رأي

هل هنالك ملامة قطرية على حكومة الإنقاذ؟

بقلم – عادل عبده
العلاقة السياسية بين الدوحة والخرطوم بحاجة إلى التمحيص والتدقيق والرؤية المجهرية في إطار التطوُّرات التي حدثت في أزمة الخليج الأخيرة بين قطر ودول السعودية والإمارات والبحرين ومصر، فمن البديهي أن يتساءل عن موقف العلاقة بين الطرفين في هذا الظرف، وقد تكون الإجابة الواقعية بأن العلاقة بينهما في مفترق الطرق، فهي لا تحمل الحميمة القديمة التي كانت موجودة قبل الصراع السعودي القطري، ولا تعبِّر العلاقة، أيضاً، عن عدائية شديدة ومفاصلة واضحة المعالم، وقد يكون التوصيف الأكثر دقة بأن علاقة الدوحة بحكومة الإنقاذ تمر على معمل التقاط الأنفس والمراجعة الثنائية التي تموج في ثناياها بموجبات التعقل والنظرة الفاحصة على بانورما أزمة الخليج الماثلة للعيان.
وجدت حكومة الإنقاذ نفسها تدخل في امتحان عسير وفضاءات حرجة عندما تطلَّب الأمر كيف تحدِّد موقفها الحاسم من الصراع القطري السعودي باعتبار أن كلا البلدين في موقع الصداقة الواضحة والرباط القوي مع الخرطوم، ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء لإظهار متانة العلاقة القوية بين قطر وحكومة الإنقاذ، وبذات القدر تشير الشواهد بوجود التقارب المتين بين الخرطوم والرياض المبني على المصالح الإستراتيجية في إطار الصعيد الإقليمي الدولي الذي طال انتظاره من جانب الإنقاذ التي لا تريد إضاعة هذه الفرصة في إطارها الظرفي. وبذلك استعصى على الخرطوم مسايرة الحالتين المتناقضتين! ومع من تقف الإنقاذ سيما وأن الطرفين السعودي والقطري يطمحان في ذلك.. في خضم الصراع بين الدوحة والرياض رأت قيادة الإنقاذ تكثيف الزيارات الرسمية واللقاءات الثنائية بشكل ملحوظ مع السعودية، علاوة على زيادة وتيرة المجال الاستثماري بين البلدين والتمارين العسكرية بين الجيشين، وقبل ذلك كان موقف الخرطوم الداعم للمملكة في عاصفة الحزم، فقد كانت مبرَّرات حكومة الإنقاذ من هذا الموقف مبنية على إمكانية الاستفادة من الدور السعودي الفاعل في إصلاح العلاقة مع أمريكا واستثمار توقيت رفع العقوبات على السودان حتى لا تضيع هذه السانحة هذه المرة. ومن ثم يتم فتح الأبواب على الغرب بروح جديدة، بينما انزوت قطر عن الساحة السودانية في أوج تلك التحرُّكات مع السعودية دون التحامل عليها في ظل تأكيدات حكومة الإنقاذ على الحياد التام من الخلاف القائم بين قطر والدول الأربع.
قد تكون حسابات الدوحة قائمة على أنها أولى بالحظوة من منطلق سجل العلاقة المتينة والقوية مع الخرطوم وما قدَّمته للسودانيين من دعم ملحوظ، وقد عبَّرت بعض الأحزاب والتنظيمات الأخرى عن موقفها المساند لقطر على رأسها الحزب الشعبي الذي يقوده الدكتور “علي الحاج” ومنبر السلام العادل الذي يقوده المهندس “الطيب مصطفى” في حين سلكت الإنقاذ طريقاً مغايراً، لكنه لم يكن مهاجماً للدوحة، وبالمقابل كانت هنالك دائرة حكومية تنشط في خصومة قطر ممثلة في الفريق “طه عثمان” مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق، وقد اتضح بأن تحركاته كانت خارج رؤية الطاقم الأعلى للحكومة.. بناء على تلك المعطيات برزت إرهاصات تتحدَّث عن وجود ملامة قطرية على حكومة الإنقاذ جراء موقفها من صراعها مع الدول الأربع.. ومن الواضح أن الملامة في التراث الإنساني لا تعبِّر عن رؤية عدائية بقدر ما تعكس عن حالة استذكار مرتجى من صديق في موقف معيَّن لم يقم به، فهي عتاب رقيق قد يعكس قنطرة العبور إلى الود القديم بين الأشقاء والحلفاء مهما يكن، فإن قطر قد تطوي أشياءها على ضلوعها، وقد تتفهَّم منطق الإنقاذ في أزمة الخليج الذي لم يكن مناهضاً على الموقف القطري، ويميل إلى منهج إصلاح ذات البين بين الدوحة والدول الأربع. والمحصِّلة أن قوة العلاقة بين الخرطوم والدوحة تتعالى على الملامة بين الطرفين الصديقين سيما بعد زوال الذين عكَّروا أجواء الحميمة القديمة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية