"حميدتي".. (عذبتنا)
{ آخر القادة الكبار في حركة تحرير السودان المتمردة في دارفور ممن نفضوا أياديهم عن التمرد بمحض الإرادة والقناعة أو بالنزول للواقع والاستسلام مرغماً هو القائد (إسماعيل) الشهير بـ(أبو ندلك) بعد فراره من منطقة (عين سيرو) في رمضان الماضي، ورؤيته لقوات لا قبل له بها تدخل المنطقة الحصينة من عدة طرق ولم يجد القائد (أبو ندلك) غير تدمير عربات اللاندكروزر التي كان يقاتل بها.. لأن السلاح الذي بيد المقاتل يصبح في لحظة ما عبئاً على صاحبه والخلاص من السلاح قد يفضي إلى الخلاص (الذاتي).. ولاذ (أبو ندلك) بكهوف جبال عين سيرو الوعرة متنقلاً على أقدامه من جبل لآخر في انتظار أن يأتيه الإنقاذ من “مناوي” و”عبد الواحد” ولكن قوات القائد “حميدتي” قد بسطت ذراعيها ونشرت مقاتليها في كل البلدات والمفازات، ومن المفارقات أن القائد العسكري الذي كان يقود قوات الدعم السريع لاقتحام جبال عين سيرو كان حتى سنوات قليلة ماضية يقود قوات التمرد في ذات المنطقة وأن (أبو ندلك) الذي فر من مواجهته كان واحداً من ضباطه المخلصين.. ذلك هو العقيد “حميدين بشر” الذي وقع اتفاق أنجمينا الأمني ووضع فيه “حميدتي” ثقته وأصبح اليوم من قادة الدعم السريع و”حميدين بشر” من قبل قبيلة الزغاوة ومن قدامى المقاتلين في صفوف حركات التمرد.. ولكنه اليوم مقاتل بإخلاص في الصف الوطني مع القائد “حميدتي”.. وتلك شهادة في حق قوات الدعم السريع التي تضم كل أطياف أهل السودان وليست قوات (قبلية) كما يدعي المتمردون ومشايعوهم من المعارضين في الداخل والخارج.
{عودة لعودة “أبو ندلك” فإن قادة التمرد (درجوا) على إطلاق الأسماء المرعبة على أنفسهم لإرهاب الخصوم وبث الذعر في نفوس من يواجهونهم.. و(أبو ندلك) هو طائر كبير الحجم ينتقل ضمن رحلات الطيور من الجنوب إلى الشمال في فصل الخريف يتوجه شمالاً والعكس في فصل الصيف، وله قدرة على التحليق حتى لعشرة آلاف متر فوق سطح الأرض، ويشكل خطراً حقيقياً على الطائرات لضخامة حجمه وهو من الطيور آكلة لحوم الطير.. تنبعث منه روائح كريهة ويعتبره البقارة طائراً مشؤوماً لا يصطادونه ولا يأكلون لحمه.. ربما لهذا السبب أو غيره أطلق القائد “إسماعيل” على نفسه اسم “أبو ندلك” مثلا أطلق على قادة آخرين من التمرد أسماء مثل (طرادة) الذي قتلته قوات في عمليات جبل مرة.. وعشرات المتمردين الذين وقعوا في قبضة قوات الدعم السريع التي تقاتل التمرد بشراسة وتطارد الآن عصابات تجارة البشر على الحدود السودانية الليبية.. وتنهض بأعباء كبيرة لصالح الوطن أولاً ولصالح الإنسانية في خارج الحدود بلا ثمن إلا من روح وطنية.
وبعودة القائد (أبو ندلك) أمس الأول للفاشر عاصمة شمال دارفور ينتهي التمرد في منطقة جبال (عين سيرو)، التي كان “مناوي” يعتبر الوصول إليها مستحيلاً.. وهو ذات الاعتقاد الخاطئ الذي جعل “عبد الواحد محمد نور” يقول إن قوات دولة الصين لن تستطيع الوصول لقمة جبل مرة في (سرونق) ولكن فعلتها قوات حرس الحدود في عمليات الصيف قبل الماضي.. وهاهي قوات الدعم السريع تقضي على المتمردين في الميدان وترغم قادتهم على الاستسلام.. وتفتح صدرها في ذات الوقت لمن يضع البندقية أن يصبح واحداً من منسوبي قوات الدعم السريع، التي بعد أن أصحبت بالقانون تحت إمرة القوات المسلحة تخطيطاً وتدريباً وإمرة عملياتية استطاعت أن تنهي أسطورة التربورا والتمرد والمليشيات، وأصبح “مناوي” و”جبريل” و”عبد الواحد”، يرددون من المسرحي “عبد الحكيم الطاهر” (يا “حميدتي” على وزن يا “خلف الله” عذبتنا).