(الجيش) لا علاقة له بالمفاوضات
{ تلاحقت خلال الآونة الأخيرة سلسلة اغتيالات أو محاولات اغتيال لقيادات سياسية وتنفيذية في ولايتي (شمال دارفور) و(جنوب كردفان)، سقط خلالها رئيس المجلس التشريعي بولاية جنوب كردفان وآخرون، ومعتمد محلية “الواحة” بشمال دارفور، هذا غير جملة من التفلتات الأمنية والتحديات العسكرية في ولايتي جنوب وشرق دارفور.
{ وقد صدر بالأمس قرار من والي شمال دارفور بتمديد حالة الطوارئ في مدينة “كتم” وتعيين حاكم عسكري بالمدينة.
{ وهي في رأيي إجراءات (تسكين)، و(ترقيع)، فإلى متى تستمر الحكومة في فرض حالة طوارئ بالمناطق والجهات وتعيين حكام عسكريين، رغم أننا نعيش في دولة مدنية، رئيسها منتخب، وولاتها كذلك، في انتخابات العام 2010م.
{ المطلوب (نفرة) عسكرية كبرى داخل القوات المسلحة السودانية والقوات والأجهزة النظامية الأخرى، وليس (نفرة تعبئة) من داخل (المؤتمر الوطني)، وذلك لرفع المعنويات، ودفع الطاقات، وإعداد الخطط والبرامج لكسر شوكة (التمرد) في أي بقعة من بقاع هذا الوطن، غض النظر عن تقدم (المفاوضات) في “أديس أبابا” أو تعثرها.
{ (الجيش) لا شأن له بالمفاوضات، ولا ينبغي له، ولا شأن له بقرارات مجلس الأمن، ولا بوفد الحكومة والمؤتمر الوطني، ولا ببيانات وزارة الخارجية.. (الجيش) هو صمام أمان الدولة في كل الأحوال، وتحت ظل كل الحكومات والأحزاب، وعليه أن يتصدى لحسم أي عملية للتمرد في “كتم” أو “كادوقلي” أو “تلودي”، دون انتظار (تعليمات) من القيادة السياسية.
{ القوات المسلحة – وفق الدستور – هي المسؤولة عن حماية وتأمين البلاد، والحفاظ على حدودها المعترف بها (دولياً)، حدود العام 1956، وهي – القوات المسلحة – غير معنية بالأحاديث والتعليقات السياسية، ومقترحات الوسطاء (الأجانب) حول التسوية بشأن (الحدود) مع دولة (الجنوب) أو أي دولة أخرى، أو الذهاب للتحكيم، إلى أن تصبح الحدود (الجديدة) قانوناً ومواد في الدستور (الجديد).
{ قبل هذا، وذاك، فإن حسم (التمرد)، وطرد مليشياته وقصفها جواً وبراً في (دارفور)، أو (كردفان) أو (النيل الأزرق).. أمر طبيعي يُفترض أن تتصدى له القوات المسلحة السودانية (يومياً)، دون حاجة إلى تعيين حكام عسكريين أو فرض حالة الطورائ.
{ الجيش الأمريكي يقاتل على بعد آلاف الكيلومترات من حدود الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان والعراق، بدعوى الحفاظ على (الأمن القومي) في الولايات، فكيف نسمح لأحد، أو جهة (داخلية) أو (خارجية)، أن تخذِّل جيشنا، وتحول دونه وأداء مهامه القتالية.. و(المتمردون) يجوسون المدن والبلدات داخل حدود بلادنا، في “كتم” وأطراف “كادوقلي” و”الدلنج” وغيرها؟!
{ هذه ليست دعوة للحرب، إنها دعوة لاحترام كيان الدولة، وسيادتها، أمن شعبها، واستقراره، ورفاهيته.
{ فلتنطلق كل (القوات) في كل مكان من أرض السودان العزيز، ودون جلبة، أو ضوضاء، دون حملات إعلامية أو كاميرات تلفزيونية، لتلبية نداء الوطن في رد كيد المارقين الذين استهانوا بشعبنا، وعاثوا في الأرض فساداً.
{ قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. ألا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ).