تقارير

هل خرج مجلس تشريعي الجزيرة من بيت طاعة المؤتمر الوطني؟

تقرير – فاطمة مبارك
في تطوِّر لافت لإنهاء الخلاف بين والي ولاية الجزيرة “محمد طاهر أيلا” ومجلس تشريعي الولاية، أصدر رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” أمس، مرسوماً جمهورياً قضى بحل المجلس التشريعي لولاية الجزيرة. وألزم المرسوم الجمهوري جهات الاختصاص باتخاذ ما يلزم لوضع المرسوم موضع التنفيذ الفوري. وجاء القرار استناداً على أحكام المادة (211) من دستور جمهورية السودان الانتقالي للعام 2005م، وأدى  المرسوم الجمهوري، الذي أصدره رئيس الجمهورية، إلى إعلان حالة الطوارئ بالولاية. وحسب المادة (210) الفقرة (1) من الدستور الانتقالي لعام 2005م، يجوز لرئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول، عند حدوث أو قدوم خطر طارئ يهدِّد البلاد أو جزءاً منها حرباً كان أو غزواً وحصاراً أو كارثة طبيعية أو أوبئة يهدِّد سلامتها أو اقتصادها، أن يعلن حالة الطوارئ في البلاد أو في جزء منها ويعرض على البرلمان خلال (15) يوماً، من إصداره، وإذا لم يكن منعقداً تعقد دورة طارئة وبعدها تصبح الأوامر الاستثنائية والإجراءات سارية المفعول. قرار حل مجلس تشريعي ولاية الجزيرة جاء بعد  حديث عن أن المركز سيقوم بحسم الخلاف من خلال إصدار قرارات  إيجابية للطرفين، ورشَّحت أنباء عن أن المركز سيتخذ حلولاً مقبولة للطرفين مع استبعاد إقالة رئيس المجلس التشريعي بروفيسور “جلال مِن الله” وإرجاع التسعة عشر عضواً، المفصولين، فيما قال أخرون، إن قيادات نافذة بالمركز منقسمة حيال هذا الصراع، فبعضها يساند الوالي “أيلا” والبعض الأخر يساند لوجهة نظر المجلس التشريعي، الأمر الذي أدى إلى تأخير اتخاذ القرار وتوسيع دائرة الخلاف  إلى أن حسم أمس، بحل المجلس التشريعي، بالمقابل كان أمين أمانة الاتصال التنظيمي بحزب المؤتمر الوطني “أزهري التجاني” قد ألمح إلى  الحل الذي حل بموجبه المجلس التشريعي، حينما قال في مخاطبة أثناء زيارته لولاية سنار، إن مؤسسات الحزب لا تسمح بالفوضى وستقوم بحسم التفلتات ما يعني أن حزب المؤتمر الوطني نوى اتخاذ إجراءات قاسية تجاه أعضائه الذين يعدهم من المتفلتين، ولم يمض على التصريح (72) ساعة، حتى أُعلن قرار حل المجلس التشريعي لولاية الجزيرة الذي يحظى بأغلبية من حزب المؤتمر الوطني، وهم من يقودون الصراع مع الجهاز التنفيذي، ممثلاً في والي الولاية “أيلا”.
وفي السياق كان المركز قد كوَّن لجنة للتهدئة برئاسة “الحاج آدم يوسف”، وقيل إنها في إطار الترسيخ لتهدئة الأوضاع وامتصاص آثار الخلاف بين المجلس التشريعي والوالي بدأت تعمل في اتجاه عدم فصل لـ (19) عضواً، الذين تم فصلهم بواسطة المكتب القيادي للحزب، وبجانب عدم إقالة رئيس المجلس التشريعي “جلال مِن الله”، وكانت أقرب إلى مناصرة رؤية المجلس التشريعي حسب مارشُح، لكن بالمقابل طالبت أطراف النزاع الالتزام بعدم التصعيد الإعلامي وإيقاف جلسات المجلس التشريعي، وقد كان هناك التزام فيما يخص التصعيد الإعلامي، حيث رفض خلال هذه الفترة معظم أعضاء المجلس التشريعي المناوئين للوالي الحديث، لكن يبدو أن إصرار المجلس التشريعي على عقد جلسته أمس (الثلاثاء)، وإصداره لأجندة الجلسة هو الذي عجَّل بقرار رئيس الجمهورية، وقد يكون تم ذلك باتفاق مع بعض النافذين في الحزب الحاكم  بالمركز، باعتبار أن عقد جلسات المجلس  فيه تفلُّت وخروج على بيت طاعة الحزب.
