بعد ومسافة
في انتظار القرار!
مصطفى أبو العزائم
أيام قليلة جداً ويصدر قرار الإدارة الأمريكية بشأن الحظر المفروض على السودان بالإلغاء أو الإبقاء أو ربما بالإلغاء المشروط، وهذا الأخير لا يتحسب له الناس، وإن كانت كل المؤشرات تشير إلى أن إلغاء العقوبات الأمريكية على بلادنا بات وشيكاً، وكان لذلك مقدمات مثل قرار الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” بالسماح للسودانيين بدخول الولايات المتحدة الأمريكية، ثم الإعلان رسمياً عن إلغاء كل القيود الخاصة بالتحويلات المالية للسودان، ولكن هل سيتم إلغاء العقوبات كلياً أم ستكون هناك اشتراطات أو رقابة على مستوى التزام الحكومة السودانية وتنفيذها كل ما تم الاتفاق عليه بشأن المسارات الخمسة؟
نعم.. هذا هو السؤال، ولكن الإجابة عليه ستظل في باطن الغيب، لأن اتخاذ مثل هذا القرار سيكون بيد الرئيس الأمريكي شخصياً، فالمؤسسات هناك توصي فقط ولا تملك حق اتخاذ القرار، لذلك نجد أن هذا الموضوع سيطر تماماً على عدد من مداولات كثير من أعضاء المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة التي تضم ساسة وخبراء وباحثين وأهل صحافة وإعلام، ربما يكون أبرزها مجموعات مثل (منتدى الزوارق) أو (صحافة وسياسة) أو (صحفيين) أو مجموعات الـ(VIP) بشقيها العادي والسيوبر، وبقية المجموعات، وكان ملفتاً الاهتمام الزائد بالأمر في منتدى (قضايا إعلامية) الذي يضم مجموعة من الصحفيين والإعلاميين وبعض الأكاديميين، وهي مجموعة يشرف عليها أربعة مشرفين ببراعة واقتدار، وقد تنامى الاهتمام بموضوع العقوبات الأمريكية عقب رفع نسخة من خطاب الرئيس الأمريكي.. “رونالد ترمب” بصيغة البي دي إف (P.D.F)، وهذه الحروف الثلاثة كما يعلم الجميع إنما هي اختصار للوصف (Portable Document Format) أو ما يسمى بتنسيق المستندات المحمولة، والذي يتميز بأنه يجمع كل العناصر الداخلة في تركيب الملف مثل الخطوط والصور والأجسام الرسومية داخل ملف واحد.
وكان خطاب الرئيس الأمريكي موجهاً إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان بالكونغرس الأمريكي، وفيه – أي الخطاب – يفصح “ترمب” عن اتجاه إدارته نحو رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، ومع تأكيده على السعي لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي سماها لأول مرة، وقال إن قضايا السلام ووقف الحرب ستكون هي المؤشر والمعيار الحقيقي لتقييم العلاقة بين واشنطن والخرطوم.
مع استرسالنا في تشريح الحالة الأمريكية السودانية، ومحاولتنا لاستقراء النتائج من خلال المعطيات التي تقف بوضوح أمام كل ساعٍ لدراسة الأوضاع، لا بد لنا من أن نشيد بدول شقيقة كان لها الدور العظيم في رفع العقوبات – إن تم رفعها – ونقصد دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، خاصة وأن صحيفة (الإندبندت) البريطانية نشرت مؤخراً أن قرار الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” بإزالة اسم السودان من قائمة الدول المشمولة بمرسومه الخاص بالهجرة، جاء تحت ضغط قوي من قبل الإمارات العربية المتحدة.
ولا بد لنا من الإشادة بالجولة الطويلة – عميقة الأثر – التي بدأت قبل أسابيع لوزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية لترؤس وفد السودان المشارك في اجتماعات الدورة (72) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، والتي قدّم خلالها خطاباً قوياً أمام الجمعية العامة، والتقى على هامش اجتماعاتها بنظرائه من الدول الصديقة والشقيقة، وبالأمين العام للأمم المتحدة وعدد من مساعديه، مع مشاركته في اجتماعات رفيعة المستوى حول جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وعمليات حفظ السلام والعائد الديمغرافي في أفريقيا.
وكان هناك جانب آخر مهم ومشرق في زيارة وزير الخارجية، وهو عقده لعدد من اللقاءات مع مسؤولين أمريكيين كبار مثل نائب وزير الخارجية ومدير مكتب المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان، ليتحرك اليوم (الجمعة) التاسع والعشرين من سبتمبر، إلى العاصمة البلجيكية (بروكسل) للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الإيقاد (الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) مع الاتحاد الأوروبي.
أمنياتنا القلبية ودعواتنا الصادقة أن يتم رفع هذه العقوبات الظالمة عن بلادنا.. وعوداً حميداً لرجل الدبلوماسية الأول بروفيسور “غندور” وشكراً جزيلاً لدولة الإمارات العربية المتحدة وللمملكة العربية السعودية.. ونسأل الله تعالى في هذا اليوم المبارك، باسمه الأعظم الأحب إليه أن يجعلنا في هذه الدنيا من المقبولين ومن السبّاقين إلى الدرجات العُلى، ولا يجعلنا من القانطين وألا يمنع رحمته عنا.. إنه سميع مجيب.. آمين.. و.. جمعة مباركة