بسطاء ولكن كرماء جداً.. حكايات سودانية (غير قابلة للنفي)
سبعيني يعطر المسجد والمصلين يومياً.. وآخر يداوم على نظافة شارع بيته كل صباح.. وبائع خضار يوزع (ما تبقى) منه على الفقراء
الديوان – خالد الفاضل
يرفض المعدن الأصيل للشعب السوداني أن يخبو أو يعلوه الصدأ رغم المعاناة وشظف العيش وقسوة الظروف، وما زالت روح العطاء وبذل المحبة للآخرين تنبض بقوة.. وكم من القصص والحكايات التي تهتز لها القلوب لأناس يبذلون الخير بكل حب ولا ينتظرون مقابلاً.. أناس عاديون بسطاء فقراء لكنهم كرماء وإنسانيون جداً.. في هذه المساحة نسرد لكم مجموعة من هذه القصص، سردها علينا شهود عيان عليها لنقول من خلالها إن (الدنيا لسه بخير).
{ مسجد بحري الكبير
في مسجد بحري الكبير رجل بسيط يحضر يومياً إلى المسجد، ويقوم بوضع قطع صغيرة من الصابون على وضايات المسجد يستخدمها المصلون لتطهير أيديهم.. تمر الأيام والشهور وهذا الرجل لا ينقطع عن هذه العادة يقوم بها في هدوء ودون أن يلحظه أحد ويحكي أحد رواد المسجد أنه لم ير هذا الرجل بالرغم من أنه يداوم على الصلاة في هذا المسجد لكل الصلوات.
وأيضا في مسجد أم درمان الكبير، يوجد شيخ سبعيني يقوم بتعطير المصلين لحظة وقوفهم لأداء صلاة (الجمعة).
{ خبز وحياء
هذه قصة يحكيها صاحب مخبز بمحطة الرومي الثورة أم درمان ويقول: (منذ أن بدأت مبادرة “اشتر خبز لك ولغيرك” يحضر إلى المخبز يومياً شيخ سبعيني ويشتري خبزاً بعشرين جنيهاً ويقوم بنفسه بتوزيعه على الأكياس ويطلب مني وضعه في المكان المخصص ليأخذه المحتاجون).. ويضيف إن هناك امرأة رقيقة الحال تحضر يومياً وتعطيني عشرة جنيهات تأخذ لنفسها خبزاً بسبعة جنيهات وتترك ثلاثة جنيهات للمحتاجين.. ويواصل صاحب المخبز: (ما يؤثر فيّ جداً هو حال أشخاص محتاجين لكن يمنعهم الحياء أن يأخذوا من الخبز الذي نضعه على باب المخزن صدقة).. ويقول: (في إحدى المرات لاحظت شيخاً كبيراً يقف بتردد أمام المخبز يتقدم ثم يعود أدراجه، وظل على هذا الحال لوقت طويل فعرفت أنه يتحرج من أخذ الخبز فتراجعت من موقعي أمام نافذة البيع إلى داخل المخبز وبعد دقائق عدت لأجد أنه أخذ كيساً من الخبز ومضى).
{ عطور وتمر
وفي سوق أم درمان يجوب رجل أربعيني بسيط تدل ملابسه على أنه من المتصوفة، يجوب أنحاء السوق يوزع التمر على كل من يصادفه في الطريق وفوق ذلك ينفحك برشة من عطر زكي يحمله في يده.. وحسب شهود عيان في السوق فإن هذا الرجل يقوم بهذا الفعل منذ سنوات دون انقطاع).
{ نظافة
في أحد أحياء الثورة بمدينة أم درمان حكى لنا شاهد عيان عن رجل يستيقظ في الصباح الباكر لينظف الشارع الذي يقطن فيه من أوله إلى آخره، وقد عرف بحرصه على مساعدة جيرانه في كل عمل صغير أو كبير، ويخبرنا شاهد العيان أنه وحسب ما سمع فإن هذا الرجل كان يحتل رتبة رفيعة في إحدى القوات النظامية.
{ شاي وورنيش
“محمد الأمين” تاجر بسوق أم درمان حكى لنا قصة عجيبة لصديقه الذي رفض أن يفصح عن اسمه، وقال: (هو صديقي منذ سنوات طويلة وظللت طوال هذه السنوات أتعجب من كثرة تردد صاحبي على بائعات الشاي وماسحي الأحذية، ويصدف أن نكون معاً طوال اليوم ويدعوني لشرب الشاي والقهوة لأكثر من عشر مرات في أماكن مختلفة وبعد إصرار وإلحاح مني لمعرفة سر هذه العادة أقر بأنه يفعل ذلك لمساعدة هؤلاء النسوة اللائي أجبرتهن الظروف على هذا العمل الشاق من أجل تربية أبنائهن)، وأضاف إنه يفعل ذلك مع ماسحي الأحذية، فلم يحدث أن مر علينا ماسح أحذية في أي مكان إلا ويسارع صديقي هذا بخلع حذائه وإعطاءه له لتلميعه حتى ولو كان قد لمعه قبل دقائق).
{ بائع خضار
وهذه قصة بائع الخضار حكاها لنا أحدهم ويقول: (هو بائع خضار يعمل بملجة السوق الشعبي ويحمل في آخر اليوم ما تبقى له من خضار ويقوم بتوزيعه على الفقراء من جيرانه في الحي).