رأي

مسامرات

إعلاميون وفضائيات
محمد إبراهيم الحاج
 
{ الإعلامي الكبير “حسين خوجلي” صاحب الكلمة الساحرة والمفردة (خاصته) والاتقاد الذهني الذي لا يفتر عن ابتكار الأفكار البرامجية التي ميزت فضائيته رغم (شح) مواردها المالية والتي غالباً ما تنقص من عمق الفكرة البرامجية، بدأ برنامجه بأن أثار ضجة كبيرة كونه يعتمد طوال زمن بثه على حضور “حسين” ولغته وحكاياته وسمره وقدرته على جذب الانتباه لحديثه، بالإضافة إلى جرأته وقوة طرحه للقضايا التي تتناولها الصحف، فأصبح (مع حسين) في بداياته توقيتاً مهماً لالتفاف الناس حول فضائية أم درمان.
{ نعم نجح البرنامج في بداياته نجاحاً ربما لم يكن يتوقعه “حسين” نفسه، ولكن خفت بريقه شيئاً فشيئاً، وهذا الخفوت كان بسبب العيوب التي لم يلتفت لها صاحب (ألوان) في بداياته.. ربما أغرته كثافة الإطراء والمتابعة العالية والرعايات التي كانت تنهال عليه.. أبرز تلك العيوب هو (أحادية) الطرح والتناول والنقاش لمعظم القضايا التي كان يثيرها.. ورغم أنه يمتلك قدرة مبهرة في الحديث- كما الكتابة- ونظراً عميقاً حيال كثير مما يثيره، إلا أن الاستئثار برأيه فقط دون إشراك آخر معه يقاسمه الفكرة والتحليل ظلت عيباً ملازماً لبرنامجه، فلا يمكن أن يناقش شخص واحد قضايا قومية واجتماعية وسياسية واقتصادية بذات التوهج يومياً.
{ توقعت أن يطور “حسين” فكرة برنامجه الناجح.. ويستعين بعدد من المنتجين والضيوف لكنه لم يفعل.. وأظنه حان أوان أن يعمد “حسين” إلى تغيير (جلد) البرنامج قبل أن يتشقق وتصبح محاولات إنعاشه قد فات أوانها.
{ نجح “الطاهر حسن التوم” في تطوير برنامجه الذي كان يقدمه في النيل الأزرق (حتى تكتمل الصورة)، وتحويله من برنامج يناقش في أغلب حلقاته القضايا السياسية والاقتصادية ذات الطابع النخبوي إلى برنامج يهتم أكثر بالقضايا الملحة سواء أكانت اقتصادية أو رياضية أو اجتماعية في (حال البلد)، ونجح إلى حد كبير في أن يجعله من البرامج المهمة في المحطات الفضائية السودانية، الذي يناقش بحرية أكبر كثيراً مما يستعصى طرحه على الفضائيات المملوكة للدولة.
{ يمكن لـ”الطاهر” أن يجعل برنامجه أكثر ديناميكية وأكثر التصاقاً بالواقع السوداني، وبالتالي البرنامج الأكثر تأثيراً في مجمل الحياة السودانية إذا عمل على أن يزيد فيه جرعة المهنية الإعلامية وأن يكون محايداً تجاه القضايا التي يناقشها.. على “الطاهر” أن يتحلل قليلاً من (جبة) الأيديولوجية الإسلامية التي تجعله ينحاز تلقائياً إلى قضايا من يناصرونه في الفكر، وبالتالي تميل كفته تلقائياً لصالح نصرة أفكاره وعمقه الأيديولوجي.. ليته يدرك أن بالإمكان أفضل مما كان.
{ تهدر “سلمى سيد” جهدها وعرقها في إنتاج برامج (ترفيهية) فقط.. برامج لا تقدم شخصيتها الإعلامية التي صبرت كثيراً على صقلها علماً وخبرة.. برامج يمكن لأي مذيع عادي أن يجعلها ناجحة.. وهذا الجهد الموسمي الذي تبذله “سلمى” في تقديم برامج (منوعات غنائية) لا تحتاج فيه إلى قدرات كبيرة و(مختلفة) كالتي تملكها.. ربما لا تطمح أكثر من أن تكون مقدمة برامج برتبة (مذيعة عادية) رغم أن بإمكانها تقديم برامج أكثر عمقاً وأكثر تأثيراً يتفق مع إمكاناتها.. “سلمى” قادرة على أن تقدم شكلاً إعلامياً مختلفاً، لكنها لا تريد ذلك.. تريد أن تحصر نفسها في البرامج الغنائية التوثيقية القديمة التي ليس لها ارتباط كبير بالواقع الآن.. كأنما تعشق أن تعيش في الماضي وتنفصل عن حاضرها.. أعتقد أنه يتعين على “سلمى” أن تكون أكثر طموحاً.. وتنقل تجربتها إلى أراضٍ جديدة.
} مسامرة أخيرة
دخّلني حبها في نفق ﻳﺎ ليلة ﺧﺎﻧﻘني ﺍﻷﺭﻕ
ﻧﺎﺩﻳﺘﺎ ﻣﻦ ﺟﻮﻑ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻋﻨﻚ ﻣﺎ ﻣﺮﻕ
ﻭﺭﻳﺘﺎ ﻋﺎﺷﻘﻚ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ أﺑﺪاً ﻣﺎ ﺻﺪﻕ
ﻗﻠﺖ ﻟﻴﻬﺎ ﻧﺎﻥ ﻭﻳن ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﺣﺒﺮﺍً ﻓﻲ ﻭﺭﻕ
“محمد أحمد الحبيب”

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية