أخبار

خربشات

1

غادرنا نحو الدلنج التي تكنى تدليلا بعروس الجبال أو العاصمة الثقافية لجبال النوبة، منذ زمان معهد التربية، الذي نهض بمدن السودان فكرياً وثقافياً، والطريق إلى الدلنج يمر من هنا بالدبيبات عاصمة القوز والرمال، التي أنجبت من الإعلام البروفيسور الراحل “التجاني حسن الأمين”، البروفيسور “إبراهيم نورين” والعميد “محمد نور سعد” ابن المسبعات سليل الممالك والسلاطين، وعقد نضيد من العلماء النوابغ، والحسان الغيد، ملهمات صاحب الحنجرة الذهبية “سليمان أحمد عمر” مهندس المياه الذي يصب ماء الروح في النفوس التي أرقها التعب، والدبيبات هي قرى متناثرة من أم كنايت وحتى سنجكاية، الفكي “هاشم السنوسي” والتي يفصل بينها والدلنج الحديق وادي الازيرق الذي تنحدر مياه من أعالي الجبال الغربية باتجاه وادي أبوحبل، ويلتقي الواديان في منطقة مثل مقرن النيلين التي شكلت توتي أم خضارا شال، ولكن لقاء الواديين مثل عناق النيلين ومثل لقاء البحرين عند مضيق باب المندب، ولكن لقاء الوادي الازيرق وخور أبو حبل الذي يكني بكجار الوادي البشيل الحجار ويسمى لقاء الواديين بملاقاة وعندما تقترب من الدلنج يطل حي المطار وجبل الدلنج والجامعة التي ورثت المعهد العريق.
2
عند بوابة جامعة الدلنج كان استقبال إدارة الجامعة بحرارة ودفء أهل كردفان كان وكيل الجامعة وقلبها النابض د. “أحمد عثمان خالد” وأساتذة الجامعة ومدير جهاز الأمن الوطني بمحلية الدلنج، الذي نجح في التغلغل بالحسنى وسط المجتمع، تجده مساهما في حل مشكلات الجامعة بدلا عن قمع طلابها الذين انصرفوا في العامين الأخيرين للدرس والتحصيل بعد أن غشيتها من قبل الاضطرابات وفوضى الجامعات، لكنها تعافت منها وعند مدخل جامعة الدلنج التي تغذي شرايين التعليم بخريجي التربية وتغذي الزراعة بمهندسي كليات الزراعة في المستقبل القريب، حينما تخطف البلاد ثمرات كلية أبو كرشولا الزراعية وتحت ظلال تبلدية “جعفر محمد عثمان”، ذرف الأستاذ “صلاح عبد الحفيط” الدمع، حينما تبدت في طيف الخاطر صورة “جعفر محمد عثمان” جالسا تحت ظلال تبلديته التي قال بعض النقاد: إنها رمزية فقط لإحدى حسان مدينة امتزجت فيها الدماء وشكلت فسيفساء من مكونات نوبة تبقروا أي أصبحوا بقارة، وبقارة تنوبوا أي صاروا نوبة، والهم هذا المزيج الرائع شاعرنا “جعفر” ليقول:

ذكرى وفاء وود عندي لبنت التبلدي

من كل خفقة قلبي وكل زفرات وجدي

يا ابنة الروض ماذا جرى لمغناك بعدي

مازلت وجدك الفي
ياليتني لك وحدي

هل تذكرين عهودا قد عشتها في جنابك

وهل شجاك غيابي
كما شجاني غيابك.

إنها كلمات تكاد مدينة الدلنج تحفظها بيتاً بيتاً وتحتضنها في الأمسيات المترعة بالشجن والحب والجمال في مدينة البهاء والحسن والتاريخ.
 
3
من الدلنج التي نالت نصيبا تستحقه من مشروعات التنمية والعمران التي أخذت في النمو مرة أخرى بعد أن عاشت المنطقة حالة اللاحرب واللاسلام، ونفذت شركة “شريف الشيخ” مبنى مستشفى الدلنج الجديد،  الذي زادت تكلفته عن المليار جنيه وهو أكبر صرح خدمي في الولاية، وكان يستحق الافتتاح في حضور رئيس الجمهورية، إضافة للكهرباء القومية التي أنسابت في أحياء المدينة منذ شهور وليت الفريق “بكري حسن صالح” رئيس مجلس الوزراء القومي، يزور المدينة ويحصد ما زرعته أيادي “بكري” حينما زار المدينة العام الماضي ووجه بدفع تكاليف المشروع الذي يمثل حدثا مهما جدا لإنسان المدينة.
ولأن الدلنج تمثل واحدة من مناطق الثورات أو التمردات وفيه ينهض بالانقلابات ثلة من المغامرين من الضباط يقف من ورائهم سياسيون حزبيون وقيل في مخيلة كل ضابط مشروع انقلاب ينتظر التنفيذ وإذا نجح الانقلاب يصبح ثورة وإذا فشل يتحول الثوار إلى خائنين وعملاء، أما التمردات فهي عند أنصارها ثورات يقودها مناضلون، والدلنج أنجبت من هؤلاء ما يسد قرص الشمس في نهار أبريل كبيرهم الأب “فيليب عباس غبوش” المولود في منطقة جحر سلطان غرب الدلنج، ومن الدلنج “خميس جلاب” أحد قادة المحاولة الانقلابية العنصرية في العهد الديمقراطي، ومنها اللواء “إبراهيم نايل إيدام” عضو مجلس قيادة الثورة والوزير السابق للطاقة والتعدين، “حبيب سرنوب الضو” القيادي في حزب الأمة الذي حمله البقارة الحوازمة على أكتافهم للجمعية التأسيسية، بينما صوت النوبة “لبشير فلين” المتهم تحت تحت ، بأن له لحية مثل مرشح الجبهة الإسلامية “عابدين موسى”، ومن تلك المدينة جاء “مصباح فطر” أفضل مدافع لم ينضم “لهلاريخ” في ثمانينيات القرن الماضي، ولكن من فلذات كبدها “مساوي” و”فاروق جبرة” و”برهان تية”، وخرج من الدلنج الثانوية “عبد الله محمد حسن” بنك الثواب، والحديث عن تلك المدينة المورقة يحلو في مثل هذه الأيام والدنيا قبايل عيد، وليس لنا إلا القول في حسناء الجبال التي يمثل سوق الخميس ساحة تلاقٍ للأحباء والعشاق وهم يرددون مع الشاعر “عطا المنان أحمد”:-

يوم الخميس لاقاني الوضيبو مسرح

بسمة معاه وخاطري اتجرح

يابت الجبال أبت للظروف تتصلح

نعود للعندها انقفل الجمال
واتارخ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية