الديوان

(المجهر) تقتحم عالم (سيدات الشيشية).. وفتيات يسردن تجاربهن الشخصية مع (تدخينها)

بعضهن يتعاطينها داخل غرفهن الخاصة
الخرطوم – مروة التجاني
الشيشة.. تم منعها بقرار رئاسي قبل عدة أعوام، مع ذلك ما زالت فئات مختلفة تتعاطاها بسرية وبعيداً عن عيون المجتمع. مجتمع البنات لا يزال يخفي الكثير من الأسرار ومنها جلسات تعاطي الشيشة.. (المجهر) اقتحمت هذا العالم السري وخرجنا بالتقرير التالي..
{ المرة الأولى
“زينب” واحدة من السيدات اللاتي يدخن الشيشة، لكن في أوقات مختلفة، تقول شارحة وجهة نظرها: (أصبح تدخين الشيشة في الأماكن العامة والخارجية أمراً خطراً لذلك أدخنها في المنزل بطريقة سرية أيضاً رغم أن أمي تعلم بالأمر إلا أن أخوتي لا يعرفون عن الأمر شيئاً خاصة وأنهم يسكنون مع زوجاتهم بعيداً عنا وعندما يأتون لزيارتنا أقوم بإخفائها عن أنظارهم، وكذلك أفعل مع الضيوف الراتبين الذين أعرف مسبقاً مواعيد زيارتهم، عندما أدخنها أغلق غرفتي الخاصة لذلك لا يعرف بأمري أحد إلا صديقاتي المقربات جداً). وأضافت: (كانت أمي رافضة في البداية ومنعتني بالقوة من هذه العادة ووصل الأمر إلى حد الضرب ومنعي من الخروج من المنزل لكن بعد مرور الأيام والسنوات اقتنعت أن من الأفضل لي أن هذا أفعل أمام ناظرها بدلاً عن ممارسته في الخارج، خاصة أن المرة الأولى التي جربتها فيها كانت خارج المنزل مع صديقات ورغم أن الموضوع كان بغرض التجربة ومشاركة الصديقات وقتاً رائعاً إلا أني تعودت عليها سريعاً، كنت عندما أكون متضايقة أو واقعة في خصومة مع أحد الأصدقاء أو تحت تأثير ضغوط في المنزل أذهب لصديقاتي وأدخنها، وهكذا تحول الأمر إلى عادة مستمرة وعرفت أني أدمنتها)، وأوضحت: (لا زلت أذكر المرة الأولى قبل عام تقريباً من الآن، وعانيت من صداع في الرأس وألم في البطن وأخبرتني الصديقات أنها أعراض عادية، وهذا ما حدث حيث سار الأمر بدون أعراض في المرة الثانية والثالثة، رغم إدماني على الشيشة إلا أني لا أنصح بتجربتها على سبيل أنها المرة الأولى أو بغرض الاكتشاف لأن الشخص سيدمنها على الفور وستكون ملازمة له في فترات حياته، وستعاني الفتيات في الحصول عليها لأنها باب للمشاكل الأسرية لا يمكن إغلاقه بسهولة).
{ قتل الوقت
تشرح (ن) طقوس تجهيز الشيشة وكيف تدخنها السيدات في المجتمع قائلة: (رغم ما للشيشة من أضرار نعرفها جميعاً إلا أن الغرض الأساسي من تدخينها هو قتل الوقت. عادةً ما يتم ذلك في مجموعات فهي ليست مثل السجائر العادية التي يحبذ تدخينها في وحدة ولا تكون فيها مشاركة، أما الشيشة فهي تحب اللمة)، وتضيف: (يبدأ التحضير لها بغسلها ونضع الماء البارد وتقدم مع القهوة وعندما تجتمع السيدات يقمن بتشغيل المسجل والأغاني ويرقصن على النغمات، وكل ذلك كما سبق وقلت بغرض قتل الوقت حيث يمضي سريعاً بوجود الصديقات، غالباً ما يكون عدد السيدات المجتمعات من 3 إلى 5 فقط ولا توجد أعداد كبيرة وتكون الثقة حاضرة بين هؤلاء السيدات، وذلك خوفاً من مداهمة الشرطة للمنزل وحتى لا يتسببن في إزعاج للجيران.. لا يكون هناك يوم محدد للقاء مثل الخميس أو غيره كما يعتقد البعض، بل يمكن أن تجتمع السيدات أربع مرات في الأسبوع وفي أيام متفرقة ويدخن في الجلسة الواحدة من 5 إلى 7 أحجار، لكن عندما تكون كل واحدة في منزلها تدخن 3 أحجار). وتشير: (يكثر القول إن النساء اللائي يدخن الشيشة هن من الطبقة الراقية وذوات الدخل المرتفع، لكن أعرف نسوة خريجات جامعات بعضهن وجدن وظائف ويعملن بائعات برواتب زهيدة وبعضهن لم يوفقن في الحصول على وظيفة ووجدن أنفسهن عاطلات في المنازل، لذا يمكن القول إن تدخين الشيشة مرتبط بالمزاج والعادة وحالات الإخفاق العامة في الحياة أكثر من ارتباطه بالحالة المادية).
وعن تكاليفها المادية تقول (ن): (هيكل الشيشة الكامل يكلف 75 جنيهاً والفحم 10 جنيهات والمعسل 15 ويكفي لعدة أيام). وتزيد: (عندما تكون هناك رحلات خارجية نجد أن كمية هائلة من البنات يدخنّها أما في الكافيهات العامة فلا يحدث ذلك لأنها ممنوعة وفي حال حدوث ذلك فستكون حالات نادرة وشاذة. أعتقد أن كثيراً من السيدات يدخنها بهدف التقليد ومحاكاة ما يعرض في التلفاز والبعض منهن تعلم هذه العادة خلال زيارتهن لدول خارجية حيث تم نقل الثقافة الأجنبية).
{ أسباب مختلفة
(4) أعوام هي مدة تعاطي “أماني” للشيشة وعن الأسباب التي دفعتها لذلك تقول: (الفراغ، الزهج والضيق المستمر، ومشاكل الحياة والأسرة كلها أسباب قادتني لتدخين الشيشة، حيث كنت أعرف صديقة تتعاطاها وطلبت منها أن أجربها ومنذ ذلك الحين أدخنها، أي ما يقارب الأربع سنوات. وفي حال تركتها لعدة أيام ولأسباب خارجة عن إرادتي أعاني من الصداع الشديد والتوتر وأشعر بالنقص). وتشير: (ليس للشيشة رائحة كريهة بل تأتي حسب النكهات، فهناك العنب والنعناع. رغم استمراري في تعاطيها إلا أني أدخنها خارج المنزل مع صديقتي وهو الأمر الذي يسبب لي كثيراً من المشاكل بسبب خروجي المستمر من المنزل).
{ لا للشيشة
الكاتب الصحفي “خالد حسن لقمان” قال في مقاله الراتب بـ(المجهر): (الآن ظلت هذه الملعونة التي تسمى الشيشة بأضرارها الكبيرة على صحة الناس، لازالت تراوغ القرارات المتكررة بشأنها وهنالك من يهمس بوجود متنفذين بالحكومة لديهم مصالح في إذلال تلك القرارات وإسقاطها، وكل ما نتمناه الآن أن تجد القرارات الأخيرة بوقف الشيشة رجلاً حقيقياً وقوياً وصلباً يستطيع أن ينفذها ويتابعها حتى تضحى سياسة دولة ولا يخشى في ذلك أياً كان).
المرشدة النفسية “حباب عماد” قالت في إفادتها: (عندما يتعلق الأمر بالتدخين عموماً يجب أن نسأل الفتاة لماذا تفعل ذلك ونبحث وراء المسببات النفسية والاجتماعية التي دفعتها لذلك السلوك، لأن الهدف المخفي في اللا وعي هو حركة التنفس في المقام الأول التي من خلالها ينفس الإنسان عن الغضب الداخلي، ونحن في جلسات الاسترخاء نستخدم آلية التنفس هذه لاكتساب الطمأنينة وعندما تمارسها الفتاة متعاطية الشيشة باستمرار ستتمكن من ترك هذه العادة). وتوضح: (تعاطي الشيشة يكون الغرض منه التنفيس عن أشياء ومشاكل مكبوتة وتريد أن تفرغها بأي طريقة، لذلك نعتمد أسلوب الحوار لتتمكن البنت من مواجهة مشاكلها بصراحة). وأضافت: (بعض البنات يدخنّها بغرض التجربة لكن المشكلة أن إدمانها والتعود عليها يكون سريعاً مقارنة بالأصناف الأخرى وفي الماضي كانت تدخنها النساء العجائز وتحولت عند بعض الأجيال الصغيرة إلى عادة مكتسبة). وتشير “حباب” إلى أن هناك مفهوماً خاطئاً منتشراً وسط الطبقات البرجوازية مفاده أن التدخين يعد (برستيج)، وتعتقد أنها بذلك وصلت مرحلة عالية من الحرية وكأن المعادلة هي (أنا أدخن إذن أنا حرة)، لكنها مفاهيم خاطئة تحتاج إلى مراجعة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية