صبية العجوز
هؤلاء الذين يسودون الحياة بفوضى الشعارات ويدنسون مقدسات المجتمع بضلالات النضالات ويأتون بكل فعل قبيح بدعوى النضال لا يشبهون أخلاق هذا الشعب الذي يؤدب من خرج من بيت أمه وأبيه من غير الفطرة الجمعية والأخلاق السوية وحسن مقابلة الضيف.
هم ثلة من ادعياء النضال باسم الحزب الشيوعي الذي شاخ وهرم وتبدت عليه كل علامات فقدان الذاكرة وضعف الإحساس، حزب بات بلا عقل ولا إحساس بالزمان والمكان (يطلق) صبيته في البنادر وفضاء الجامعات يلوثون الساحة بكل أشكال القبح لأنهم لم يتعلموا من تجارب الشيوعية الحقيقية.
صبية الحزب العجوز الذين هتفوا في يوم فراق “فاطمة” أخت “صلاح” بهتافات (سوقية) في وجه النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق “بكري حسن صالح” اسقطوا الحزب الشيوعي ولم يسقطوا هم.
وجرحوا كبد “فاطمة” في مرقدها الأبدي وهي بين يدي الله، مثلما جرحوها وهي على قيد الحياة حينما تنكروا لأفضالها ونضالاتها وجسارتها وعفتها وتركوها (مرمية) في بيت رعاية بلا أنيس ولا صديق يبدد وحشة ليالي لندن الباردة، وهؤلاء لا يحق لهم السير في جنازة “فاطمة” وجرح كبرياء الأسرة ومقابلة من تقوده وشائج الرحم وصلاة القربى والدم والعشيرة للقيام بواجب المواساة ونيل أجر من صلى على مسلم يوم قبره.
اخطأ صبية الحزب الشيوعي، حينما هتفوا في وجه الفريق “بكري حسن صالح” الذي جاء للصلاة بصفته رئيس مجلس الوزراء القومي، وقد أعطى الرجل المنصب قدره ووقاره و”بكري” متفقا عليه وسط أغلبية السودانيين بأنه يمثل القومية السودانية سلوكا ومنهجا لم يعرف عنه عصبية حزبية ولا خفة سلطوية ولم تستطع المعارضة طوال سبعة وعشرين عاما أن تخدش صفحة الرجل البيضاء نزاهة وطهارة و”بكري” لم يتهم يوما بتجاوز للمال العام ولا فسادا في الأداء أو تقريب محسوب على عشيرته وأهله لايزال بيته في الشمالية من الطين ولايزال يأكل قراصة الدناقلة يوم الجمعة في بيت أسرته بالكلاكلة، لم يسكن كافوري ولم يلوث ثيابه بالفساد، فكيف يهتف في وجهه صبية الحزب العجوز بكل هذه الوضاعة والسقوط في يوم كان منتظرا أن يسمق فيه الحزب ويرتقي بخطاب يعدد مآثر “فاطمة” وجيل “فاطمة” ولكن أين هو الحزب الشيوعي الآن؟
لم يقرأ صبية الحزب العجوز أدبيات “ماركس” ولا تتعدى معرفتهم برأسمال بضع فقرات ألقيت على مسامعهم في المحاضرات العابرة ولم يتأدب الصبية بأخلاق “عبد الخالق محجوب” و”عمر مصطفى المكي” حينما دب وسطهم خلافا فكريا وشقاقا ثقافيا وطفحت مقالات في الصحف السيارة تؤسس لقيمة حوارات من داخل البيت الشيوعي تنم عن وعي عميق بكيفية إدارة الاختلاف وصبية الحزب الشيوعي الذين هتفوا في وجه الفريق “بكري” لم يتعلموا من مدرسة الصوفية عند الشيخ “محمد أحمد الكريدة” ببحر أبيض ولم يعيشوا في مجتمع التسامح الفطري بأم درمان وينهلوا من أدب أبي روف ومدارس الفكر والثقافة أنهم فتية من طلقاء الحزب العجوز أعيتهم الحيلة وحار بهم النضال ولجأوا لهذا السلوك الذي انتقص من حزبهم الكثير ولم يبق على شيء من أخلاق “محمد إبراهيم نقد” ومدرسة “عز الدين علي عامر” وجامعة “التجاني الطيب بابكر”
غاب الحزب الشيوعي من الساحة وتلاشى وجوده وفاعليته ووطنيته في زمان الأمين العام الحالي “الخطيب” وأصبح الحزب الشيوعي تابعا لحزب المؤتمر السوداني، لذلك ظل “الخطيب” بعيدا جدا عن الاعتقال والاستدعاء لأن المؤتمر الوطني أكثر قناعة بأن الحزب في عهد “الخطيب” لا يشكل خطرا إلا على نفسه وتاريخه.