بدايات أدت إلى هذه النهايات
بداية الخلاف بين والي ولاية الجزيرة “محمد طاهر أيلا” وبعض عضوية المجلس التشريعي في مقدِّمتهم بروفيسور “جلال مِن الله”، كانت حول مشروع قانون صندوق التنمية، المجلس التشريعي كان لا يرى أن يكون هناك صندوق للتنمية غير الموجود بالمالية، ويعتقد أن صندوق التنمية يعمل من غير قانون ولا توجد حاجة له، والوالي اعتبر هذه معارضة له ولقراراته، وحتى ذلك الحين كان الخلاف بين الجهاز التنفيذي ممثلاً في والي الولاية والجهاز التشريعي ممثلاً في رئيسه وآخرين، لكن مع تفاقم الأزمة انضم للخلاف الجهاز السياسي للحزب، ثم تطوَّرت الأزمة بفصل (10) من أعضاء المجلس التشريعي، وعقدت جلسة طارئة حينها للوقوف مع المواطنين المتضرِّرين من جراء السيول والأمطار، وفي هذه الفترة تم إسقاط خطاب الوالي “محمد طاهر أيلا” الذي قدَّمه وزير الصحة “عماد الدين الجاك” الوالي المكلَّف، لكن بعد تهدئة الأوضاع قدَّم “أيلا” خطابه بنفسه وقبله المجلس  وأجازه حسب توجيهات المركز، إلى أن عاد الخلاف من جديد واشتدت حدة الصراع مرة أخرى، وبالمقابل ظهرت مشاكل في التعليم تمثَّلت في مشكلة رسوب كل الطلاب في أحد المدارس،  فقام المجلس التشريعي بإسقاط خطاب وزيرة التربية والتعليم.
  وفي ذات الصعيد أدت الجلسة المغلقة التي عقدت لقبول استقالات اللجان القديمة وتكوين لجان جديدة إلى اتساع رقعة الأزمة، فحسب توجيهات المكتب القيادي بالولاية بأن تكون اللجان من الكليات الشورية للمحليات وترفع للمجلس، وبالفعل تم رفع القائمة الفائزة للمكتب القيادي، وقام بإجراء تعديلات في اللجان، حيث أضاف لجنتي العدل والزراعة، ووجدت هذه الخطوة اعتراضاً من رئيس المجلس التشريعي وبعض عضويته وأدت هذه المسألة إلى انقسام، لكن عندما عاد الأعضاء إلى اللائحة أسقط المقترح وسحبت العضو مقترحها وفاز المقترح الذي أتت به الكليات الشورية داخل المجلس.
كذلك نشب خلاف بين الجهاز التنفيذي والتشريعي حول أمد اللجان القديمة قيل إن الموالين للوالي داخل المجلس التشريعي رأوا قبول استقالات اللجان بتاريخ 16 /10 /2017م، فيما رأى “الزهاوي أبوعاقلة” وآخرون، الذين تمسَّكوا بلائحة المجلس، قبولها بتاريخ 7 /1 /2017م، والوالي كان يريد تمرير قرار الموالين له وبناءً على ذلك تم تحويل مخصصات رئيس المجلس التشريعي و(8) من الأعضاء لأمانة الحكومة، لكن رئيس المجلس رفض ذلك وأصبح هناك تصعيد من قبل المجلس التشريعي واتهام للوالي بوجود مخالفات مالية وصرف خارج بنود الميزانية بجانب عدم تنفيذ قرارات المجلس حول أداء الوزارات، وفيما قام المكتب القيادي بفصل لـ (19)عضواً، وهناك إشارة وردت من أحد عضوية المجلس مفادها أن الذين فصلوا هم الذين ناقشوا في جلسة تداول المراجع العام، بينما لم يفصل الأعضاء الذين يوالون للوالي رغم حضورهم للتداول، وبدأ الوالي في التحرُّك وأقيمت مسيرة قيل مسنودة من الجهاز التنفيذي ضد المجلس التشريعي، وكادت أن تؤدي لمواجهات، وهنا بدأ المركز في التدخل لكن قبل أن يكشف عن قراراته جاء قرار رئيس الجمهورية بحل المجلس وهو يتأهب لعقد جلسته أمس (الثلاثاء)، فهل تنتهي مشكلة ولاية الجزيرة بحل المجلس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية