ليل العاشقات قصير
* العنوان لا يمثل إضافة لشهقة الأستاذ “حسين خوجلي” عن ليل العاشقين الطويل، وقد مات العشق وجفت الحروف الندية، وبات الغزل والحب تكلفاً وتصنعاً بعد غروب شمس الحرمان التي أنجبت قصائد وأغنيات الحقيبة في الزمن الذي توارى خلف السنين، وأطل نهار عاشقين لفتاة وجهها مكبوت تحمل على ظهرها حقيبة مهترئة قديمة بالية على وجهها وشم الحزن والألم.
* وحينما أطل (الفاكس) كاكتشاف علمي حديث في التواصل بين العاشقين، كتب ” نزار قباني” شاعر الخصلات والأماني العزاب والعشق النظيف إلى شاعرة من دولة خليجية ثرية ومن أسرة حاكمة تملك القدرة على كسر قلم “نزار قباني” وكسر عنقه أيضاً، ولكنه أخفى أسمها تحت صفة الأميرة، وخاطبها شعراً بفرحته الطاغية للاكتشاف العلمي الحديث (الفاكس)، فقال “نزار قباني” في قصيدته الشهيرة الحب (بالفاكس) يا أميرتي يا معشوقتي (الفاكس) حل نصف مشاكلي العاطفية معك، ولكن متى تحلين لي النصف الآخر!
* الآن مات (الفاكس) ورحل ” نزار” وشاخت الأميرة بفعل الزمن، وأطل عصر (الانترنت) والحب (بالموبايل)، وضمرت مساحات تلاقي العاشقين في (كافيتريات) أم درمان والخرطوم، وباتت حدائق (6) أبريل أو مايو لا تستقبل إلا سائقي المركبات لنظافتها من طين الخرطوم؟ هل مات الحب أم قتلته التكنولوجيا التي حرمتنا من إبداع الحرمان الذي من حقه علينا أن يبقى مثل فتاة الناصر قريب الله التي وصفها بما يقود لمحاكم التفتيش والنظام العام إذا كتبتها في هذه المساحة، والناصر قريب الله أشعر شعراء السودان من دخول العرب السودان حتى عصر “روضة الحاج”.
* العشق الآن للثروة والعمارة الفاتنة والسيارة الفارهة، وليس لفتاة تجني ثمر السنط وكشحها مفرط في الهزال، والعشق للسلطة التي تجعل الأغبر الأشعث ندي الخدود بهي الطلعة وتبعات السلطة من مال ورغد عيش تنعم الوجوه، فأنصرف الشعراء لمدح السلاطين من ” كافور الإخشيدي” حتى عصر هذا، من ” صدام حسين” حتى ” القذافي”، وكان المرحوم الأديب ” فراج الطيب” قد كتب في مدح ثورة الإنقاذ ما لم يكتبه ” محمد عبد الحليم”، ويتذكر السودانيون صاحب لسان العرب وهو يقول ( ثورة الإنقاذ هبت ليس بعد الثورة تاني ثورة فيها الزبير والتجاني)، والأخير لم يحظِ بمدح وقصائد تمجيد مثل أقرانه لأنه ما كان يملك سيفاً ولا ذهباً ولا يرتجى منه نفعاً مع أن ” التجاني” شخصية نادرة على طريقتها الخاصة، انزوى الآن بعيداً في الظل، وقد عاد الشاعر صاحب أهزوجة ( نأكل مما نزرع) وزيراً في الشمالية، وتلك من أفضال وشمائل وإشراقات ” فتحي خليل” الذي يحب حلفا، ولكن بالطبع لا يبلغ مقام ” فكري أبو القاسم” صاحب (الخطيئة والغربان).
* العاشقون والعاشقات الآن في بلادي لهمس الروح وللآهات في هجعة الليل، قد طوت أحلامهم وبددتها ألسنة لهيب حريق الوطن، ودارفور تبكي وتذرف دموعها منذ سنوات و( جبال النوبة) و( النيل الأزرق) لياليها طويلة جداً مثل ليل (طويلة) غرب فاشر السلطان!!