"رباح الصادق المهدي" القيادية بحزب الأمة تخص (المجهر السياسي) بالحكايات والأسرار والمواقف..2-2
بيت الإمام بني على مقاصد بعيدة جداً عن الشائع حول السيدين والأسرتين الكبيرتين من طائفية وأرستقراطية
بدأت أقبل فكرة تنحي الإمام عن رئاسة الحزب
موقف “عبد الرحمن” مع الإسلاميين خصماً عليه والرجاء أن يخرج كما خرج “موسى”..
كنا أنصاريات في بيت “محجوب شريف”، فقضينا سحابة اليوم معه وشربنا الشاي والبسكويت
حوار – صديق دلاى
لديك محاولات لكتابة الرواية لماذا لم تظهر حتى الآن رواية.. لبابة..
(لجنة الإصابة في تاريخ لبابة) قصة كتبتها أثناء دراستي للفولكلور عام 1996م، وشجعني دكتور “عبد الله علي إبراهيم” على نشرها لاحقاً فنشرتها في (الصحافي الدولي) عام 2002م. لكني وإن كنت حاولت كتابة جزء ثانٍ منها لم أكمل عملي، ولا اعتقد أني (حكّـاية)، ولكني أجرّب حينما يفيض بي.
– كيف تحكين جمع تاريخ الإمام كما ذكر لي هو أنك لم تنسِ قصاصة صغيرة للتدوين وبلغت خمس مجلدات؟
نعم صدرت أربعة أجزاء والجزء الخامس جاهز ينتظر الطباعة منذ نهاية العام الماضي. وبدأتُ العمل في الجزء السادس ليواصل المسيرة حتى العودة الأخيرة، ثم أنوي بإذن الله تأليف جزء سابع عن التطور الفكري، والملف الأدبي في سيرة الإمام. لكن وعكة صحية أصابتني مطلع العام غيرت برنامجي وبإذن الله أستأنف عملي العام القادم لو كان في العمر بقية.
× كيف بدأت قصة ذلك التدوين؟
– بدأت القصة قبل سنوات حينما طلب مني بعض الأحباب كتابة ورقة تعريفية بدور الحبيب الإمام “الصادق المهدي” حاكماً ومعارضاً ومفكراً، لأنهم نووا التقديم لنيله بعض الجوائز، فكتبتُ (مفردات التفرد في تجربة الإمام “الصادق المهدي”) وهي ورقة مختصرة حاولتُ فيها تلخيص القيمة المضافة لمجهوداته في مجالي السياسة والفكر والفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
– × ربما هي كتابة للسيرة الذاتية للإمام؟
– – خططتُ لكتابة سيرته عبر حلقات يروي فيها تفاصيل الأحداث تكون محضورة وتخرج بمناسبة احتفالنا بعيده السبعين في ديسمبر عام 2005م، لكنه لم يتحمس للفكرة. وقبل نحو خمس سنوات بدأتُ في محاولة رصد لسيرته مستعينة بكتاباته المختلفة حول الحقب والأحداث التاريخية التي مرت به، ولكن ظل مشروعي يمضي ببطء حتى قيض الله لي هجرة بصحبة زوجي إلى أبها بأرض الحرمين الشريفين. هناك أتيحت لي العزلة المطلوبة لإكمال عملي فأصدرتُ في أول عام للغربة، 2015م الأجزاء الثلاثة الأولى، ثم في العام الثاني 2016م أكملت الجزءين الرابع والخامس.
– ما هي أسرار ذلك التدوين الكبير وما هي خلاصته في نفسك وروحك وما الذي أضافته تلك المجلدات؟.
منذ تخرجي من الجامعة، 1991م، ظلت روحي مربوطة بالإمام “الصادق” بحبل من كتاباته التي نبشتها وجمعتُ أوراقها وكتبتها من المخازن، ورتبتها، وصرتُ مدمنة لذلك الغذاء الفكري والمعرفي الدسم، وأظنني من أكبر المطلعين على نتاج مداده، وقد حرصتُ لاحقاً على تكوين مكتبه الخاص بشكل مؤسسي تكون أحد مهامه جمع تلك الكتابات وصونها ونشرها، فالمنشور جزء ضئيل جداً من المكتوب
× هل هناك إرث ضائع ؟
– نعم هناك الضائع الذي نبحث عنه، أفدح وأوجع مثال كتاب الفلسفة الضخم والموسوعي، والذي ضاعت الكثير من كراساته، ونسخته الكاملة بطرف الصحفي اللبناني الأستاذ فؤاد مطر.
– × فؤاد مطر؟
– – نعم ولكني مهما اتصلت به لم أحصل على نتيجة. أقول برغم اطلاعي الضخم على أدبيات الإمام وكتاباته إلا أن مشروع السيرة والمسيرة جعلني أعيد اكتشاف الحبيب الإمام من جديد،
– × كل فتاة بأبيها معجبة؟
– لقد عشتُ معه حياة مليئة بالأمل والألم والتحديات والصعاب، والمحطات الحزينة والوضيئة، نعم وأعدتُ قراءة ملف المحبة لا كفتاة معجبة بأبيها، بل كمندهشة لذلكم الشاب الألمعي الناضج كشيخ، والذي تابعتُ مسيرته حتى صار ذلكم الشيخ متجدد الفكر الذي يفيض حيوية كشاب. طبعاً خالفتُ تقديراته أحياناً، ولكني أرخت له بالمحبة التي يستحق.
– برغم الحديث المتواصل والوضوح المستمر للسيد الإمام… ما الذي لا يعرفه كل العالمين عن الإمام إلا “رباح الصادق”؟
– اعتقد أن الحبيب الإمام “الصادق” كتاب مفتوح. يقال إن خط الإنسان يوحي عن شخصيته، وخط الحبيب الإمام برأيي واضح جداً فقد ألتبسُ فيما خطت يداي ولكني لا ألتبس أبداً حوله،
– × كيف يبدو خط يده المباشر؟
– هو يرسم الحروف بنفس الطريقة مهما كتب بعجلة، وبخط كبير، ولكن بعض الناس يرون خطه كالطلاسم وغير واضح تماماً. وهذا ينطبق على قراءة شخصيته، أولئك الذين أعطوا البصيرة الكافية يستطيعون بسهولة معرفته باطناً وظاهراً، ومعرفة هل قال أو فعل ما يروجه هذا أو ذاك عنه أم لا، بينما الذين تلتبس عليهم شخصيته تظل مغلقة عليهم ولا يفهمونه البتة بل ويروجون لأحاديث عنه بعيدة جداً عن الحقيقة.
قمتي بعمل كبير؟
– حاولتُ أن أكشف النقاب عن بعضها، ويظل البعض الآخر ملكاً للتاريخ، إذ ليست للنشر الآن.
– لخصي حجم سوء الفهم في الآتي: بيت الإمام – عصبية “رباح الصادق”.. أحيانا.. “عبد الرحمن الصادق” أنصاري في بلاط الإسلاميين.. “مبارك الفاضل” شخصية تعويضية لعالم الإمام.. الديمقراطية داخل حزب الأمة مفقودة.
– بيت الإمام بني على مقاصد بعيدة جداً عن الشائع حول السيدين والأسرتين الكبيرتين من طائفية وأرستقراطية. أصر الإمام على أن يتعلم أبناؤه وبناته ضمن بقية شرائح الشعب في المدارس الحكومية، وينشأوا بفكرة (ليس الفتى من يقول كان أبي إن الفتى من يقول هأنذا)، وبأفكار كثيرة بثها وطبقها.
– × تحاولين نفي التوأمة التاريخية بين الأسرتين؟
– – إن محاولة التوأمة بيننا وأسرة (أخرى) نشأت بفكرة “العزلة المجيدة، والبعد الذي يضيف ألقاً” محاولة ظالمة، بل حتى بالمقارنة مع بعض الأسر الزميلة داخل العائلة الكبيرة وبعضها سعى للتأكيد على مفاهيم طائفية أو أرستقراطية.
× وعصبية “رباح” أحيانا؟
– لا أدري ما المقصود بعصبية؟ , هل تعصب، أم حدة؟ على العموم أظن أني بقدرة معقولة للخروج من جلدي وتلبس جلد الآخر حينما يلزم، مما ينفي التعصب. أما الحدة وضيق الصدر فهي أمر لا زلت اشتغل عليه وأدعو الله أن يقدرني.
×”عبد الرحمن الصادق” أنصاري في بلاط الإسلاميين؟
– لا شك أيضاً أن موقفه مع الإسلامويين خصم عليه، وكل الرجاء أن يخرج خروج “موسى” من بيت “فرعون”.
و”مبارك الفاضل” مواقفه ومنهجه السياسي؟
– “مبارك” أغنانا عن كل تعليق، ففضح ما كنا نقول ويغالطه البعض، والحمد لله.
الديمقراطية داخل حزب الأمة مفقودة؟
– الديمقراطية موجودة داخل حزب الأمة والمؤسسية كذلك، لكنهما يمارسان الآن برعاية من رئيس الحزب الذي يلزم نفسه لزوم ما لا يلزم لضمان ممارسة ديمقراطية بلا تأثير مباشر منه، ولن يكتمل البناء المؤسسي والديمقراطي إلا إذا تم توطين تلك القيم داخل المنظومة الحزبية بحيث لا تعتمد على وجود رئيس كالإمام، بل تكون سائدة وحاكمة لأي رئيس قادم. فكرة تنحي الإمام موزعة ومثار ناقش مستمر؟
– – مع أني كنت معارضة جداً لفكرة تنحي الإمام حينما ذكرها أول مرة، إلا أنني مؤخراً بدأتُ أرى وجاهة منطقه في إشرافه على التأسيس الرابع للحزب في المؤتمر الثامن القادم وحرصه على رفع يده عن الملف التنظيمي وإفساح المجال لرئيس آخر.
– الأسئلة الافتراضية: تاج تضعه “رباح” على رأس شخصية خارج بيت المهدي؟
– التاج تستحقه نساء ورجال كثيرون في هذه البلد، فيهم درجة عالية من الصدق والكدح والتضحية، ولو جاز لي تحديداً لوضعته على رأس جامعة الأحفاد للبنات ورئيسها البروفيسور “قاسم بدري”، للخدمة التعليمية والاجتماعية والوطنية التي يقدمونها، فهي جامعة خاصة تعمل وكأنها دولة، تدعم النساء ونهوضهن.
– شيء نادر في الحزب الشيوعي تتمنين نقله لحوش حزب الأمة؟
– الفنون خاصة الشعر والأناشيد التي تخاطب وجدان الشعب قبل الحزب.
قرار واحد ينفذ للسيدة “رباح” فورا بخصوص حزب الأمة؟
قرار أتمناه هو الانتباه للحرب النفسية التي يشنها النظام بين الكادر الحزبي، والوقاية منها، وهذا أمر سبقتنا فيه الأحزاب الصفوية، وطبيعة حزبنا الجماهيرية تجعله صعباً لكن لا بد من التفكير في وسائل مناسبة.
قرار ينفذ فورا بخصوص تجمع نساء الأحزاب؟
جعل مذكرة النساء السودانيات التي قدمنها لقادة الأحزاب في مؤتمر جوبا 2009م أساس برنامج عمل وحث الأحزاب جميعاً على المصادقة على المطالب الموجودة فيها.
قرار في هيئة شؤون الأنصار ينفذ فورا؟
السعي لتحديث إدارة الهيئة بعقد ورش تدريبية مستمرة للطاقم القيادي والكادر العامل بالهيئة حتى تواكب الإدارة مفهوم المؤسسية المنصوص عليه في الدليل الأساسي.
كيف بكيتي “الترابي”؟
حينما عرفت بوعكته الأخيرة ثم وفاته فعلاً بكيت بحرارة، تراءت لي حال أمي “وصال” وأخواني وأخواتي من صلبه، فقد نشأنا بأوثق إخاء، وكنا نذهب معهم لود الترابي سوياً في الأعياد، بكيتُ بلا شك دموعهم وألمهم.
كتاب الاختراق حوله تعجبات.. هل كتبته “رباح” بأمر من مؤسسة الحزب أم كيف حصل الأمر؟
كان الحبيب رئيس الحزب يبشر بأن الحزب سوف يصدر كتاباً يوضح حقائق ما جرى ولكن ذلك لم يحدث، وفي المقابل حركتني المؤامرة التي قامت بها جماعة سوبا فسطرت الكتاب مستفيدة من كم من الوثائق أمامي، وربما اكتفى الحزب بعد صدور كتابي ولكن الكتاب صدر كمبادرة فردية، ولسد ثغرة.
أنت واحدة من الأنصاريات اللائي شيعن “محجوب شريف” لمثواه الأخير بحسرات عميقة، كيف تشرحين تلك النقطة؟
“محجوب شريف” رمز وطني مارد، ومنذ أيام الطلبة اقتتنا على روائعه مثل “يا والدة يا مريم”، و”بطاقة شخصية”، ناهيك عن شعره العذب في انتفاضة أبريل. وقد عُدته بمنزله قبل أعوام من وفاته الفاجعة ضمن وفد صالون الإبداع بهيئة شؤون الأنصار.
