الحاسة السادسة
مشاهد متكررة
رشان أوشي
أكثر من أربعين ألف جنيه، جنيه ينطح جنيه تكلفة حج هذا العام، والأمور لا تبشر بخير حتى الآن، فمشاهد المئات من الحجيج وهم يفترشون الأرض ويلتحفون هجير شمس أغسطس الحارقة أمام نوافذ سداد رسوم الحج، تشير جلياً إلى أنهم قد بدأوا أول فصل من فصول (البهدلة) التي بانتظارهم منذ مغادرتهم مطار الخرطوم أو ميناء بورتسودان وحتى عودتهم، وهو ذات السيناريو الذي يحدث كل عام، إلا أنه بدأ مبكراً هذه المرة
فبعد (البهدلة والمرمطة) أمام نوافذ سداد الرسوم التي استمرت لأيام منذ الصباح الباكر وحتى التاسعة مساءً، بسبب (الشبكة الطاشة)، أصبح المغادرون إلى مكة عبر النقل البحري وهم أغلبية الحجيج، أصبح وضعهم حرجاً، فقد سحبت شركات عالمية بواخرها من ميناء بورتسودان، ويعلم الجميع أن آخر باخرة ضمن أسطول بحري تملكها حكومة السودان قد بيعت في سوق الخردة، إذاً سيبدأ فصل آخر من المعاناة عمّاَ قريب.
بحسب إفادات بعض من المتقدمين لحج هذا العام، فإن عملية التقديم نفسها شابتها الشوائب التي لا تمت لهذه الشعيرة ولا لقيم الدين بصلة، وتؤكد مدى التدهور الأخلاقي والقيمي الذي وصلنا إليه، حيث تعرض عدد كبير من المتقدمين للحج لعمليات ابتزاز واسعة وهم على استعداد للشهادة أمام المحاكم والرأي العام، فخلال أيام التقديم يحاول بعض القائمين على الأمر إيهامهم بأن التقديم قد نفذ، وعليهم دفع مبالغ مالية بعينها لإيجاد فرص لهم، كيف لشخص يرغب في زيارة بيت الله تطهراً من الذنوب أن يستغل هؤلاء جهله وحلمه بحج بيت الله في دفع رشاوى، من أين يأتون بهؤلاء؟؟!!