شهادتي لله

"البشير" في الجزيرة (3-3)

1

{ في اليوم الثالث لزيارة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” لولاية الجزيرة، افتتح عدداً من المنشآت الخدمية بمحليتي شرق الجزيرة والحصاحيصا، حيث وصل “رفاعة” وخاطب حشدها باستاد المدينة.
{ كما زار الرئيس منطقة “ود النعيم” حيث ازدانت ساحة الحفل بخيام شكّلت لوحات رائعة ومختلفة، غير أن البرنامج المزدحم حال دون مخاطبة “البشير” لمواطنيها، وقد تسلّم من ممثلهم وثيقة عهد وميثاق ومبايعة له في انتخابات 2020 باسم مواطني وحدة “ود النعيم” الإدارية. 
{ بصفة عامة.. قرى محلية شرق الجزيرة تعاني الكثير من الإهمال وتحتاج إلى المزيد من الدعم وتوفير الخدمات.

2

{ في “الحصاحيصا” افتتح الرئيس استاد المشير عمر البشير لكرة القدم، مع منشآت تعليمية وصحية، وخاطب على عجالة حشداً كبيراً في الساحة المجاورة للاستاد.
{ في “أبو عشر” افتتح الرئيس المستشفى الصيني الذي سيمثّل نقلة كبيرة للخدمات الصحية بالمنطقة، وكان لافتاً أن أنشأ الصينيون مدرسة للتمريض تابعة للمستشفى تدرس بها عشرات (الممرضات) اللائي اصطففن مع مدخل المستشفى واللون الأبيض يجللهن يستقبلن الرئيس.
{ إنشاء مدرسة تمريض ترفد المستشفى بالـ(سسترات)، هو نظام راقٍ رأيته يطبّق في مستشفى “ميوت”  بمدينة “جيناي” في الهند، وليت مستشفيات ولاية الخرطوم الكبرى وبقية الولايات تحذو حذوها لتطوير مهنة التمريض بالبلاد.

3

{ الحشد الجماهيري الأكبر على الإطلاق- في تقديري- كان في آخر محطة بجولة الثلاثة أيام في ولاية الجزيرة، حيث خرج الآلاف من مواطني قرى “أبو قوتة” لاستقبال “البشير” والوالي “أيلا” في ساحة الاستاد القديم المتهالك.
{ لم يسبق لوالي الولاية “محمد طاهر أيلا” زيارة “أبو قوتة” منذ تسلّمه مقاليد الحكم بالولاية قبل أكثر من عامين، غير يوم أمس الأول بصحبة رئيس الجمهورية!!
{ كما أن المؤسستين اللتين تم افتتاحهما خلال الزيارة قامتا بعون شعبي (مدرسة) ودعم سعودي (المستشفى) ولم تساهم حكومة الولاية فيهما بألف جنيه.
{ أحد مواطني “أبو قوتة” حكى لي بحسرة أن الوالي الذي كان يزورهم هو “الزبير بشير” وقد تولى أمر حفر بئر وحيدة للمياه بالمنطقة!
{ آثار الفقر والمعاناة واضحة ومتجلية في وحدة “أبو قوتة” التي تضم (146) قرية و(كمبو)، وقد مثّل هذا الواقع بيئة صالحة لنمو حركات (التطرف الديني) بهذه القرى، لكن أهل المنطقة وشبابها أفلحوا في محاربة التطرف وبنوا العديد من المساجد واستجلبوا العشرات من الدعاة ورجال الدين المعتدلين، فانحسرت موجة التطرف.   
{ ورغم أن الحكومة لم تقدم لأهالي “أبو قوتة” شيئاً يذكر إلا أن خروجهم الصخّاب وهتافهم الذي بلغ عنان السماء (سير سير يا بشير) يرافقه الهتاف المعهود في كل محطات الزيارة (أيلا.. أيلا.. أيلا)، كان أمراً محيراً لنا، ما جعل الرئيس بالغ التأثر بالمشهد، ووجّه وزير الموارد المائية والكهرباء “معتز موسى” بحل مشكلة المياه في “أبو قوتة” مثلما وجّهه من قبل باستجلاب محطة تنقية لمنطقة “الكريمت” بمحلية المناقل، كما وجّه بتشييد مرافق لاستاد الكرة.
{ تحتاج “أبو قوتة” إلى (35) كيلومتراً من الأسفلت لترتبط مع الطريق القومي إلى جبل أولياء، وتعدّ من أكبر مصادر الخضروات لولاية الخرطوم، فالأفضل أن يوجّه السيد الرئيس وزير النقل والطرق الاتحادي المهندس “مكاوي محمد عوض” بكسر العزلة عن “أبو قوتة” والتكفل ببناء الطريق بالمشاركة مع ولاية الخرطوم.

4

{ ليست هي المرة الأولى التي أتعرف فيها على طريقة ومنهج الوالي “محمد طاهر أيلا” فأنا أعرف طريقته جيداً منذ أن دعاني (منفرداً) لزيارة ولاية البحر الأحمر قبل نحو (10) سنوات.
{ فالدكتور “أيلا” تنفيذي من الطراز الأول، وقد تخصص بالخبرة وليس الدراسة في مجال صناعة الطرق فأجاد فنونها وأسرارها من خلال عمله وزيراً للطرق والجسور بالحكومة الاتحادية قبل أن ينتقل والياً للبحر الأحمر.
{ كما أن “أيلا” يجيد عرض إنجازاته والترويج لها باستخدام كل أدوات العرض والتقنيات المتاحة، وهذا فن لا يعرفه معظم الولاة السابقين واللاحقين في ولاية الجزيرة وجميع ولايات السودان. ويعرف “أيلا” كيف يجذب انتباه المواطن البسيط، فتنتقل العدوى من شخص لعشرات ثم إلى مئات ثم إلى آلاف ولهذا يهتف الناس تلقائياً في النهاية: (أيلا.. أيلا.. أيلا)!! حتى لو كانوا عطشى!!
{ من سلبيات “أيلا” أنه لا يضع اعتباراً للرجل (الثاني) سواء في الحزب أو الحكومة، ولهذا مرت الثلاثة أيام دون أن يتعرف وفد الرئيس على نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالولاية شيخ “تاي الله”، ويفترض أنه الشخصية السياسية الأولى بالولاية بعد الوالي، فلم يكن لشيخ “تاي الله” الرجل بالغ الزهد والمسكنة والتواضع، أية وضعية مراسمية أو برتوكولية في التجليس أثناء اللقاءات والمخاطبات السياسية، ولا حتى عند ركوب السيارات في (كونفوي الرئيس)، وبالتأكيد لم يخاطب نائب رئيس الحزب أي لقاء جماهيري ولو لعشر ثوانٍ!!
{ وفيما يشغل نائب رئيس المؤتمر الوطني وظيفة (معتمد رئاسة) في ولاية الجزيرة، فإن رصيفه في الخرطوم “محمد حاتم سليمان” يحتل منصب (نائب الوالي) بعد أن انتزعه (بأيدو وشديدو)!!
{ جماهيرية “محمد طاهر أيلا” لا خلاف حولها، هو (والٍ) جماهيري لم يتوفر ما ناله من سمعة طيبة وسط عامة الناس لأي (والٍ) في السودان خلال السنوات الأخيرة، ولذا فإننا نريد أن ندعمه بالنقد المشفق لا المدمر، ليطوّر شعبيته ويزيد إنجازاته بالمزيد من المؤسسية الإدارية والشورى السياسية.  

5

{ مثّلت وزيرة الثقافة والإعلام بحكومة الجزيرة الأستاذة “إنعام حسن عبد الحفيظ” وهي قيادية بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، حزبها وحكومتها فأحسنت التمثيل، وقد ظلت مرافقة لنا طوال الزيارة تهبط من مروحية لتصعد سيارة.. وتنزل من سيارة لتصعد مروحية، كانت صنديدة وجسورة تشق الزحام وسط الحشود لتطمئن على جلوسنا بالمقاعد المخصصة لرؤساء التحرير.. ثم تجلس هي!!
{ وبدت “إنعام” متناغمة ومتفاهمة مع زملائها الوزراء والمعتمدين وقبلهم والي الولاية “أيلا”، فلها منا التحيات والتجلات.

6

{ رحلة الثلاثة أيام أكدت على خلاصة واحدة هي جماهيرية “البشير” الكاسحة.. جماهيرية تزداد رغم ضائقات الاقتصاد، فتجبرك على السؤال: ما هو ذلك السر الباتع؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية