إلى الشيخ "موسى هلال".. مع التحيات
{ رفض زعيم قبيلة (المحاميد) الشيخ “موسى هلال” دمج (حرس الحدود) مع قوات (الدعم السريع)، واحتمى الرافضون لجمع السلاح وتسليم عربات الدفع الرباعي غير المرخصة بمنطقته “مستريحة” في شمال دارفور، هذا هو عنوان الأزمة المتناسلة الكبير!
{ ولا شك أن كل ذي بصر وبصيرة كان يتوقع هذه النهاية وتلك المآلات، فأهلنا قديماً وحديثاً ظلوا يرددون على مر الأزمان المثل الحكمة: (البلد المحن.. لابد يلولي صغارن)!!
{ الدولة هي التي سلّحت.. وصعّدت “موسى هلال” وجعلته قيادياً في الحزب الحاكم ومستشاراً بديوان الحكم الاتحادي، والدولة هي التي أنشأت قوات (حرس الحدود) لمقاتلة حركات التمرد، والدولة نفسها هي التي شكّلت قوات (الدعم السريع) وسنّت لها مؤخراً قانوناً، ورقّت قائدها إلى رتبة (الفريق).
{ ما كان “موسى هلال” ليرضى أن يعلو عليه من كانوا تحت إمرته وقيادته جنداً أو أتباعاً، وما كان ليستريح في “مستريحة”، والسلطات.. والامتيازات.. والرتب الرفيعة توزع على (أبناء عمومته)، وهو كبيرهم الذي علمهم السحر، وفتح لهم طريق السلطة ودروب القيادة!!
{ هذا كل ما هناك، وقد نكون مخطئين، لكن الأزمة في كل تمظهراتها لن تتجاوز مربع تداعيات تصعيد البعض وتهميش الآخر.
{ والحقيقة أن السلطة وجدت في القائد “محمد حمدان- حميدتي” رجلاً يمكن الاعتماد عليه والتكلان في إسناد القوات المسلحة، وتعزيز قدراتها القتالية على طريقة (حرب العصابات) المتبعة من قبل حركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان، وقد نجح في ذلك أيما نجاح، ما أدى إلى كسر عظم الحركتين الكبيرتين (العدل والمساواة) و(تحرير السودان- مناوي)، فلم تعد هناك على طول الإقليم وعرضه عمليات حربية مستمرة، انتهت الحرب عملياً، ولم يتبقَ منها غير آثارها وما يثور من حين لآخر من نزاعات قبلية مسلحة.
{ ولم يعد المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي- وهم داعمو التمرد في دارفور- مستعداً لتمويل (نسخة) جديدة من الحرب في هذا الإقليم المضطرب منذ العام 203م، كما أن الجنرال الليبي “خليفة حفتر” الذي تقاتل إلى جانبه بعض حركات دارفور، ليس بمقدوره منفرداً.. حسم الحرب في ليبيا بقواته دون بقية الفصائل والمليشيات الليبية، وهذا ما لا يفهمه داعموه من العرب، وبالتالي فإنه سيكون (تحالف المصابين) ذلك الذي تشكّل بين “حفتر” وكل من ينتوي إثارة الحرب في دارفور.
{ الأفضل للشيخ “موسى هلال” أن يظل زعيماً كبيراً ومرجعاً فوق العمل العسكري، أياً كان نوعه ومكاسبه.
{ والأسلم.. أن تسعى قيادة الدولة بجهد خالص، وصبر ونفس طويل إلى الاحتفاظ للشيخ “موسى هلال” بوضعية (سياسية) اعتبارية تحفظ له قدره.. ومقداره.. وسبقه في الدفاع عن دارفور وعن كل الدولة في أوقات عصيبة.
{ وما يجب ألا يغيب عن ذهن شيخ “موسى” أن نائب رئيس الجمهورية المسؤول عن جمع السلاح السيد “حسبو محمد عبد الرحمن” هو ابن عمه، وأن القائد “حميدتي” أيضاً ابن عمه، فهل وجدت (قبيلة) حظوة مثل هذي يا شيخ “موسى”؟!
{ لقد أصبح بقية أهل السودان (متفرجين).. وما هم بفاعلين، فاحمدوا الله على ما آتاكم.. واشكروا لهذه (الإنقاذ).. ودافعوا عنها بالنواجذ.. قبل كل زعيم وقبيلة.