عاصفة سبتمبر
دوماً يشهد شهر سبتمبر عواصف سياسية مثلما يشهد مناخه في الأسبوع الثالث مغادرة فصل الخريف، وعندها تكثر الزوابع الرعدية وتهطل الأمطار الشحيحة مصحوبة بالرياح شديدة السرعة وتساقط الجليد في بعض الأحيان.. ولسنا في حاجة هنا لنذكر بقوانين سبتمبر التي بدلت تقاسيم وجه الحياة الاجتماعية والسياسية في السودان، ويعود الفضل في سن تلك القوانين للرئيس الأسبق “جعفر نميري” ومن ورائه الإسلاميين.. وفي ذات شهر سبتمبر هبت عاصفة الاحتجاجات على زيادات الوقود التي أطلقت عليها المعارضة انتفاضة سبتمبر التي أوقعت عدداً كبيراً من الضحايا بسبب عنف المتظاهرين وعنف السُلطة في قمع الانفلات الذي شهده الشارع حينذاك بعد أسبوعين من الآن في 14 سبتمبر تحديداً تهب مرة أخرى عاصفة تنافس للظفر بقيادة جديدة لاتحاد كرة القدم السوداني بعد إلغاء الاتحاد الدولي (الفيفا) للانتخابات الماضية بدعوى تدخل الحكومة في إجراءات الانتخابات لصالح مجموعة الجنرال “عبد الرحمن سر الختم” الذي غضب و(حرد) وترك الساحة الرياضية بعد شعوره بضعف الحكومة وإذعانها لتهديدات رئيس الاتحاد د. “معتصم جعفر” الذي في سبيل أن يبقى لمدة أخرى في كرسي السُلطة طعن بلاده في كبدها.. وتقدم بشكوى ضدها.. لإيقاف فوز المجموعة التي كانت تنافسه في إدارة الاتحاد.. وحينما شعرت الحكومة بأن عاصفة “معتصم جعفر” ومن خلفه جماعته قد تهدد مسيرة استمرار النشاط الرياضي الذي تم تجميده أذعنت الحكومة لشروط د.”معتصم جعفر” وأبقت عليه رئيساً حتى اليوم ولم يتضح بعد التنافس القادم لقيادة الاتحاد وهل تصمد مجموعة الجنرال “عبد الرحمن سر الختم” من غير قائدها؟ أم تتمزق ويذهب ريحها في انتخابات سبتمبر.. وحتى اللحظة لم تقدم المجموعة شخصية ذات بريق وتاريخ وحاضر وأمل في المستقبل لتقود الاتحاد.. في بعض الأحيان يتردد اسم د.”محمد جلال” الذي لا يختلف كثيراً عن الرئيس الحالي د.”معتصم جعفر” وفي أحيان أخرى يتم ترشيح “حميدتي” لقيادة الاتحاد و”حميدتي” المعني هنا ليس الجنرال وقائد قوات الدعم السريع الذي لا شأن له بالرياضة إلا من باب دعمه لفرق دارفور، ولكن “حميدتي” هو وزير التخطيط العمراني بغرب كردفان “نصر الدين حميدتي” وفي اتجاه آخر يقود المريخ الذي لا صوت له في انتخابات الاتحاد لعدم شرعية مجلسه الحالي اتجاهاً لترشيح رئيسه “جمال الوالي” أو الإبقاء على “معتصم جعفر” في موقعه الحالي ومعه طاقمه المساعد “أسامة عطا المنان” الذي يمثل أمام القضاء في قضية اتهامات بالفساد مما يقلل من فرص عودته، ويعتبر المريخ القتال في جبهة الاتحاد العام لكرة القدم مقدمة على عودة الديمقراطية للبيت الأحمر وانتخاب مجلس بإدارة العضوية بدلاً عن مجالس التعيين التي تأتي بها السُلطة.. في الوقت الذي يمثل الهلال الحلقة الأضعف في انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم بسبب انشغال رئيس الهلال بدعم حكومة جنوب السودان وخوض معارك مع أقطاب الهلال ورموزه.
وإذا كانت أمانة الشباب بحزب المؤتمر الوطني قد قمع صوتها.. وتم إرهابها وتخويفها بداعي استقلالية الحركة الرياضية والنأي بها عن (التسييس) فإن بقية الأحزاب تضع ثقلها في الساحة الرياضية وتدفع بمنسوبيها من أجل الظفر بقيادة الاتحاد في المرحلة القادمة.. والحكومة أمسكت لسانها.. وجلست بعيداً تراقب الأوضاع وهي حائرة ماذا تفعل لأنها أي الحكومة بلا رؤية للرياضة والاتحادات والأندية وتترك أي شيء للأقدار واتجاهات الرياح.