رأي

الحاسة السادسة

العاصمة!!
رشان أوشي
كان الوقت عصراً، وأنا أضع على أنفي منديل ورق أبيض، سرعان ما سقط مغشياً عليه من فرط العرق المتصبب من وجهي، وأنا أكاد أختنق من فرط نتانة الرائحة المنبعثة من خلف تل رملي صغير بمدينة الأزهري جنوبي الخرطوم، بعد عدة اتصالات من بعض مواطني المنطقة قررت شد الرحال إلى المدينة الراقية التي يقطنها بعض من ميسوري الدخل، ولكن رائحة مخلفات الصرف الصحي التي تبعد أمتاراً غرب المدينة تنغص حياتهم، ودفعت كثيراً منهم لبيع بيوتهم ومغادرة المنطقة.
اشتكى أهالي مدينة الأزهري لطوب الأرض من التلوث البصري والروائح النتنة التي تكتم الأنفاس، وانتشار بعض الأمراض كالتايفويد وأمراض المعدة خاصة بين أطفالهم وهم يستنشقون يومياً روائح مخلفات الصرف الصحي التي يلقي بها في مساحة واسعة من الأرض تبعد بضع أمتار من الحي السكني، ودائماً ما يحصدون سراباً، وتأتي المبررات بأن هذه المنطقة مخصصة منذ عقود لهذا الأمر، وأن المحلية بصدد إيقافها قريباً، وتمضي الأيام والسنوات والروائح تتفاقم والحياة تصبح قاسية في مكان كهذا.
أما في فصل الصيف فتصبح الروائح النتنة المنبعثة من المنطقة أشد ضراوة من بقية العام، ومع ارتفاع درجات الحرارة تفور مخلفات الناس وتبعث غازاتها النتنة لتقطن صدور وأجساد الآلاف من سكان “الأزهري” الذين ضاقوا ذرعاً بها.
السؤال المهم، عندما قررت الحكومة تخطيط المنطقة وتوزيعها قطع أراضٍ سكنية، لماذا لم تحتاط لهذا الأمر، ولم تضع له معالجات جذرية؟، أم أنه الاستهتار بأرواح الناس ومصالحهم؟، ما يعيشه سكان مدينة الأزهري هو جريمة مكتملة الأركان، يجب محاسبة من فرض على هؤلاء البسطاء هذا الواقع المرير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية