رأي

مسألة مستعجلة

 حزب الصوفية!!
نجل الدين ادم
تحركات عملية من قبل بعض قيادات الطرق الصوفية هذه الأيام لتشكيل حزب أو كيان سياسي باسم الصوفية، وهي دعوة قديمة متجددة تعثرت في الميلاد بسبب وجود بعض الرافضين للمبدأ.
والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه.. لماذا يريد هؤلاء النفر أو الجماعة تكوين حزب سياسي في هذا التوقيت تحديداً والدخول إلى عوالم السياسة من أوسع أبوابها، سيما وأن الصوفية كيان ضارب في القدم؟
أسئلة أخرى تفرض نفسها في ظل الحراك الذي نشهده حالياً، وعلى رأس هذه الأسئلة: هل السياسة في معناها العام تجد من الفتاوى التي تجوز لقيادات الصوفية المضي في هذا الطريق؟
في الخارطة السياسية الراهنة نجد أن دعوة البعض من قيادات الصوفية ككيان روح عقدي، ليست هي الأولى من نوعها، فقد سبقتهم جماعة أنصار السنة المحمدية في ذلك بالمشاركة في الحكومة، رغم أنهم الأكثر تشدداً من الصوفية، لذلك يبدو أن أمر انضمام الصوفية ككيان منفصل بذاته، للركب السياسي والمشاركة في الحكومة ليس استثناءً، ولكن تبقى الإشكالية في التباين الواضح في الآراء بين الجماعة الصوفية وانقسامها على نفسها ما بين مؤيد للفكرة ورافض لها.
كل المؤشرات الراهنة تشير إلى أن المجموعة التي تتبنى أمر هذا الانتقال السلس إلى عالم السياسة، تمضي بخطى ثابتة خصوصاً بعد دفعهم بطلب رسمي لمجلس الأحزاب السياسية.
تبقى لهؤلاء فقط موافقة هذا المجلس المعني بالأحزاب على طلبهم بعد استيفاء الشروط اللازمة، لكن يظل تحدي المواءمة ما بين السجادة التي ظل يحرسها هؤلاء المتصوفة لسنوات طويلة، وعالم السياسة الذي يريدون أن يكونوا جزءاً منه، ويبدو أن مخاوف الرافضين لتكوين الحزب تنبع من هذا السبب، ولكن تاريخياً هناك أحزاب عقدية وطائفية استطاعت أن تعبر هذا (المطب) بالفصل ما بين الجانب الروحي وحراسة السجادة، وما بين السياسة، مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي تقابله طائفة الختمية الجناح الديني، كذلك حزب الأمة، حيث هيئة شؤون الأنصار الكيان الديني، ونجد أن كل جسم يعمل منفصلاً عن الآخر، كما يقولون “الدين بدربو والسياسة بدربها”.
مشهد التدين في السودان بشكل عام، يبدو واضحاً وراسخاً، فنجد معظم أهل السودان ينتمون للطرق الصوفية، أي أنهم متصوفة في الأصل، ويبدو أن وسطية الطرح الصوفي في تغذية الروح بالتدين هي التي أوجدت لها هذا الحب الكبير والتفاف الناس حولها، وبمرور الزمن دخلت الكثير من المتغيرات التي يخشى البعض من تأثيراتها السالبة على الالتفاف الذي حظيت به.
لذلك مطلوب من كيان الصوفية وبما عرف به من وسطية، التعامل بحكمة تجنبه انفضاض الناس من حوله، ليس بسبب التشدد ولكن لعدم معالجة أسباب التباين في المواقف بشأن الانخراط في السياسة من عدمه.. والله المستعان.

  

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية