متغيرات على ضفتي الخليج.. هل تبصر حكومتنا ؟!
يبدو أن مشهد علاقات “السعودية” ودولة “الإمارات” بخصمهما اللدود “إيران” يمضي نحو التهدئة والتفاوض، فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ أن صافح وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” نظيره السعودي “عادل الجبير”، على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت في “أسطنبول” التركية مطلع (أغسطس) الجاري، وعلق الوزير الإيراني على الحدث الذي رجح مراقبون أنه (مرتب) بواسطة الدبلوماسية “التركية”، علق قائلا إن ما فعله تقتضيه الأعراف الدبلوماسية !
وقبل أسبوعين، زار الزعيم العراقي (الشيعي) “مقتدى الصدر” السعودية واستقبله بمكتبه نائب الملك ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، وجرى حوار طويل – حسب ما روى “الصدر” لصحيفة الشرق الأوسط السعودية – حول العلاقات بين السعودية وإيران، والسعودية والعراق، والحرب في اليمن. وقال “مقتدى الصدر” إن الأمير “محمد بن سلمان” بشره بانتهاء الحرب في اليمن !
وكان “الصدر” قد دعا في شهر (يونيو) الماضي السعودية وإيران إلى ضبط النفس وعدم التصعيد. وقال الزعيم (الشيعي): (على طهران والرياض الاعتناء بشعبيهما دون النظر إلى العقيدة والطائفة والمذهب) .
ورغم وجود خلافات بين “الصدر” والقيادة الإيرانية في تفاصيل قضايا الحكم في العراق، بما في ذلك تمدد مليشيات (الحشد الشعبي) ، إلا أن المخابرات الإيرانية حسبما أوردت صحف “كويتية” الأسبوع الماضي، قد نبهت “الصدر ” إلى مؤامرة لاغتياله من قبل بعض المقربين منه، وملكته وثائق وأدلة في هذا الشأن، ما يؤكد حرص القيادة الإيرانية على حياة “مقتدى الصدر”، باعتباره زعيماً (شيعياً) مهماً وأحد قادة التيارات الكبيرة والنافذة في العراق !!
بعد أسبوعين من زيارته للسعودية، وصل “مقتدى الصدر” دولة الإمارات، أول أمس، واستقبله نائب حاكم أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ “محمد بن زايد” في قصر الشاطيء بأبوظبي وجرت مباحثات مطولة بين الجانبين، أعقبها “الصدر” بمقابلة مع رجل الدين الإماراتي “أحمد الكبيسي” أمس، حيث اتفقا على العمل سويا لنبذ العنف والتطرف في المنطقة !
قبل ثلاثة أيام.. بثت قناة (العربية) السعودية تسجيلاً مصوراً بإحدى نشراتها الرئيسة لرئيس بعثة الحج “الإيرانية” يشكر فيه القيادة السعودية على حسن استقبال الحجاج “الإيرانيين” وإكرام وفادتهم !!
يوم (الأربعاء) الماضي.. استقبل ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” بمكتبه في “جدة ” وزير النفط العراقي (شيعي) السيد “جبار اللعيبي” والوفد المرافق له .
إذن.. هناك مشاهد وقرائن تشير إلى أن حواراً غير معلن يجري بين ضفتي الخليج الشرقية والغربية، سواء بوساطة “عراقية” أو “تركية” ، ولكن الثابت أن خيار التهدئة ووقف التصعيد هو الخيار الراجح الذي اتفق عليه الخصمان المتنازعان على النفوذ في منطقة الخليج والشام واليمن .
الصلح خير.. والحوار هو الطريق الأقصر للوصول إلى تسوية لكل أزمات المنطقة ابتداءً من الحرب في “سوريا” وانتهاء بحرب “اليمن ” مرورا بالأوضاع في “العراق” و”غزة” .. و”القدس” السليبة.
لكن ما يهم شعبنا من كل هذه المناورات الدبلوماسية، أن تتبين حكومة السودان موضعها مبكراً في خريطة هذه المتغيرات.. فلا تسرع الخطى كما فعلت من قبل، غير مبصرة ولا متدبرة..
ليت حكومتنا تتأمل في قول “محمد بن بشير”: قدر لرجلك قبل الخطو موضعها.. فمن علا زلقا عن غرة زلجا.