× أنصاريات في بيت “محجوب شريف”؟
– قابلنا بمحبة كأننا أصدقاء افترقنا منذ سنوات، وزاد ترحابه بعد معرفته أننا أنصار جئنا لزيارته لوجه الوطنية، كنا نزمع زيارة قصيرة فقضينا سحابة اليوم معه وشربنا الشاي والبسكويت، كانت حفاوته والسيدة “أميرة” شيئاً مطبوعاً في تلك الأسرة يترك أثراً لا يمحى، وقد تكررت تلك الزيارات بمحبتها ووصالها المتين
– × شاعر كبير؟
– – نعم كان شاعر الشعب ومخزن شعوره، بسيط، وعميق، لطيف ومجامل حتى النخاع، قوي ومصادم للطغاة حتى النهاية، صادق بشكل رأسي، شيعه الشعب كله، أما بالنسبة للأنصار فقد كان في الموكب إمامهم نفسه، فما بالي أتخلفُ عن ركب الوفاء؟
أول عمود صحفي وكيف كانت تداعياته؟
أول مقالة نشرت لي بصحيفة الخرطوم المهاجرة حينها، أثناء مرافقتي للحبيب الإمام “الصادق المهدي” بمنفاه الاختياري في القاهرة، لعل ذلك كان عام 1998م. كان تعليقاً على مسرحية الأستاذ “يحيى فضل الله” “تداعيات” وقد جسّر المقالُ بيني وبين عالم المثقفين في القاهرة حينها على رأسهم “فضل الله”. لكن المقال الثاني، والأول في الصحف داخل السودان كان بعد “تفلحون” أو عودتنا مع الحبيب الإمام في نوفمبر 2001م. كان بعنوان: (تأملات الحسرة على المآب)، تعليقاً على لقاء صحفي نشرته صحيفة المستقلة اللندنية مع أستاذ “الحاج وراق”. نُسب “لوراق” هجومٌ رأيته ظالماً على الحبيب الإمام “الصادق المهدي” وحزب الأمة، لاحقاً علمتُ منه أن الصحفية التي أجرت اللقاء معه حرّفت فيما قال وزادت من عندها في بعض الجزئيات. وقع اللقاء ثقيلاً عليّ وكنتُ أتابع “وراقاً” وتصريحاته أثناء إقامتي بالقاهرة وأتلمس في حديثه صدقاً وموضوعية.
× مفروض يرد مكتب الإمام للحزب؟
– ذهبتُ لمكتب أمانة الإعلام بدار الأمة ووجدتهم أمام شاشات الكمبيوتر يلعبون إحدى ألعاب الكوتشينة، لعلها السوليتير، كان المنظر صادماً فنحن في المكتب الخاص للسيد “الصادق المهدي” ما كان لدينا وقتٌ لحكّ رأسنا. كنتُ تعرفتُ يوم العودة على أحد أفراد الأمانة واسمه “حسن إسماعيل” حيث كان يدير إذاعة الحزب داخل منزلنا يوم تفلحون. قلتُ له اعتقد ينبغي أن ترد الأمانة على هذا اللقاء، لكنه تفـّـه من اللقاء ومن صاحبه، وقال لي لا تشغلي نفسك بهذه الصغائر.
– × قال إنها صغائر لا تستحق الرد؟
– فتوكلتُ وسننتُ قلمي في هجوم ثلاثي الحلقات على “وراق” وأحلته لصحيفة (الحرية)، كان لذلك المقال تداعيات ضخمة في مجرى حياتي.
– × بدأت التداعيات؟
– – أول التداعيات كان لقائي بدكتور “عبد الله علي إبراهيم” في ندوة بمدارس المليك، واقترح فيه عليّ مداومة الكتابة الصحفية وسعى لذلك فجمعني بدكتور “خالد التجاني” الذي كان يرأس تحرير (الصحافي الدولي)، وأعطوني عموداً بالأخيرة، (يعني أول ما شطح نطح)!
– × والتداعي الثاني؟
– – التداعي الثاني كان قرار حركة القوى الحديثة (حق) التي كان “وراقٌ” رئيسها أن ترد عليّ الصاع صاعين، فاختارت اثنين من كتابها وكان ردهم ممتداً لأربع حلقات تملأ كل منها صفحتين كاملتين، قابلته في مكتب “حيدر إبراهيم” ورفض مصافحتي ولكن تحسنت علاقتنا لاحقا.
– كيف تنظرين للقبلية في السودان؟
– المشروع في القبلية التعارف لا التفاضل، ومع تطور الإنسانية ورقيها الحضاري تذوب القبلية ويصير التعارف مرتبطاً بأمور غير النسب، أكان ذلك المكان فنقول نحن من أم درمان أو الأبيض أو كسلا، أو التأهيل والمهنة، وغيرها, عادت القبلية للبروز حتى في المدن إثر سياسات الإنقاذ في عقودها الثلاثة، وللمهدية آثار متدابرة وجعلت الجهوية والقبلية أساساً للتنظيم الحربي وللسكني في أم درمان.
× شئ مؤسف؟
– المؤسف أن تغمط الدولة هذا الوجود المتنوع وتحاول أن تفرض الدائرة الأولى على الجميع، فصارت الأوراق الرسمية تشترط النص على قبيلة الشخص المعني.
× الجهوية قديمة في السودان؟
– التفرقة الجهوية كانت أكبر في (مثلث حمدي)، وتصنيف عرب وزرقة الذي يتبعه تحديد الموقف الرسمي من القبيلة المعنية.
× هناك تفاخر موجب للقبلية؟
– نعم للقبلية أساس للتفاخر والتناحر، و151 حرباً قبلية تجري في السودان اليوم. إنه حال شجعته سياسات رسمية للأسف فكيف ستكون النتيجة غير الحروب الأهلية.
– العمود النسائي في الصحافة السودانية في الخمس سنوات الأخيرة.. رأيك الواضح بتفاصيل..
لا أدعي متابعة لصيقة للصحافة السودانية في السنوات المذكورة.
– هل المرأة كائن قوي في المجتمع السوداني؟
نعم بالتأكيد، المرأة كائن قوي عالمياً ومنذ القدم، لكن التطور الاجتماعي عمل مع النساء في رسم بياني نازل، للغرابة. فالتغيير الزراعي قديماً جداً كان على حساب النساء، والأسوأ منه كانت الحداثة حتى أن بعض النسويات قلن إن الحداثة قامت على تمجيد الذكر وجنسويته.
× المرأة في السودان؟
– في السودان كمجتمع به ملامح أمومية واضحة كان دور النساء في الصدارة منذ عهد “الكنداكات” قديماً، بل إلى زمن قريب نسبياً حيث كانت الملكات “ستنا” و”فاطمة” يحكمن ديار الجعليين في القرن التاسع عشر. لكن الحكم العثماني المصري والمُسمى أحياناً بعصر الحريم، سبب ردة لوضع النساء السودانيات والثقافة العربية التي دخلت محملة بإرث الوأد ومتخففة من الأثر الإسلامي المنصف، كان لها أيضاً دور سلبي كشفت عنه دراسة دكتور “سيد حامد حريز” في كتابه عن القصص الشعبي للجعليين
– الحزن في حياتك؟
لون أساسي.
– هل يوجد رجل مثالي؟
لا ولا امرأة مثالية. نحن في دار نقص لا كمال. استثنى الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة “مريم” وابنها السيد “المسيح”، الحديث: “مَا مِنْ مَوْلُود يُولَد إِلَّا وَقَدْ عَصَرَهُ الشَّيْطَان عَصْرَة أَوْ عَصْرَتَيْنِ، إِلَّا عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَمَرْيَم “.
– فجأة تحول الكائن الناعم لمخلوق عنيف ينفذ جرائم ومن بين يديه تدفقت دماء بشهادة صحافة الجريمة.. تعلقيك الواسع حول الظاهرة؟
إن العنف وثقافته تفاقما تحت رايات هذا الزمان في السودان.
×المرأة مخلوق ناعم؟
– بالنسبة للنساء صحيح هن أبعد عن العدوانية، وهناك رأي علمي بأن ذلك بسبب الثقافة لا التكوين البايولوجي، ولذلك نجد نساء في شواهد التاريخ تحولن لكائنات عنيفة جداً حينما يمس ذويهن مثلما فعلت “عناة” في النصوص الكنعانية حينما قتل أخوها بعل، فانبرت لقاتله “بالسيف تقطعه، وبالمذراة تذريه، وبالنار تشويه”. كذلك أكلت “هند” كبد سيدنا “حمزة” انتقاماً، ووقفت اليمامة في حرب البسوس لا ترتاح بعد مقتل أبيها إلا بإراقة كل الدماء وشرطها للصلح: أبي لا مزيد! مثلما صوّرت رائعة “أمل دنقل”.
– “فاطمة” الرحيل الصعب؟
رحم الله السيدة “فاطمة” بقدر ما أعطت لنساء بلادها ريادة في العمل العام، وما عانت جراء البطش في عهدي مايو والإنقاذ، وأحسن وفادتها. والعزاء أنها دونت تجربتها ودروسها وأفكارها.