مسامرات
شباب زي الورد
محمد إبراهيم الحاج
{ أشرت في وقت سابق إلى المبادرات الشبابية التي يقودها شباب يتداعون وقت الأزمات الإنسانية المتناسلة والمتعددة التي تمسك بخاصرة البلد خريفاً أو صيفاً أو شتاءً.. خلال شهر رمضان الكريم أو في فترة الأعياد، فلا يكاد يمر شهر دون أن تتمطى الأزمات والكوارث الإنسانية ابتداءً بما يمارسه سماسرة الأزمات والرأسمالية الطفيلية التي تزيد عنت ومشقة الناس بالمضاربة في قوت الناس والشعب خلال الأزمات التي مرت بالبلد في الفترة السابقة مثل ظروف رمضان، وأزمة السيول والأمطار السابقة وما خلفتها من دمار وتشريد لقطاعات واسعة من أصقاع البلاد المختلفة، والأمراض المتكاثرة وعدم قدرة الأسر الفقيرة على تلبية حاجات المرضى الذين يكون غالبهم من الأطفال.
{ قلت إنه عندما يصمت الجهد الرسمي ويتوارى ويتقاعس عن أداء دوره الذي ندفع لأجله الضرائب صاغرين أو غير ذلك، فإن وجوهاً بيضاء من الشباب يتصدون لتلك المهام في صمت ودأب.. لا يهدفون إلى صيت أعلامي. .ولا مآرب ذاتية.. تحركهم الحاجات الإنسانية المتعددة التي لا تنتهي مع إطلالة كل صباح.. يسعون بموارد محدودة وإمكانات شحيحة إلى مسح دمعة من خد بلد لا تنتهي دموعه ومآسيه.
{ خلال الأزمات السابقة استنفرت المبادرات الشبابية وغيرها عضويتها التي تتكون أغلبها من شباب الجامعات إلى المساهمة في تغطية حاجات الفقراء والمعوزين في الأحياء الفقيرة الذين لا يجدون (لقمة عيش) تصلب عودهم.. أو قطعة قماش تمنع عنهم لفح الصقيع الجاف.
{ التقيت كثيراً من هؤلاء الشباب الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم ثلاثة وعشرون عاماً.. هم مثخنون بجراحات الوطن.. كما أنهم مثخنون بجراحاتهم الشخصية.. جراحاتهم التي هي عبارة عن أحلام مكلومة وموءودة في مهدها بالعمل والمستقبل الذي يتداعى أمام ناظريهم كل صباح.. ورغم ذلك يتسامون على جراحاتهم من أجل مسح جراح آخرين أكثر إلحاحاً.. لا يأبهون لحزمة الانتقادات التي تطالهم كل صباح من أن هؤلاء شباب متفلت و(مفلفل شعرو) و(ما عندو مسؤولية) دون أن يجلسوا معهم ويحاوروهم.
{ إن كان ثمة تغيير للأفضل فإنه مطبوع بهؤلاء الشباب الذين يهزمون كل الظروف المميتة ويعلنون عن أحلامهم في وطن معافى ومسنود بجهدهم وكثير من أحلامهم المقبورة عمداً.
} مسامرة أخيرة
{ جمهور مجموعة (عقد الجلاد) الغنائية.. معظمه من طلاب الجامعات والخريجين وكثير منهم يتميز بوعي كبير.. والفرقة التي تعدّت رُبع القرن عملت على ترسيخ (مبادئ) و(قيم) إنسانية ووطنية وثورية عبر امتداد مسيرتها الفنية.. لهذا استقطبت إليها (شباباً) (ثائراً) (جامحاً) يعمد إلى إحداث التغيير الوقتي.. ولعل الواقع الاجتماعي (الوردي) الذي تزينه المجموعة في أغانيها هو ما دفع أولئك الشباب للتحلّق حولها والاحتفاء بأغانيها الملتزمة تجاه قضايا وطنها.. أكثر الأغاني الناجحة التي رددتها المجموعة هي لـ”محجوب شريف” و”محمد طه القدال” المعروفين بميولهما الثورية.. وتعدّ أغانيهما المطلب الجماهيري في حفلات (العقد).
{ جمهور (عقد الجلاد)، ثائر (نازع نحو التغيير)، (جامح)، (صديق للفرقة الغنائية)، ولهذا فإنه سيكون (حائط الصد) الأول لكل ما يحيق بالفرقة من تقزم وشتات تعانيه حالياً.. وأعتقد أن المجموعة حال راهنت على جمهورها فإنه سيكون بمقدورها العودة مرة أخرى مثلما كانت وأقوى من ذلك بكثير، فقط يتبقى للفرقة أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي من جديد.. ووقتها لن يخذلها جمهورها أبداً.