دراسة الطب.. مرة أخرى يا بروف "أبو كشوة"
تواصلاً لما أثرته هنا يوم (السبت)، الماضي عن تدني نسبة القبول بكليات الطب الخاصة بالسودان، اتصلت بي أمس ولية أمر طالبة متفوقة حصلت على نسبة (93.4%) في امتحانات الشهادة السودانية للعام 2017 م، ورغم ذلك لم توفق في دخول كلية طب بجامعة الخرطوم، وهي رغبتها الأولى والأساسية، فتم قبولها – وسط حسرتها – بكلية طب الأسنان، وهي الآن.. في حالة نفسية سيئة جراء إرغامها على القبول بالخيار الثاني !
ولا شك أن هناك آخرين سيتم قبولهم بذات الكلية – طب الخرطوم – على النفقة الخاصة، بالجنيه أو بالريال أو بالدولار، وبنسبة أدنى كثيراً من نسبة تلك النجيبة الباهرة “مدارك” التي حصلت على (93.4%) !!
أي عدالة هذي.. يا بروفيسور “سمية أبو كشوة”.. أن يعجز من حصل على أكثر من (93%) عن دراسة الطب في بلادنا وهي رغبته وعشقه، بينما يدرسه.. ويتخرج طبيباً من لا تزيد نسبته عن (65%)، لأن أسرته تملك المال اللازم لدراسة الطب في كليات خاصة، أو كليات حكومية ولكن بنسبة أدنى من أولئك الذين أحيلوا لكليات أخرى غير طب الخرطوم مع أنهم من أصحاب (التسعينيات) !!
في تقديري أن كل طالب حصل على (90%) فما فوق، يفترض أن يجد تقييماً خاصاً عند لجنة القبول بالتعليم العالي، وأن يدرس ما يرغب فيه من كليات – وفق مساقه وتخصصه – لأنه بلغ درجة من التفوق والتميز الأكاديمي يستحق أن تكرمه عليها الدولة، فتفتح له أبواب الرعاية، وتمد له أيدي المساعدة، فالعباقرة هم أساس نهضة الأمم.
أما أن تفتح الكليات العلمية (الرفيعة) لطلاب متوسطي القدرات الذهنية، ضعيفي الاستيعاب، حققوا درجات أدنى بكثير من الحد الأدنى للقبول بالكليات الحكومية، فقط لأن المال متوفر لدراستهم، فهذا مما يقود للمزيد من الانحطاط العلمي والمهني في بلادنا، ويجر دولتنا فراسخ إلى الوراء.
لا ينبغي أن تترك وزارة التعليم العالي لأصحاب الجامعات والكليات الخاصة أن يقبلوا من يشاءون، بنسب ضعيفة، في كليات تؤسس لبناء الدولة الحديثة مثل الهندسات، الطب، المختبرات، الرياضيات، العلوم، الزراعة والبيطرة.
لقد صارت دراسة الطب مع تخصصات مساعدة غير مكلفة في ميزانية إنشاء الكليات مثل المحاسبة وإدارة الأعمال، هي التجارة الرائجة هذه الأيام، والنتيجة ما نراه عياناً بياناً من تدهور مريع في كل شيء من حولنا.
فقد صار حملة (الدكتوراه) في بلادنا، بعشرات الآلاف ولا يجيد أغلبهم الكتابة بالعربية، دعك من التحدث بالإنجليزية، بينما كان الدكاترة في زمن “عبد الله الطيب” و”حسن الترابي” يتحدثون ويكتبون ب(5) لغات !!
فما هذا الذي يحدث يا بروف “أبوكشوة ” ؟!