مسامرات
فضائيات قناة الخرطوم
محمد إبراهيم الحاج
تعد مثالاً واضحاً لما تعانيه القنوات السودانية من بؤس مدقع في كيفية الدفع بخطط برامجية مبتكرة وغير مطروقة…لا تجد القناة التي تلقى رعاية حكومية قبولاً على مستوى الشارع السودان سوى برنامج (بنك الثواب) الذي تم إيقافه وعودته مرة أخرى بعد الضغوطات الإعلامية التي مورست عليها.
*لم يحدث أن أدارت المجالس حديثاً حول برنامج تقدمه القناة الحكومية سوى ما ذكرناه سابقاً..ربما أن رداءة مكوِّنها البصري أو سوء الصوت الذي بات بمثابة (علة مستحكمة) (تسرطنت) في معظم برامجها هو ما خلق لها هذا النوع من الخصام بينها والمشاهدين.
*دائماً ما تروج القناة لبرامج تظن من خلال (البرومو) إنها سوف تكون الحصان الأسود للقنوات، ولكنها لا تتقن الصنع بمثل إتقانها الترويج..في البال عدد من البرامج التي انتظرناها خلال وقت سابق ولكنها سقطت في أول امتحان (مشاهدة).
ولكن رغم ذلك يظل الحكم على القناة مرهوناً بما تقدمه خلال الأيام القادمة خاصة حتى تخرج الفضائية من حالتها الراهنة.
الشروق
إن كانت قناة الخرطوم تشتكي من ندرة المال والأفكار فإن نظيرتها الشروق لا تعاني من ندرة المال..ولكنها في ذات الوقت بحاجة ملحة إلى ما يمكن أن نطلق عليها (خارطة أفكار برامجية جديدة) بعد أن استهلكت القناة كل أفكارها ولم يعد بوسعها تقديم شيئ جديد…الخرطوم لا يمكن مقارنتها بالقناة التي تتخذ شعار (شمس السودان التي لا تغيب) شعاراً لها…ورغم ذلك فإننا كنا نتوقع أن تمضي الشروق في ميزتها النسبية في إنتاج الدراما السودانية، ويتطور إنتاجها الدرامي في تقديم أعمال قوية وطويلة…ولكنها لم تفعل ذلك لأنها لم تخرج من عباءة المخرج “أبو بكر الشيخ” الذي تسند له إخراج أغلب الأعمال الدرامية بها..ربما أن الانتماء السياسي له دور في الموضوع..فهناك مخرجون لهم خبرات أكبر وأفضل من “أبو بكر الشيخ” ولكنهم لا يجدون فرصتهم بالشروق في مقدمتهم (المعلم) “محمد نعيم سعد”.
*النيل الأزرق
تبدو النيل الأزرق هي الأكثر استعداداً وتنوعاً في البرامج، ولكن ما يعاب على النيل الأزرق هو تغييبها للبرامج التي تهتم بقضايا الناس ومشاكلهم، وتفتقر إلى نوعية البرامج التي تصل إلى (السواد) الأعظم منهم، ونقل كل مكونات التعدد السوداني بسحناته وطبائعه و(شينه) و(دشنه) سيطرة الوجوه (المليحة) هو ما رمى بالتنوع جانباً.
*أم درمان..جنوح للإثارة
أم درمان التي يملكها الإعلامي (المخملي) “حسين خوجلي” بدا أنها سعت إلى تغيير في منهجها الذي بدأت به، فقد ظهرت القناة في بداياتها مهتمة بالثقافة والفنون و(الكلمة) الساحرة بقيادة ربانها “حسين خوجلي”، ولكن على ما يبدو أن تلك البرامج (الناعمة) لم تحقق طموحاً إعلامياً و(إعلانياً) و(رواجاً) كبيراً ولهذا فقد تحوَّرت بوصلة القناة إلى إنتاج البرامج المثيرة والتي تجنح في أغلبها إلى المواجهة والنقد العنيف، ولعل أبرزها كان برنامج “حسين خوجلي” (مع حسين) الذي أتى أكله وكفل للقناة أن تحقق ما رجته من انتشار وتدفق إعلاني عليها ولكنه توقف لظروف خاصة بصاحب (ألوان)..وهذا الجنوح نحو الإثارة لم يقتصر على برنامج “حسين خوجلي” ولكنه ظهر حتى في البرامج التي تناقش الرياضة وقضايا الشباب، ولهذا يمكن أن تكون قناة أم درمان الآن هي الأكثر قدرة على المواجهة وابتداع أشكال برامجية مثيرة، ولكن القناة تفتقر إلى الصرف على برامجها…فهي تسعى إلى تقليل تكلفة أي برنامج..وقد يكون هذا الأمر سبباً مباشراً ليلقي بها خارج المنافسة الرمضانية.