الديوان

من جبل "الأبابيتور" (المجهر) وقفت على بنية الشيخ "البَر" تلميذ الشيخ "تاي الله النفيدي"

قال إن عمرها يتخطي الـ(400) عام
التقطه ــ مهند بكري
كثيرة هي معالم وملامح السودان الأثرية، خاصة المرتبطة منها بزعامات تاريخية.. اليوم نقف وصدفة من خلف جبل (الأبابيتور) بقلب سهل البطانة المترامي الأطراف شرقي ولاية الجزيرة، على “بنية” الشيخ “البَر” تلميذ الشيخ “تاي الله النفيدي”، وقفت (المجهر) وسط سهل البطانة التي تعرف بالعديد من الأسماء منها “المرية” و”أم هبج” ولكن يذيع منها اسم بطانة أبو علي وحسان وهما كنية للجد الأكبر لقبيلة الشكرية- أحمد عوض الكريم “أبو سن”- بيت نظارة والإدارة الحاكمة في تلك البقعة.
{ جمال الطبيعة اليابسة
السيارة تحركت بنا من محلية “تمبول” شرقي ولاية الجزيرة شرقاً في اتجاهنا لسهل البطانة، وللوصول إلى تلك المنطقة يتوجب عليك أن تعبر غابات مترامية الأطراف، وبعد مسيرة تزيد عن الـ(40) دقيقة قطعنا خلالها مسافة تقدر بـ(15) كيلومتراً في طرقات ريفية وعرة ضاعفت مشقة الطريق بمنزلقاتها وتعرجاتها الوعرة والمتفردة بجمالها الخاص، فتبدو منطقة شرق الجزيرة في ملمحها وخاصة بكل فصول العام عدا فصل الخريف والذي يصعب التحرك عنده، تبدو كأرض جرداء ليس فيها حياة كلما ابتعدت عن نهر النيل شرقاً نحو الغابات الطبيعية التي تبدأ من منطقة العبوداب وصولاً إلى منطقة الكاهلي التي تقدر مساحتها بـ(50) كلم، وفي حدودها الشرقية عند هضبة (الأبابتيور) يقف ضريح الشيخ “البَر” صامداً لأكثر من (400) عاماً.
{غابة الشيخ الوداعة
المواطن “الأمين حسن” وهو من سكان إحدى البلدات المجاورة للغابة ويمتهن الزراعة بسهل البطانة قال في حديثه لـ(المجهر) إن بنية الشيخ “شرقي الجبل” موجودة منذ مئات السنين وقطع بأن عمر المقبرة الآن يصل إلى أربعمائة وأربعين عاماً، وأوضح أن المنطقة بها (40) قبراً تعود لأسلاف سكان البلدات بسهل البطانة، وعد منهم الشيخ “البر” الملقب بـ(الوداعة)، وقال إن هذا اللقب أطلقه عليه شيخه “تاي الله النفيدي”، فأصبح السكان المحليون منذ ذلك الوقت يطلقون هذا الاسم على الجبل (الأبابيتور) والذي كان يسكنه الشيخ وداعة وغابة مجاورة للجبل، وأشار إلى أن إحدى المقبرات تعود للحاجة “عشة بنت أحمد ود آدم” ووصف لنا قبراً مجاوراً يبعد مائتي ياردة تقريباً قال إنه يعود لـ”أحمد ود أب حدو”، مشيراً إلى إنهم عاصروا الشيخ “البر” ودفنوا على مقربة منه.
{ ساكنو الجبل
ويقول المواطن “يوسف الأمين” إنهم لا يملكون إحصائيات دقيقة لسكان الجبل في ذلك الوقت، إلا أن ما يرونه الآن كان يتناقله أسلافهم وحتى اليوم، وأوضح “الأمين” أن الغابات التي تحف الجبل بجميع اتجاهاته هي (ود جودات، وأم سعدة، وغابة الشيخ وداعة، وود بغل، وغابة الكترة)، وتتوسط هذه الغابات قرى بمسمياتها من جميع الاتجاهات، ويشير “الأمين” إلى أن الأراضي الزراعية والمراعي التي تعتاش منها ثروتهم الحيوانية هما مصدر رزق قاطني المنطقة تقع شرقي الجبل مباشرة، مبيناً أنهم توارثوها كابراً عن كابر، وأشار إلى خروج مساحة (102) ألف فدان من الزراعة في أعقاب فصل الخريف الماضي بسبب قرار من وزارة الغابات بولاية شرق الجزيرة تبدأ من وادي (القلمو) في اتجاه الشرق مساحة تقدر بـ(15) كلم شرقاً حتى وادي (أم سريبا) وتحدها من الجهة الشمالية الجنوبية بمساحة (30) كلم كان يعتاش منها سكان أكثر من (27) قرية. 
ويقول باحثون إن- نضم أهل البطانة شعر- مشيرين إلى تأثير البادية في تكوين سكان تلك المنطقة الثقافي والاجتماعي، ويؤكدون أن الشعراء وثقوا لتاريخ البطانة ونواصيها، عن طريق “الدوبيت” أعذب الأشعار الشعبية التي عرفتها البادية في السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية