تفاصيل مؤتمر صحفي بـ"الخرطوم".. "جوبا" تقرر إعادة ضخ نفطها عبر السودان فوراً
السفير الجنوبي: هناك استقرار بنسبة (80%) ونسعى لتبديل ثقافة العنف بالحوار
تقرير – ميعاد مبارك
في الوقت الذي يستعد رئيس جمهورية جنوب السودان “سلفا كير ميارديت” لزيارة الخرطوم، خلال اليومين القادمين، عقد سفير دولة جنوب السودان “ميان دوت” مؤتمراً صحفياً بمركز “طيبة بريس” أمس (السبت)، تحت عنوان “النفط والتعاون مع السودان”، تحدث خلاله باستفاضة عن الأوضاع في دولة جنوب السودان والعلاقات والتعاون المشترك بين جوبا والخرطوم، ولعل الإعلان الأبرز للسفير الجنوبي خلال المؤتمر الصحفي والذي يمثل نهاية لمرحلة خلافية أرّقت البلدين، هو إعلانه البدء في ضخ النفط الجنوبي عبر الأنابيب السودانية فوراً.
}إعلان بداية ضخ النفط
أعلن سفير دولة جنوب السودان “ميان دوت” خلال المؤتمر الصحفي عن بدء ضخ النفط الجنوبي عبر الأنابيب السودانية، وقال إن التعاون المشترك بين الدولتين ضروري ويعود بالفائدة على مواطني البلدين، مشيراً إلى أن إغلاق الحدود أدى إلى نشاط التهريب.
السفير أعلن كذلك عن فتح (5) معابر بين البلدين، (3) برية وواحد جوي وآخر بحري.
وأضاف: “نحن نتحدث ليس لفائدة دولة جنوب السودان فحسب، بل إن الخبراء يتحدثون عن أن السودان كان يجني أيام التعاون المشترك بين البلدين في البترول، حوالي 3 مليارات دولار سنوياً، وأن التجارة الحدودية إذا نشطت بين البلدين سيصل سقف السلع المستوردة لـ(173) سلعة يقولون إنها ربما توفر للسودان حوالي (6) مليارات دولار، أي ضعف عائدات الإيرادات بين الدولتين، فيما يلي مجال النفط”.
وقال السفير أيضاً إن السودان مستفيد كسوق من استيراد جوبا لتلك السلع منه، وعلق قائلاً (لو أردنا شراء بصلة من السودان، سنشتريها بالدولار”.
وأضاف “هنالك عدد من السلع المتوفرة في دولة جنوب السودان ويمكن تصديرها للشمال، منها الصمغ العربي والمهوجني والتك وعسل النحل والفواكه والمنتجات الزراعية المزروعة بدون تدخل كيميائي، والأسماك وغيرها من المنتجات).
}البنية التحتية للمعابر
“دوت” أقر أن البنية التحتية للمعابر ونقاط التبادل التجاري بين البلدين لم تجهز بعد، مشيراً إلى أن هنالك لجاناً واتصالات بين وزيري التجارة في البلدين بخصوص البنية التحتية لنقاط العبور (ميرم – أويل) و(هجليج – بانتيو) و(ربك-الرنك).
وقال السفير ليست هنالك شركات نفط جديدة عملت في جوبا بعد الانفصال، وإن سوق النفط الجنوبي مفتوح للشركات العاملة في المجال.
}استقرار “جوبا”
“دوت” قال إن الأوضاع مستقرة في دولة جنوب السودان بنسبة (80%)، وإن الجنوب تحت سيطرة الحكومة، والتمرد موجود فقط في منطقة “كومو” وجزيرة “بانجاك” وبعض تقاطعات الطرق، ولا وجود له في المدن الكبيرة، وأكد السفير الجنوبي أن الأمن متوفر للتجار السودانيين في جوبا وغيرهم من المستثمرين، وأن الاستقرار عموماً هو أساس التنمية.
وأضاف أن أبناء جنوب السودان الموجودين في معسكرات النازحين في جوبا وبانتيو وغيرها، بدأوا الرجوع إلى مناطقهم.
السفير أشار إلى أن الاستقرار شجع جوبا على إقامة مؤتمرات في جوبا للنفط والاستثمار خلال الفترة القادمة.
}الوصاية الدولية
أعلن “ميان دوت” رفض بلاده للوصاية الدولية، وقال معلقاً على ذلك (دا كلام بتاع باقان أموم ساي، بعد أن فشل في أن يصبح رئيساً ولن نقبل ذلك)، وأضاف (الانتخابات المبكرة مقترح لام كول وهو غير منطقي وغير مقبول و2018 موعد الانتخابات وهو ليس ببعيد)، مشدداً على ضرورة التغيير الديمقراطي.
ورد السفير علي اتهامهم للحركة الشعبية بالفشل، قائلاً: كلهم كانوا حركة شعبية، وأشار إلى مقولة متداولة عند الشعب الجنوبي، تقول (الحركة الشعبية إذا اختلفت تأكل أموال الناس، وإذا اتفقت تقتل الناس)!
وإن هنالك أصوات في جوبا تقول إن الحركة الشعبية ربما أقامت دولة جنوب السودان ولكن لم تنمها.
}إيقاد
“دوت” قال إن منظمة الإيقاد هي الجهة الوحيدة التي اتفقت دول الإقليم على أن تقف على ملف الاستقرار والسلام في دولة الجنوب، مشيراً إلى انعقاد مؤتمر للإيقاد قريباً، سيسأل فيه الجميع عن ما فعلوه.
والسفير قال إن من حق دكتور “رياك مشار” أن يدخل الانتخابات كمواطن من دولة الجنوب، ولو اختاره الشعب الجنوبي يصبح رئيساً، وقال إن “رياك” إذا أراد السلطة بالبندقية لن يحصل عليها، مشدداً على أن الخبراء في جوبا، قالوا إن الثقافة الموجودة في الحركة الشعبية، ثقافة عنف وسلاح وليست هنالك ثقافة حوار، ولذلك تسعى جوبا للحوار الوطني للخروج بشعب جنوب السودان من العنف.
وقال إن لجنة الحوار الوطني الجنوبي الجنوبي بدأت تحركاتها لجمع كل أبناء الجنوب حول طاولة الحوار، وإنهم جاءوا الخرطوم والتقوا “لام أكول” وذهبوا إلى جنوب أفريقيا لـ”مشار”، ولكنه رفض وأطراف أخرى في أديس ونيروبي، مشدداً على أن الصراع في جوبا ليس حول التنمية، وإنما حول السلطة في الحزب الحاكم، وأضاف كل الذين يحملون السلاح كانوا جزءاً من الحكومة ومسؤولين عن ما يحدث في جوبا من تأخر تنموي وليس “سلفا كير” وحده.
}المعاليا والرزيقات
وأضاف”دوت” (أكثر من 40% من مواطني دولة جنوب السودان، يعيشون في الولايات المتاخمة لدولة السودان، متأثرين بالثقافة والمنتجات الموجودة في السودان، وفي المقابل المسيرية والرزيقات في السودان يقضون 9 أشهر في دولة جنوب السودان، مشيراً إلى أن فتح الحدود يعني التبادل التجاري وحركة المواطنين بين البلدين، وأنه في النهاية يؤدي إلى الاستقرار).
السفير الجنوبي أكد أن السبب وراء الصراع بين المعاليا والرزيقات هو إغلاق الحدود بين الخرطوم وجوبا، وبرر ذلك قائلاً (شباب القبيلتين كانوا نشطين في التجارة والزراعة عبر حدود البلدين).
}الديون
“ميان دوت” قال إن البلدين اتفقا وفق اتفاقية التعاون المشترك على التحرك معاً لإقناع نادي باريس بإعفاء ديون السودان، مشيراً إلى أن مجموع الديون يبلغ حوالي (48) مليار دولار.
“دوت” أشار إلى المذكرة التي وقعها رئيسا البلدين في العام 2013 وكلفا خلالها وزيري خارجية البلدين والمسؤولين في القطاع الاقتصادي للتحرك في هذا الملف حول العالم.
السفير خلال مخاطبته المؤتمر الصحفي أكد عدم وجود أي ديون فيما يلي النفط، وقال إن الاتفاق بالموقع بين البلدين والذي نص على أن الجنوب الذي انفصل بأكثر من (70%) من عائداته النفطية، وحسب الاتفاقية، الجنوب يدفع للسودان (600) ألف برميل كل (60) يوماً، فضلاً عن (27) ألف برميل تذهب يومياً لأم دبيكرات في النيل الأبيض لإنتاج الكهرباء، مشيراً إلى أن إنتاج البترول في دولة جنوب السودان كان (350) ألف برميل، وانخفض إلى (130) ألف برميل فقط، خاصة بعد توقف عدد من آبار النفط، وانسحاب بعض الشركات العاملة في مجال النفط بسبب المشاكل الأمنية، وتوقع “ميان”زيادة في إنتاج النفط مستقبلاً.
}تأمين العاملين في مجال النفط
السفير أشار إلى أن (9) اتفاقات مشتركة بين البلدين تمنع دعم الحركات المسلحة في البلدين، مؤكداً على أن اللجان الأمنية المشتركة بين البلدين اتفقت على تأمين العاملين في مجال النفط وأن البلدين اتفقا أن يكون مكان استقرار العمال في هجليج لتوفر البنية التحتية هناك، ومنها يتحركون إلى ولاية الوحدة التي لا تبعد أكثر من (20) دقيقة بالسيارة.
}إستراتيجية الجنوب
السفير أشار إلى أن توجه جوبا الإستراتيجي هو البحث عن عدة حلول، مشيراً إلى دراسات سابقة حول نقل النفط عبر كينيا وجيبوتي وغيرها، وأن هنالك عدداً من الآبار النفطية لم تبدأ إنتاج النفط بعد، مشيراً إلى أن جوبا لم تتعرض لأي ضغوط لضخ النفط عبر بلد بعينه.
وأضاف (أن الأمان واحد من الأسباب التي تجعل جوبا تختار عبور النفط عبر الأنابيب السودانية).
وقال إن جوبا لا تدري إن كانت ستنضم إلى “أوبك” بعد، لأن هنالك شروطاً للانضمام وإنتاجها النفطي أقل بكثير من دول المنظمة.
}الجنوبيون والتجارة
“ميان دوت” أقر بأن مواطني دولة جنوب السودان لا يجيدون مهنة التجارة، وأضاف قائلاً (أبناء السودان ينشطون في التجارة في الأسواق الجنوبية)، مشيراً إلى أن عدداً من الشركات السودانية تعمل في مجال الكهرباء في جوبا، وأن المجال مفتوح للشركات العاملة في النفط للمنافسة في سوق العمل هناك.
}التعاون العسكري مع “القاهرة”
سخر السفير الجنوبي مما يتم تداوله من أخبار حول التعاون العسكري بين جوبا والقاهرة، وقال إن جوبا تتعاون مع الجميع في كل المجالات ومن حقها ذلك ولديها علاقات أمنية وتعاون عسكري مع دول عديدة ليست القاهرة فقط، وإنما السعودية ويوغندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول، مشيراً إلى أن الغرض من تلك الأخبار التي وصفها بالمفبركة، هو تعكير جو الاجتماعات التي تمت بين الخرطوم وجوبا.
وزاد “السودان لديه علاقات وتعاون مشترك مع مصر، ولكن جوبا إذا تعاونت مع القاهرة (بحصل كوراك)”.
}الخرطوم العمود الفقري لـ”جوبا”
“ميان دوت” أقر بأن (98%) من الاقتصاد الجنوبي يعتمد على العائدات النفطية المرتبطة بالتعاون المشترك مع الخرطوم، مشيراً إلى ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة بين البلدين، وأضاف أن عودة التعاون الاقتصادي بين جوبا والخرطوم لا يعني أن جوبا فشلت اقتصادياً، ولكن المصالح المشتركة تقتضي ذلك، مشيراً إلى أن مرور (98%) من بترول جوبا عبر السودان يلزمها بعلاقات جيدة مع الخرطوم، لأنه يمثل العمود الفقري بالنسبة لها.
وأضاف (أن جوبا لديها تجارة مشتركة وعلاقات جيدة مع عدة دول أفريقية وأنها تسعى للتعاون مع الجميع).
وأشار السفير إلى أن هنالك لجاناً فنية تعمل على حصر الخسائر التي حدثت حتى الآن بسبب وقف ضخ النفط.