"صلاح قوش".. الحل في العشاء الأخير!
بقلم – عادل عبده
الفريق أول “صلاح قوش” المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السابق، يطلق جرس الإنذار وبالصوت العالي حول الصيغة الصحيحة والمقبولة لقيام الإصلاح والتغيير في هيكلة وملامح المؤتمر الوطني والتي تتمثل في إمكانية إزاحة ومحاسبة المتقاعسين من رموز الإنقاذ القديمة الموجودين الآن في الحزب الحاكم، فضلاً عن القيادات الكبيرة التي ذهبت عن سلم القيادة، لكن ما زالت آثارها محسوسة في باحة الحزب، فالشاهد أن الفريق “قوش” يرى أن هؤلاء تكمن معالجة أوضاعهم في أن يعد لهم العشاء الأخير الذي يعتبر بمثابة معالجة معقولة لدورهم في صنع الإحباط والفشل في الحزب بحسب رؤيته، والذي انطلق إلى الشارع العام ويعتقد “قوش” بأن محاربتهم واجبة لقيام الإصلاح المطلوب ما داموا يقفون حجر عثرة في انطلاق الحزب إلى الأمام وعرقلة المجهودات الإيجابية على خطوات التقدُّم والبناء الحزبي.. والعشاء الأخير في رؤية “صلاح قوش” يعني نوع آخر من المعالجة والتروي يتمثَّل في مساعدة الرئيس “البشير” في منهجه الإستراتيجي القائم على المعالجات الجذرية والتغيير الفاعل في إطار زيادة فاعلية المؤتمر الوطني بوصفه حزباً متماسكاً وقوياً وحيوياً في قلوب قاعدته العريضة وصولجانه اللامع، بل إن العشاء الأخير يتضمَّن في ثناياه إشارات واضحة تؤكد بأن “قوش” لا يقصد الأشخاص من منطلق خصومة ذاتية، بل يتعمَّق في قضايا الإصلاح والمعالجات من زاوية الهموم العامة كصيغة معمول بها في حالة إخفاق عضوية الحزب في الإلمام بقواعد تطوير تنظيمهم.
من الواضح أن المؤتمر الوطني صار يفقد بريقه رويداً رويداً ولم يعد مارداً قوياً مثلما كان أيام سطوته، فقد اختلت موازينه إلى حد كبير وصارت توجد بداخله مراكز قوة تعمل لصالح نفوذها ومصالحها الذاتية، بل هنالك من يقول بأن المؤتمر الوطني ليس هو التنظيم السياسي الذي يدير الدولة بشكل ملموس في ظل قبضة العسكريين الإنقاذيين على السلطة.
ماذا قال “صلاح قوش” في شفافية مطلقة عن قيادات الوطني التي تعرقل بحسب رؤيته مسارات العمل السياسي في الحزب. في الفقرة (أ) يقول “صلاح قوش” : (الشاهد أن طرح الرئيس “البشير” عن الإصلاح لم يكن فجائياً لكننا حظينا بنافذين في الوطني ضد التطوير والتغيير الذي طرحه الرئيس)” “الانتباهة” بتاريخ 12/10/2017م”، الفقرة (ب) يقول “قوش” : (عندما طرح الإصلاح من جانب الوطني بوصفه حزباً كبيراً يضم قطاعات واسعة وموجودة في المدن والقرى، رأينا مظاهر ليست خافية على كل مراقب، حيث أن الشريحة النافذة في المؤتمر الوطني توقفت عن الحضور السياسي والثقافي في هذا المعترك، فلا هم أموات فيدفنون ولا هم أحياء سيدعون) ” “الانتباهة” بتاريخ 12/10/2017م”، الفقرة (ج) يقول “صلاح قوش” : (بأن انسحاب واختفاء قادة أساسيين في الإنقاذ تاركين خلفهم هذه التركة المثقلة يمكن أن يوصف بأنه أسوأ خاتمة لهم في كابينة القيادة) ” اليوم التالي بتاريخ 5/1/2014م”.
لا شك أن تلك الإفادات الشفافة التي انطلقت من “صلاح قوش” تدل على قناعات ثابتة في أن الأزمة المستفحلة في الوطني يقف وراءها هؤلاء القيادات المتقاعسين من المدنيين الإسلاميين وليس كلهم بالطبع، ومثل هذه الشهادة الحساسة تضع تلك القيادات في حكم التاريخ والمساءلة المعنوية إن لم نقل القانونية.. كيف يجعل هؤلاء حزباً كبيراً تتوافر فيه كل مقومات النجاح والانطلاق إلى ساحة مضادة للتطوير والمواكبة العصرية في عالم المسؤوليات السياسية والمجتمعية والتكتل في مواجهة مسارات قيادة الدولة.. ما قاله “قوش” يستحق الدراسة المتأنية والتأمل الشفيف فهو قد أرسل إشفاقاً مسؤولاً على حزبه من الزاوية الوجدانية والأخلاقية ووقف بلا مواربة مع خط الرئيس في مشهد تضامني ربما يكون له ما بعده.. شهادة “صلاح قوش” كانت صاعقة فجَّرت أسوار الصمت وقدحت أنوار الذاكرة وراهنت على إعداد العشاء الأخير كحل معقول لهؤلاء القادة المتقاعسين حتى يكون نقطة ارتكاز لبلوغ الإصلاح المنشود الذي يغلق صفحة الوهن.