رأي

مسألة مستعجلة

لا تقهروا ستات الشاي
نجل الدين ادم
استفزني أمس منظر (الكشة) لستات الشاي في وسط الخرطوم، وعمال المحلية ينفذون القرار دون أي وازع إنساني، والبعض من النساء تبكي بسبب فقدها لـ(عدتها) التي اشترتها بكد عرقها وسهر الأيام والليالي، ليأتي موظف على ظهر دفار ويأمر العمال بالتنفيذ، كتبت أكثر من مرة عن ظاهرة انتشار تجارة الشاي على امتداد العاصمة الخرطوم والولايات، وكيف أنها تحولت بقدرة قادر إلى سياحة تقليدية لم تلتقطها ولاية الخرطوم أو أي من محلياتها للاستفادة من هذا الانتشار الكبير، والذي يتمدد كل يوم بسبب الرغبة الزائدة من الزبائن الذين يهربون من المكاتب ومن منازلهم للاستراحة أمام (كانون شاي) في الحي، يعيد فيه توازن يوم من فرط الزهج أو الروتين الحياتي القاتل، لم يستفيدوا في أن تكون هؤلاء النسوة ليكونوا داعماً لخزينة المحليات من خلال التراخيص التجارية والصحية وغيرها، كما فعلها والي شمال كردفان الهمام “أحمد هارون”، وحول جهد النساء وكسبهن هذا لدعم أسرتها وولايتها وكل واحدة منهن تدفع اختياريا مساهمة في برنامج نفير الولاية، تخيلوا كم جنيهاً أدخلتها نساء شمال كردفان لصندوق النفير؟ وكم مستشفى أو مركزاً ساهمن فيه؟، هذه هي شراكة المجتمع التي ينبغي أن تكون.
ماذا تستفيد المحلية من (كشة) هؤلاء النساء؟ .. لا شئ سوى إهدار لأموال المحلية التي تدفع في إيجار الدفارات أو ثمن الجازولين إذا كانت تملك عربات، وأجور العاملين، وثمن الإيجار للمكان الذي يتم فيه تخزين البضاعة المصادرة، والغريبة أن نفس النسوة عندما يذهبن إلى المحلية يتم الإفراج عن (عدتهن) مقابل غرامة مالية، وهنا يبدو أن القصد ليس تنظيماً ولا يحزنون!
مصدر السياحة الأول على شارع النيل هؤلاء النسوة فكيف لولاية أم محلية تحارب سياحة يمكن أن تطورها بشئ من التقنيين، هل سترفض النساء اسخراج كروت عمل أو تصديق أو المساهمة في حملة ما ؟!
لم تنظر محليات الخرطوم للوجه الإنساني الذي يضطر النساء لامتهان هذه المهنة الشاقة، ملايين من الأطفال اليتامى يتم تربيتهم من هذه (الكفتيرات)، التي تتضرر منها المحليات بإفراز نفايات أو تدمير البيئة، هؤلاء النساء وكما ذكرت من قبل، باتت محالهن متنفساً للكثير من المواطنين، وملتقى لإدارة بعض الاجتماعات والترفيه كما في شارع النيل، هؤلاء النساء دائماً ما يكون محلهن هو المتنفس للكاتم غيظه وللساخط من تردي الأوضاع، فيفرغ همومه مع أول رشفة شاي، ليترك من بعد دفع ثمن الكباية الجمل بما حمل وقد غادر المكان خالي البال.
على الولايات أن تتبنى أمر ستات الشاي في ظاهرة اجتماعية تحتاج لدراسة بعمق على الولايات أن لا تترك ستات الشاي لقمة سائغة للمحليات التي لا تنظر ابعد من أسفل رجليها، على الولايات أن تطور هذا النشاط التجاري التقليدي بما يحمله من جوانب عدة للاستفادة القصوى منه والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية