رأي

بعد.. ومسافة

كلمني الساعة..!
مصطفى أبو العزائم

الزمن قيمة أساسية في حياة الإنسان، يرتبط به مولده وسيره في الحياة ونشاطه وموته في اليوم المكتوب، وترتبط به الفصول والأنشطة الإنتاجية، لذلك تكمن قوته في تأثيره على الاقتصاد والسياسة والعلوم، وهو أمر نشعر به أو نقيسه أو نقوم بتخيله، ويختلف باختلاف وجهات النظر من فرد إلى آخر ومن جماعة إلى أخرى، بما يجعلنا نشير إلى وجود زمن نفسي، وآخر فيزيائي وثالث تخيلي.. وهو في أكثر التعريفات تداولاً (اسم لقليل الوقت وكثيره).. ومع ذلك يصعب تعريف الزمن تعريفاً دقيقاً بما يجعله أحد الغاز الحياة الدنيا، وقد حاول الإنسان أن يعيش الوقت ليحدد ماهية الزمن.. والزمن عظيم وقد أقسم به المولى عز وجل، سواء كان ذلك بذات الزمن أو بأجزائه، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالعصر والفجر والصبح والضحى والشفق والنهار والليل وبيوم الدين.
الزمن هو مجموع الأوقات.. والأوقات هي التي تنظم النشاط الإنساني والكوني بصورة عامة، والفرق بين زمانٍ ولى وآخر أتى نسميها الماضي، ويرتبط كذلك بالتغيير.. وهنا مربط الفرس.. فقد قامت حكومتنا الرشيدة – سامحها الله – قبل نحو سبعة عشر عاماً بابتداع (جر الساعة) لتخرج بلادنا عن المنظومة الدولية المتفق عليها لقياس الزمن والوقت، وأصبح التغيير محدوداً في بلادنا ليكون أقرب لجفاف ورقة نبات منفردة دون بقية أوراق شجرة مزهرة.
يقول التاريخ الحديث إنه في عام 1884م، انعقد مؤتمر دولي بالعاصمة الأمريكية واشنطن د ي سي لبحث نظام عالمي للوقت القياسي، وتم اختيار دائرة خط الطول التي تمر بقرية غرينتش الإنجليزية – وهي الآن قسم إداري في وحدة من وحدات مدينة لندن – تم اختيار هذه المنطقة لتكون دائرة الخط الأول، واستخدمت كل الدول وبالتدريج هذا التوقيت القياسي مع الاعتماد على تقسيمات الفلكيين القائمة على تناوب الليل والنهار وفق حركة الشمس ليتم تقسيم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة.. وتختلف التوقيتات المحلية عن التوقيت القياسي حسب موقعها بعداً أو قرباً من خط صفر المتفق عليه.
الآن عدنا.. وأصبحنا ضمن المنظومة العالمية بعد تمرد استمر سنين عددا، وحمل كثيرون مسؤولية جر الساعة لصديقنا العالم الدكتور “عصام صديق”، وظل طوال هذه السنوات ينفض عنه ما يحاول الآخرون رميه به.. وقد بعث إلى صديقي الدكتور “عصام صديق” برسالة يوم العودة إلى التوقيت العالمي كان نصها كما يلي:
أها رجعتوها.. هل سترجعون شروق الشمس؟.. وماذا أنتم فاعلون في توصية التوقيتين شتوي وصيفي.. ومتى يبدأ العمل في دواوين الحكومة شتاءً.. وصيفاً؟
وتضمنت رسالة الدكتور “عصام صديق” الذي تبنى فكرة البكور دون جر الساعة، تضمنت حكاية مروية وقعت أحداثها في أحد المساجد بمدينة الأبيض صاحبة خط (30) (2+UTC) عندما قال الإمام للمصلين عقب صلاة الفجر.. بكرة إقامة صلاة الفجر (4:55) أحد المصلين احتج وقال له: غلطان الإقامة (5:55) وحدث هرج ومرج بين الإمام وعدد من المصلين، وقال الدكتور “عصام صديق”.. ماذا لو تم جر الساعة فجر عطلة السبت عند الثانية صباحاً بدلاً عن (12) ليل الثلاثاء؟.. وتساءل: يا ترى جروها ليه؟ أسالوا الحزبيين يوروكم ليه قدموها زمان، وليه قدموها شتاء، وحدد عدة أسماء.. ثم تساءل.. واسألوا الحزبيين بتاعين الحوار ليه رجعوها الآن.. وما الفائدة من ذلك؟
الربكة حقيقية ضاربة، والذين لم يغنِ بينه وبين نفسه أغنية فلاح التي اشتهرت عند “حسين شندي” و”عاطف السماني” (كلمني الساعة كم)؟ نراه يردد بينه وبين نفسه ما قال به الشاعر “السر عثمان الطيب” وتغنى به “محمد جبارة”.. (شوفي الزمن يا يمة ساقني بعيد خلاص.. دردرني واتغربت واتبهدلت.. وريني الخلاص).
والزمن هو القاضي الوحيد الذي لا نراجع أحكامه، نقبل بها مهما كان أثرها علينا، لكننا يجب أن نرفع الأكف ندعو الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا في سائر أوقاتنا وأن يوفقنا في أعمارنا وأعمالنا وأرزاقنا، وأن يمنحنا كل الخير والبركة.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية