عضو مجلس الولايات عضو القطاع الاقتصادي بالوطني العميد "صلاح كرار" في حوار مع (المجهر)
إن لم يتم إصلاح اقتصادي جذري فالحكومة ستسقط في هذا العام !
على المسؤول السياسي الأول أن يلتفت إلى رأي الاقتصاديين وليس رأي “حمدي” فقط !!
تصريحات وزير الإعلام وراؤها أجندة وهي ليست زلة لسان!
تحرير الجنيه لا يكون في مثل ظروف اقتصادنا وإنما يتم في اقتصاد متوازن !
حوار – سوسن يس
يختلف الناس في تقييم الوضع السياسي الراهن، فبعض المراقبين يعتقدون أن تطبيق مخرجات الحوار الوطني بعد أن تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني يمكن أن يقود إلى استقرار سياسي على ضوء توسيع دائرة المشاركة، فيما يرى آخرون أن الوضع يمضي إلى تعقيدات نتيجة لتفاقم الأوضاع الاقتصادية بعد تمديد فترة رفع العقوبات. وعلى المستوى الإقليمي هناك إشكالات أصبحت تلقي بظلالها على أوضاع البلاد وتؤثر في سياساتها الداخلية.
)المجهر) حاولت قراءة الوضع السياسي الحالي بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني والتطورات التي يمكن أن تحدث نتيجة المعطيات الداخلية والخارجية، فجلست مع عميد بحري معاش “صلاح كرار”.. وهو شخصية معروفة، وكان عضواً بمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وتقلد في بداية الثورة منصب وزير النقل والمواصلات والطاقة والتعدين إلى جانب مناصب أخرى.. جلست معه في حوار تناول الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة وتوقعاته للمستقبل.. فإلى إفاداته..
{كيف ينظر العميد “صلاح كرار” إلى مخرجات الحوار الوطني التي تمخضت عنها حكومة الوفاق الوطني؟
– أنا كنت استبشرت خيراً عندما طرحت مبادرة الحوار الوطني، لكن للأسف الشديد مخرجات الحوار رغم أنها جميلة جداً لكن لا أرى أنها ستنفذ. وحتى بالنسبة لتشكيل الحكومة الحالية أنا أرى أنها ليست هي الحكومة التي تستطيع أن تنقل السودان النقلة التي كان يؤمل فيها، وعدنا إلى نفس النقطة الاتحادي (الأصل) والاتحادي (المسجل) والحركات التي جاءت تعبانة ومرهقة تبحث عن كرسي (لتاخد نفسها فيه) .. لذلك أنا لست متفائلاً في أنه في ما تبقى من سنتين ونصف ستخرج هذه الحكومة السودان من ما هو فيه. كان ينبغي أن تشكل حكومة فنيين ينظر في تشكيلها ليس إلى الانتماء السياسي وإنما إلى الكفاءة والقدرة. فالآن هذه حكومة محاصصات قبلية وجهوية وأنا لا أرى أن هناك فرقاً كبيراً بين الحكومة ما قبل الحوار والحكومة الحالية.
{ كيف تقيم أداء مسؤوليها وحركتهم في خلال هذه الفترة التي مضت؟
– أنا أريد أن أقول لك إنه ومن بعد المفاصلة من بداية الألفية ومن بعدها أصبح يختار لكل موقع الشخص غير المناسب. بعد المفاصلة أصبح الصقور أو مجموعة الرئيس هم الذين يديرون الدولة يعني الحزب ما عاد يدير شيئاً. الحزب ضعيف جداً ولا دور له ولا تأثير له في الساحة السياسية.
يعني ظاهرة “طه” تدل على أن هؤلاء هم الضعفاء، الفساد الحادث في هذه البلد يدل على أن هؤلاء هم الضعفاء وأصبح الناس يعملون لتحقيق تطلعاتهم الشخصية، لذلك ظهرت كل هذه البلاوي – التي لن يحقق فيها ولن يحاسب فيها أحد، يعني مسألة وكيل وزارة العدل حينما كان مديراً للأراضي (صفر مافي زول عمل فيها حاجة ولا في زول عارف عنها حاجة)، قضية الأراضي في مكتب الوالي السابق والفساد الذي حدث، ماتت القضية مع موت “غسان”. شوفي خط “هيثرو” وضياع (سودانير) وضياع (سودان لاين) .. الانهيار الذي حدث في كثير من المرافق حدث بسبب الفساد، لا تحقيق ولا محاسبة ولا غيره. الفساد الظاهر في هذه البلد لا يختلف عليه اثنان، (الشحاذ الموجود في الشارع دا عارفه) .. ولا أحد يقوم بأي جهد في إزالته .. لماذا ؟ لأن الفساد أصبح مؤسسة وليس فساد أفراد، فساد مؤسسة كاملة كالسرطان إذا هبشت منه جزءاً فسينتشر في كل مكان .
قضية “طه” مثلاً، الآن الشعب السوداني يعرف عنها كل شيء.
والآن تصريحات وزير الإعلام هذه أنا أفتكر أنها ليست زلة لسان .. بل فيها غرض وفيها أجندة، سواء أكانت أجندة شخصية أو أجندة في إطار الأزمة الموجودة في الخليج . لكنها تصريحات لا تشبه وزير إعلام .. وزير الإعلام ليس هو الشخص الذي يرتكب مثل هذا الخطأ، لذلك هناك علامات استفهام كثيرة جداً تحت هذا الخطأ. فشخص يحتل موقع نائب رئيس وزراء وناطق رسمي ووزير إعلام لفترة طويلة جداً، وسبق أن صرح ضد هذه التصريحات التي صرح بها، في سد النهضة وفي موضوع المساعدات العسكرية التي قدمتها مصر للتمرد مؤخراً، فعندما يذهب بعد كل هذا ويصرح مثل هذا التصريح فهذا يعني أن هناك علامات استفهام كبيرة جداً حول هذا التصريح. هذا ليس مجرد خطأ وإنما هناك أجندة شخصية أو أجندة أخرى.
{ المشكلة الاقتصادية تفاقمت والجنيه السوداني ينهار يوماً بعد يوم فكيف السبيل إلى الإصلاح الاقتصادي ؟؟
-هذا الكلام أنا قلته في 2016 كتبت ورقة قلت فيها إن لم يتم إصلاح اقتصادي جذري فإن حكومة الإنقاذ ستسقط في 2017 وما زلت على قناعة بذلك .. لماذا ؟ قلت أولاً الآن البرنامج الخماسي في وادٍ والحكومة في وادٍ، البرنامج الخماسي مرت عليه الآن 3 سنوات ولم يحقق شيئاً لأنه يقوم على سياسة الإنتاج والإنتاجية، ولا زاد الإنتاج ولا زادت الإنتاجية في الفدان، وقلت إنه إذا أردنا اليوم أن نعمل إصلاحاً جذرياً فعلى الدولة أن تقلل من المصروفات، وحددت القطاعات التي علينا أن نخفض مصروفاتها. أولاً الأمن والشرطة والجيش نستطيع أن نخفض من مصروفاتها (25%) سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات إلى أن يعتدل الاقتصاد.
وفي الخارجية نحن إلى اليوم نقوم كل يوم بفتح سفارة جديدة في بلد .. في مصر هذه عندنا سفيران .. (واحد قاعد في الجامعة العربية البكماء دي الما بتعمل حاجة دي سفير بكل إصطافه ، وآخر “عبد المحمود” قاعد في السفارة سفير للدولة .. فما الداعي لذلك ؟) .. في “أديس أبابا” عندنا مليون نفر !!
علينا أن نخفض السفارات وإذا لم أخفض السفارات فعلى هذه السفارات أن تقوم هي بإدارة المشاركة في المؤتمرات الخارجية. ( مافي زول يطلع .. سفر ما في) لا لاجتماعات الجامعة العربية ولا لاجتماعات “أديس” أو الإيقاد وبالتالي سنخفض المصروفات .
ثانياً نحن لدينا مشكلة في النقد الأجنبي .. صادراتنا أقل بكثير جداً من وارداتنا، هناك فجوة 2 مليار دولار. هذه الاتنين مليون دولار من أين تأتي . تأتي من السوق الأسود .. يقول لك استيراد بدون قيمة فماذا يعني الاستيراد بدون قيمة؟ (مثلاً عندي احتياج لمصنع أو لشيء فأقوم بإدخاله من برة لكن ما يقولوا لي جبت الدولار من وين) .. القيمة nil يعني بدون قيمة من السوق الأسود. ولذلك الدولار يرتفع لأن هناك طلب على 2 مليار دولار يفترض أن تتوفر من السوق الأسود والسوق الأسود عرض وطلب، يجتمع التجار ويتفقوا على عمل شح حتى يرتفع السعر فتضطر تشتري وتتآكل ميزانيتك.
وأعطيك مثالاً حياً على ذلك: إذا كان التأمين الصحي قائماً على سياسة أن الدولار في ميزانيتي يساوي 14 ج وفجأة ارتفع الدولار وأصبح 16 ج ما الذي سيحدث؟ ما سيحدث هو أن الأموال المرصودة لدى التأمين الصحي لشراء الأدوية التي يشملها التأمين والتي تباع للمواطن بتخفيض 75%، أصبحت غير كافية لشراء الأدوية فما الذي يفعله التأمين الصحي في هذه الحالة؟ يقوم بتخفيض الأدوية مثلاً من 10 أصناف من الأدوية إلى 4 أصناف ويقول لك (هذا لا يشمله التأمين، أمشي اشتريهو من السوق) .. لماذا؟ لأنه لا يملك له ميزانية. فارتفاع سعر الصرف يؤثر على قطاعات كثيرة جداً .
– وللأسف الحكومة تقول (عايزين نرفع الدعم وهو ما في دعم !!).. قلنا لهم الأفضل أن تسموها ضريبة إضافية .. قولوا نريد أن نعمل ضريبة إضافية على الخبز، على اسطوانة الغاز التي ارتفع سعرها لـ 150، على جالون الجاز والبنزين لكن لا تقولوا نرفع الدعم ! ( ياخي السلع دي زماااان اترفع منها الدعم .. فخليكم صادقين مع الشعب السوداني قولوا يا خوانا مافي دعم لكن عايزين ضرايب إضافية عشان نعمل بيها كذا وكذا)..
فلذلك على السياسي المسؤول الأول الرئيس ونائبه وعلى الحكومة أن يلتفتوا إلى رأي الاقتصاديين، وليس إلى رأي “حمدي” ! فحمدي للأسف الشديد يقول كلاماً غير واقعي .. تحرير الجنيه لا يتم إلا في اقتصاد متوازن، عندما تتساوى صادراتي مع مصروفاتي في النقد الأجنبي .. فإذا كنت بحاجة إلى 7 مليارات دولار في اللحظة التي يكون عندي فيها 7 مليارات من صادراتي مضمونة أقول والله يا جماعة الآن الدولار حر. لأني في هذه الحالة سأدفع للدواء و دولار الدواء وسأدفع للبترول بالسعر الذي حددته أنا وسأدفع لكذا وكذا .. وبعد ذلك إذا كان هناك من يريد أن يذهب إلى الحج مثلاً ويريد أن يشتري الدولار بـ20 أو بأكثر (فأنا مالي وماله فهو سيدفعها من جيبه هو فأي شخص يستطيع أن يدخل يده في جيبه ويشتري من السوق الأسود أنا ما فارقة معاي) لذلك أنا ممكن أحرر الجنيه السوداني وأعومه، وتعويم أو تحرير كلها معانٍ واحدة.