مسامرات
“جورج ويّا”
محمد إبراهيم الحاج
{ يقدم نجم الكرة الليبيرية “جورج ويّا” درساً في كيفية أن يكون النجم ملهماً لشعبه ومشعلاً لحركة إيجابية لشعبه.{ بعد أن حقق نجومية مطلقة في كرة القدم وتربع على عرش الكرة العالمية وقدم أنموذجاً جيداً للمبدع في بلده وقارته أفريقيا، ها هو يمضي في ذات الطريق بأن يكون عنصراً إيجابياً في مجتمعه المحلي.
{ أصبح “جورج ويّا” اللاعب الوحيد في العالم الذي يمتلك ثلاثة ألقاب في موسم واحد وهو موسم 1995، بعد أن حصل على لقب أفضل لاعب في العالم، وأوروبا وأفريقيا.
{ “جورج ويّا” يصنف كونه واحداً من الثوريين الإنسانيين، ويشبهه البعض بكونه يلتقي في الكثير من التفاصيل مع ذلك المناضل الشهم “تشي غيفار” الذي كرس حياته لمقاومة الحماقات والبذاءات الأمريكية في العالم. لكن هناك فارقاً في أشياء كثيرة طبعاً، فـجورج ويّا” هو واحد من أحفاد الأفارقة الذين استعبد أجدادهم ورحلوا قسراً إلى القارة الأمريكية أو بريطانيا، وبعد مئات السنين أعيد ترحيل عشرات الآلاف منهم إلى ليبيريا بالضبط لكي تتحول إلى دولة خاصة بأحفاد العبيد القدامى.
{ في فرنسا كان جورج يجمع زملاءه من الأفارقة في منزله كل صباح، ليس من أجل النميمة أو لعب الورق، بل من أجل التحدث في شؤون بلدانهم وجمع التبرعات والمال لإرساله إلى فقراء وجوعى أفريقيا. وعندما ضربت الحرب الأهلية أفريقيا، فإنه كان في قلب الحدث ويخصص من ماله طائرة خاصة تنقل المنتخب الليبيري في ترحاله من أجل لعب إقصائيات كأس أفريقيا أو كأس العالم. لم يكن “ويّا” بهذا الكرم عندما أصبح غنياً فقط، بل إنه عندما كان في السادسة عشرة من عمره كان يبيع أكياس البلاستيك في السوق ويوفر بضعة دولارات ليساعد بها فريقه. ويذكر أنه قضى أياماً في العمل فجمع ستة عشر دولاراً فوضعها كلها في صندوق الفريق. عندما ذهب “ويّا” إلى فرنسا لم يكن يتكلم حرفاً واحداً بالفرنسية، لكنه كان يتكلم لغة أفضل على الملاعب. وعندما تعلم الفرنسية قليلاً كان يقول: (أريد أن أجمع الكثير من المال لكي أساعد بلدي).
{ وفي أتون الحرب الأهلية كان هذا اللاعب يأتي بصحافيين أجانب لكي يزوروا بلده ليبيريا ويطلعوا على حجم الحرب لكي يصل ذلك إلى عيون العالم الذي لا يبالي بمآسي الفقراء.. ربما لم يكن “ويّا” يطمح يوماً لكي يكون رئيساً، إنها غريزته فقط التي تشير عليه بما يجب أن يفعله، وربما أعطى الدليل قبل أن يصبح رئيساً أنه سيكون الرجل المناسب في المكان المناسب، لكنه فوق كل هذا وذاك سيكون نموذجاً رائعاً يجب أن يقتدي به أولئك الرياضيون الذين يلهثون وراء المال وضيعات البرتقال.
{ سيرة “جورج ويّا” نهديها إلى نجومنا الذين يسعون إلى مراكمة مكاسبهم الإعلامية والمالية دون أن يكون للمجتمع الذي ساهم في تلك النجومية نصيب منها.
{ رحلة وصول “ويّا” إلى كرسي رئاسة دولة أفريقيا تعج بالكثير من التحديات، وهو ما يجعل العالم ينظر له بترقب ليرى ما سيفعله نجم الكرة العالمية السابق وأفضل لاعب بها.
{ ترى هل نظر نجومنا إلى مسيرة “جورج ويّا”؟