم بركة” والشباب الذي ينتظر اليوم نصيبه في الصعود.
وفي مقبل الأيام منتظر أن يطوف الرئيس على النيل الأزرق معقل “مالك عقار” و”جوزيف تكة” ويستمع إلى الناس العاديين، ماذا يريدون من الخرطوم؟ وكيف تتوقف الحرب والنيل الأزرق التي استطاع الوالي “أبو سروال” حكمها بهدوء ودون ضجيج وهو يحظى برضاء الناس.. و”البشير” تنتظره جولات في الشمالية وسنار وجنوب كردفان وبقية ولايات دارفور قبل أن تبدأ الحملة الانتخابية القادمة.. و”البشير” كما قال النائب البرلماني في كادقلي العُمدة “محمداني أبو حتية” (ترشحنا تحت ظل الشجرة ووجدنا الشجرة نفسها تجلس تحت ظل “البشير”).
إن حصاد جولات الولايات حتى الآن تبشر بأن الإنقاذ تعيد تجديد نفسها.. وقد اهتم الإعلام بزيارات الرئيس وتلك ثمرة لأداء الأستاذ “عبد الله جاد” المستشار الصحافي للرئيس وهو صحافي مهني لذلك نجح في إعادة رؤساء التحرير والكُتاب إلى القصر بعد أن ابتعدوا عنه بعد إعفاء “أبي عز الدين”.. وتواصل الرئيس مع الشعب ومع الإعلام يضخ الهواء المنعش في رئة الدولة التي نجحت في رفع الحصار وتوحيد قاعدة عريضة من السياسيين من خلال الحوار الوطني للعبور بالبلاد من مرحلة لأخرى.