مسألة مستعجلة
لمَ تعديل التوقيت ثانية؟!
نجل الدين ادم
في خطوات متسارعة أجازت قطاعات مجلس الوزراء في اجتماع لها يوم أمس التوصية الخاصة بتغيير التوقيت في السودان، وذلك بإعادة الساعة إلى وضعها السابق تأخيرها (60) دقيقة، والعمل بالتوقيتين الصيفي والشتوي في دواوين الدولة.
وحسب حيثيات التوصية فإن الغرض من التعديل المقترح أن يتناسب التوقيت المحلي مع محيطنا الإقليمي والعالمي!
ومؤكد أنه طبقاً لهذه التوصية التي تم رفعها إلى مجلس الوزراء، فإن القرار بات قاب قوسين أو أدنى ويعتمده المجلس وتعود الساعة التي تم جرها إلى حالها بعد سنوات من الجدل!
السؤال الذي يفرض نفسه: هل درست هذه القطاعات الموضوع من كل جوانبه الإيجابية منها والسلبية وعرضته على الجهات ذات الصلة؟ أم أنها استجابت لملاحظات الشارع والخلفيات القديمة الساخطة على جر الساعة؟!
عن نفسي، لا أعرف المغزى الحقيقي للعودة إلى التوقيت القديم، ورغم تنصل المنظر في عملية البكور وجر الساعة (60) دقيقة للأمام الدكتور “عصام صديق” من شكل التوقيت الحالي بعد موجة النقد العنيفة عليه، إلا أن التوقيت حقق مرامي جيدة وكثيرة وكانت فوائدة أكثر من سلبياته من واقع أن في البكور يزداد الإنتاج، وبمثل بسيط جداً، إذا طُلب منك الحضور إلى صالة المغادرة بمطار الخرطوم عند الساعة السادسة التي تعادل الخامسة في التوقيت السابق فإنك وبإحساس نفسي ترى أن الوقت مناسب، وستحضر في التوقيت المذكور دونما عناء، لكن ما هو واقع الحال إذا قيل لك إن الحضور للمطار عند الخامسة، فإنك تحس بأن شركة الطيران قدمت كل ما في وسعها لإجهادك بالحضور باكراً وربما بذات الإحساس النفسي قد تأخذك غفلة وتغادر الطائرة بدونك بسبب التأخير.
لم يقنعني المبرر الذي ذكرته القطاعات طبعاً بناءً على توصية لجان الحوار، وهو سعي الدولة لكي يتناسب التوقيت المحلي مع محيطنا الإقليمي والعالمي! من قال إن التوقيت لا يناسب، ليس أكثر من أن يكون التوقيت متماشياً مع توقيت مكة المكرمة التي تقع في قلب العالم الجغرافي؟
لا أظن أن اللجان المعنية درست الجوانب السالبة من هذه العودة غير الموفقة في ظني بعد نحو (17) سنة.. أتوقع أن تحدث ربكة كبيرة إذا ما أصرت الحكومة على المضي في هذا الاتجاه، سنفقد ساعات البكور التي يكون فيها النشط أكبر، وستتأثر الجامعات والمدارس وندخل في دوامة التأقلم التي قد تأخذ وقتاً طويلاً.. وعلى فكرة ما تزال بعض ولايات دارفور تتمسك بالتوقيت القديم الذي يراد العودة له.
أتمنى أن يدرس مجلس الوزراء هذا القرار جيداً قبل أن يصبح واقعاً.. وما أسهل أن تمرر التوصية وتصطدم بالتبعات السالبة.. نحن لسنا على عجلة من الأمر لهذا التعديل لتقويم شيء معوج بل العكس تماماً فإننا بحاجة إلى أن نعضد على المكاسب التي تحققت بجر الساعة إلى الأمام.. والله المستعان.