رأي

همسات في أذن اتحاديي مجموعة أم دوم

بقلم: عادل عبده
مجموعة أم دوم بالاتحادي الأصل في الواجهة من جديد فالأضواء تزحف بين الفينة والأخرى حول هذا التيار الناشط الذي يحاول إدخال دفقات إصلاحية كثيفة في حزب الوسط الكبير بتياراته العديدة من خلال صيغة نوعية مواكبة لا تعجب الكثيرين، فقد نظم هؤلاء في الأيام الفائتة لقاءً استثنائياً بعنوان الطريق إلى الوحدة الاتحادية مع التيارات الرافضة للمشاركة.. منهج مجموعة أم دوم يتميز بالوتيرة السريعة والحراك المنتظم وإطلاق الفرمانات الغليظة في وجه الصور القديمة بالكيان الاتحادي، علاوة على ذلك فهم ينادون بإعمال الخط الديمقراطي والسلوك المؤسسي في هياكل الاتحاديين ويطالبون بالحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطنين ويعملون لوحدة قوى الوسط وحراسته بالتأمين من الاختراقات ويرفضون تدخل (الجوكية) في الإرث الاتحادي، ويراهنون على قدرة الشباب والمرأة والقوى الحية في التغيير الحزبي المنشود.. لا ينكر أحد بأن برامج اتحاديي أم دوم جاءت في وقت لم يعد فيه الكيان الاتحادي قادراً على التعبير عن خصوصيته، وموروثاته ورحيقه الاستثنائي، فالاتحادي الأصل صار يتعطف عليه من كانوا في الظل خلال التاريخ القريب في الساحة السودانية.
في خضم هذا الزخم الإيجابي تطل العديد من الملاحظات الكثيرة على أداء اتحاديي أم دوم في مشوارهم السياسي الذي اختلط بالمحطات الأحادية الغليظة والخطوات الراديكالية التي تحتاج إلى المناصحة الصادقة الخالية من الغرض والمراجعة الذاتية العقلانية، حتى لا ينكسر الإناء الذي ينضح بالعديد من الأشياء الجميلة، فهنالك جاذبية كهربائية تدفعنا من منطلق الواجب في مخاطبة جماعة أم دوم بالصوت الخفيض، وإطلاق الهمسات في آذانهم بعد أن انهالت عليهم الأعاصير والهجوم المكثف من الكثيرين كرد فعل مضاد لمنهجهم وخطهم القائم على الصرامة والتطرف وإنزال بطاقات الفصل وتطبيق جدول الضرب الذي لا يرحم في معالجة الأشياء وحسم الأمور في الكيان الاتحادي والمشهد السياسي.
نقول لهؤلاء.. من لا يعرف كيف يقدم فكرته سوف تبور حتى لو كانت محصنة من الأخطاء والمثالب!! وكم من تصورات ومقترحات ذكية تبخرت في الهواء لأنها لم تقدم بالطريقة الصحيحة والمثلى والمقبولة!! والسياسة أصلاً مبنية على فن الممكن والتكتيك والمناورة وتفهم المناخات وليست كتلة صماء ولوحة منقوشة على قالب سرمدي، والسياسة العصرية لا تسير على قضيب السكة الحديد بل تسير على منعرجات وجداول متقاطعة وأيضاً السياسي الذكي ينحني للعاصفة لكنه لا ينكسر كشجرة يابسة. فضلاً عن ذلك فإن الأهداف النبيلة والأطروحات المنشودة لا تتحقق بالصرامة والفرمانات الأحادية بل تتحقق بالحوارات الشفافة وإيجاد المعاذير وخلع قميص المحاسبة على النفس!.. عجبت كيف قررت جماعة أم دوم فصل مولانا “محمد عثمان الميرغني” من الحزب ارتكازاً على دستوره الذي يقاطع المشاركة الشمولية، وهو قرار فاقد الحصافة والمعنى وجلب على الذين أقدموا عليه الضجيج والفوران والعداوة والبغضاء وقد نسي هؤلاء أن هنالك اثنين من قادتهم كانوا أعضاء في برلمان الشمولية، فما هي الحكمة التي تجعلهم يضعون أنفسهم على فوهة بركان، ويتمسكون بخطوات ليس لها أي حظ من التطبيق على أرض الواقع، بل هي مجرد فرقعات في الهواء لا تسمن ولا تغني من جوع، وكنت أتمنى من هؤلاء أن يستفيدوا من أخطاء “الحسن الميرغني” الذي فصل مجموعة مقدرة من رموز الحزب في خياله ثم انتهى به المطاف وحيداً في قطار السُلطة، في حين ذهب أنصاره إلى الظل. فالدرس المستفاد أن الرمزية السياسية لا تفصل ولا تبعد بمثل ذلك الموقف الغريب، وقد جرب هذا المنهج قبل ذلك القطب الاتحادي “فخر الدين عوض” قبل سنوات طويلة عندما ادعى فصل مولانا السيد “محمد عثمان” لكنه كان يرمي من ذلك إلى جلب الأضواء عند حزبه في المهاجر !!
في تقديري أن التصورات المطلوبة والأهداف الكبيرة عندما تحمل في ثناياها الشطط والتطرف لن تؤدي إلى تحقيق المقاصد المرجوة. فالاتحاديون يمكن كسبهم بصولجان الحكمة واحترام قناعاتهم ورموزهم ودغدغة العصب الكهربائي فيهم.. انظروا ماذا فعل الشطط والتطرف الشديد بالإنقاذ؟ فقد صارت تأكل بعضها وأصبحت مرتعاً للوصاية الدولية! بل ماذا فعل الشطط والتطرف في المشاريع السياسية داخل الوطن العربي والقارة الأفريقية. فالراديكالية تجلب العزلة والبغضاء على الذين يحملون رايات وهي مصطلح مربك ومشوش.. اتحاديو أم دوم يمكن أن يحققوا مقاصدهم في ظل المصادقة والمواءمة بين المبادئ والاعتدال وتفهم تضاريس ومزاج الاتحاديين واحترام الرمزية الحزبية والبُعد عن نشوة الخيال ويجب عليهم أن لا يضعوا العبوة الناسفة في الطريق الذي يسيرون عليه..!!.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية