جمع أم نزع!!
أعلنت الحكومة عزمها على غسل ثياب إقليم دارفور من درن الصراعات وإعادة الطمأنينة لنفوس أهلها بعد الجهود الأمنية التي بذلتها القوات المسلحة وخاصة قوات الدعم السريع وهي واحدة من مكونات القوات المسلحة مثلها وفرقة المظلات أو الدفاع الجوي أو المدرعات.. وقد نجحت القيادة السياسية في جعل قوات الدعم السريع فصيلاً مهماً من القوات المسلحة وبفضل جهودها القتالية وانتشارها الواسع في الإقليم، انتهت الحرب كمواجهة بين المتمردين والقوات الحكومية، وآخر المعارك التي خاضتها مليشيات التمرد تكبَّدت فيها خسائر فادحة وتم القبض على قادة التمرد ولقي البعض مصرعه في العمليات بكل من عشيراية بشرق دارفور وجبل مرة الذي طردت قوات الدعم السريع مليشيات “عبد الواحد”.. وفي مناخ سيطرة القوات المسلحة على الأراضي ونهاية التمرد.. وبدء العودة الطوعية للنازحين، قررت الحكومة أن تستخدم الدواء الوقائي من تجدد المواجهات العسكرية وتحتكر السلاح للقوات النظامية فقط، من أجل تجفيف منابع الدعم في الإقليم المتمثلة في الصراعات القبلية والنهب بعد القضاء على الضلع الثالث وهو التمرد.. وأسند الرئيس “عمر البشير” مهمة جمع السلاح من دارفور لـ”حسبو محمد عبد الرحمن” المعروف بهمته العالية ونشاطه الدؤوب وثقته في نفسه، وقبل كل ذلك قبول الناس له وإحساس أهل دارفور بأن “حسبو” يقف على مسافة واحدة من كل مكونات الإقليم.. ومنذ شهور عقدت اجتماعات في القصر مع الولاة والبرلمانيين وزعماء العشائر.. وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في دارفور.. وتمدَّدت لقاءات بالإعلاميين والشعراء وكل طيف المجتمع العريض بحثاً عن خطة شاملة للتخلص من السلاح في دارفور من خلال مرحلتين الأولى طوعية والثانية (جبرية).
وقبل بدء حملة نزع السلاح اندلعت الأسبوعين الماضيين أحداث في شرق دارفور بين الرزيقات والمعاليا، وهي مشكلة قديمة منذ ستينيات القرن الماضي، عجزت الحكومات المتعاقبة في حكم السودان إيجاد وصفة علاجية لها.. وأقعدت تلك القضية وهي في جوهرها صراع حول الأرض بين مجموعتين من أصل عرقي واحد.. واستخدمت الحكومة لأول مرة ( التي هي أخشن) في حسم المتفلتين من الرزيقات والمعاليا.. وتم اختبار قوات الدعم السريع في إمكانية أن يكون لها دور في عملية نزع السلاح في دارفور إذا فشلت عملية الجمع الطوعي وقد تجاوزت قوات الدعم السريع الاختبار ونجحت نجاحاً باهراً في إثبات قوميتها وحيادها في النزاعات القبلية وكذبت قوات الدعم السريع عملياً تخرصات المعادين لوجودها بأنها قوات قبلية تسيطر عليها قبيلة واحدة (الرزيقات) قبل المعاليا وألقت القبض على المتفلتين منهم.. ووضعت عمداً متهمين قيد الاعتقال وتم القبض على ناظر الرزيقات (نفسه) قبل أن تتدخل القيادة السياسية العليا وتفرج عنه مع ناظر المعاليا.. وهذه الأحداث أثبتت من جهة عزم الحكومة على نزع السلاح من مواطني دارفور جبرياً إذا فشلت المساعي الطوعية، كما أثبتت من جهة أخرى أن قوات الدعم السريع التي كان لها الفضل في دحر التمرد والقضاء عليه سيكون لها دور كبير في نزع السلاح من أية قوة غير نظامية في دارفور تقاوم جمع السلاح عطفاً على انتشار قوات الدعم السريع في مساحات واسعة لتأمين مسارات الرحل وحماية بلدان المزارعين بعد أن أصبح عسيراً على الشرطة بإمكانياتها البشرية المحدودة وقدراتها في التصدي لمن هم أكبر عدداً وعتاداً.
نواصل