شهادتي لله

جرعة إضافية من (الكبرياء)

{ ما الذي سيحدث لو أن مجلس الأمن فرض عقوبات على السودان بسبب عدم الاتفاق مع دولة الجنوب على القضايا العالقة.. هل سيتحقق السلام ويتعزز الأمن على حدود البلدين الممتدة على أكثر من (ألف) كيلومتر؟!
{ الإجابة بالتأكيد (لا)..  لن يتحقق السلام ولن تهدأ جبهة الحرب بين البلدين، بل سيشتد سعيرها، وستمتد إلى داخل حدود دولة الجنوب، سواء أفرض مجلس “سوزان رايس” عقوبات على الدولتين، أم على السودان وحده، لعدم التزامه بما تسمى خريطة الاتحاد الأفريقي، أو إذا قرر فرض (حلول قهرية) يقترحها “أمبيكي” بنهاية المهلة المحددة بالثاني والعشرين من شهر سبتمبر الجاري.
{ وساطة جنوب الأفريقي “ثابو أمبيكي” والإريتري “هايلي منكريوس” بدلاً من أن تعمل على تقريب الشقة بين الطرفين، باعدت بين المواقف، وإن بدا للجميع غير ذلك!!
{ ماهي المشكلة الآن والعقبة الكؤود على طاولة المفاوضات في “شيراتون أديس أبابا”؟
المشكلة صنعها “أمبيكي” – نفسه – عندما قدم لمجلس الأمن خريطة (باغت بها وفد السودان) ضم بموجبها منطقة (الميل 14) أو (سماحة) لدولة جنوب السودان لتكون (لغماً) مزروعاً بعناية ودراية في طريق المفاوضات!! ثم يتدخل (زارع اللغم) – لاحقاً – مقترحاً جعل المنطقة من بين المناطق المتنازع عليها منزوعة السلاح، أو ما يسمى الحزام العازل!!
{ وبعد ذلك، وقبله، يتحدث البعض في حكومة السودان عن (ثقة الرئيس البشير) في الوسيط الأفريقي (الأمريكي) الرئيس المتقاعد “ثابو أمبيكي”، ويحدثنا أحد سفراء الخارجية السودانية أنه عند زيارته لجنوب أفريقيا وجد أن البعض هناك يعتبر “أمبيكي” منحازاً للسودان!! الانحياز الواضح جداً في خريطته التي صارت هي الشيء الوحيد الذي يتمسك به وفد الجنوب في مفاوضات “الشيراتون”!!
{ أما السيد “منكريوس”، فقد كان سفيراً لإريتريا لدى إثيوبيا ومبعوثها إلى الصومال، ثم مندوباً دائماً لها في الأمم المتحدة، قبل أن يلتقطه (الأمميون) من دهاليز وردهات المبنى الشاهق العريق في “نيويورك”، ليترك الخدمة في بلاط الرئيس “أسياس أفورقي” متفرغاً لخدمة أجندة (الكبار) – أصحاب الفيتو – في المنظمة الدولية، مسؤولاً عن القسم الأفريقي، ثم مساعداً للأمين العام للشؤون السياسية، ثم مبعوثاً إلى الكنغو، وزيمبابوي بعد أخذ إذن الرئيس “موغابي”، إلى أن تم تعيينه مبعوثاً إلى السودان وجنوب السودان في فبراير من العام (2010)، لتبدأ حلقة جديدة في مسلسل (الاتفاقيات الملغومة) المرسومة في رئاسة وزارة الخارجية الأمريكية.
{ “منكريوس” يسعى إلى توريط حكومة السودان – متواطئاً مع (قطاع الشمال) – لتصوير الحكومة في موقف (المعرقل) للاتفاق الثلاثي لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين في جبال النوبة!!
{ والحقيقة أن المساعدات المزعومة ما هي إلا فتح منافذ وتوسيع مناطق تمدد مليشيات التمرد التابعة للجيش الشعبي في جنوب كردفان، تماماً كما حدث في دارفور. وفي بطن طائرة الأمم المتحدة الشهيرة تم نقل المتمرد “سليمان جاموس” قبل نحو أربع سنوات من شمال دارفور إلى “كادوقلي”، حيث المستشفى التابع لقوات حفظ السلام الأممية، ومنها إلى “نيروبي”، وما أدراك ما “نيروبي”.
{ وتأريخ المساعدات الإنسانية وممراتها (الآمنة) معلوم ومحفور في عمق (المؤامرة الأممية) في السودان، قبل أن يغادر “منكريوس” بلاط “أفورقي” الرئيس الصارم.. الحاسم.. الذي أمر من قبل بطرد قوات الأمم المتحدة من الحدود الإريترية.
{ “منكريوس” لا يستطيع أن يفكر – مجرد تفكير – في طرح مقترحات، ولو باسم الأمم المتحدة، تمس السيادة أو تجرح خاطر الرئاسة الإريترية، ليس لأنه إريتري، بل لأنه يعرف عاقبة ذلك عليه – شخصياً – وعلى رئيسه المباشر، ثم لأنه يدري أن “أفورقي” سيسفه محاولات (حشر الأنف الأممية) في الشأن الداخلي للدولة الصغيرة الفقيرة التي لا تملك (برميلاً) واحداً من النفط، ولا برجاً واحداً للرئاسة، ولا لوزارة العدل، أو وزارة الدفاع!! رأيت”أفورقي” ينتعل (شبطاً) وصالونه الرئاسي أقل فخامة من صالون أي (معتمد) في محلية في ولاية الخرطوم!!
{ نحتاج جرعة إضافية من عقار (الكبرياء الوطنية).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية