أين الحكومة ؟
الاعتقاد السائد عند قطاع عريض من السودانيين أن حكومة الوفاق الوطني تحت قيادة الفريق “بكري حسن صالح” قادرة على إصلاح الأوضاع المتردية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ورياضياً.. لكن التفاؤل الكبير قد أخذ في التبدد وانقلب الرجاء إلى حسرة والأمل إلى إحباط وإحساس بأن الأداء البطيء وغياب المبادرات سيجهض حلم الملايين في تغيير الواقع لأفضل منه.. إذا كانت أزمة الإسهالات المائية قد كشفت عن ضعف أداء الحكومة وتثاقل خطاها. وقد شكلت الحكومة اللجنة العليا لدرء خطر الإسهالات بعد أن حصد الموت المئات.. وتقدمت المعارضة بمشروعها الذي يصف الإسهالات بالكوليرا وسط ضبابية في الموقف الحكومي وتضارب في إفادات المسؤولين.. ليخيِّم الفشل مرة أخرى في واقعة تجميد كرة القدم السودانية وخسارة هلال الأبيض لمقعده في دوري الثمانية من البطولة الكونفدرالية.. حيث فشلت الحكومة في معالجة صراعات قيادات اتحاد الكرة.. ولا يزال الفشل مخيِّماً على الوسط الرياضي ليجد المنتخب الوطني الذي يمثل السودان نفسه يتيماً بلا راع.. الدولة في شغل عنه بأزمة الخليج ووزير المالية الذي يفترض أن تتكفل وزارته بالإنفاق على المنتخب الوطني وكل المنتخبات لا يستطيع دفع دولار واحد إلا إذا تنزلت إليه التوجيهات والتعليمات.. لذلك يعيش الاقتصاد السوداني اليوم أياماً عصيبة، وقد عبَّر عن ذلك الخبير الاقتصادي “عبد الرحيم حمدي” الذي وصف الأوضاع بأنها سيئة بسبب السياسات الانكماشية في هذا المناخ تأخذ الحمية والوطنية، المغروزة في قلوب السودانيين، رجل الأعمال “حسين برقو” ويدفع من جيبه الخاص مبلغ (200) مليون جنيه، تبرعاً سخياً لإنقاذ الفريق القومي السوداني الذي إذا انتصر في أية مباراة خارجية هرعت الحكومة خفافاً نحوه لخطف الأضواء والفوز بالشكر والإدعاء بأنها من خطط لذلك النصر.. و”حسن برقو” حتى وقت قريب كان متهماً في انتمائه إلى الحركات المسلحة.. تعرَّض للظلم، وقبع في غياهب السجون سنوات وتم إطلاق سراحه دون محاكمة.. ولكنه عفا واحتسب سنوات السجن والتنكيل وتشويه السمعة والتربص.. وعاد “حسن برقو” فاعلاً في الساحة الاجتماعية والاقتصادية، وأخيراً ولج الميدان الرياضي.. أسس منتخب النازحين وأغدق عليه صرفاً مالياً من خزانته الخاصة، ولم يجد “حسن برقو” التقدير الذي يستحقه على جهده السياسي في فضاءات المؤتمر الوطني فاحتفظ ببطاقة انتمائه للمؤتمر الوطني، ولكنه اتجه للميدان الرياضي.. ولأن جماهير كرة القدم تفيض وفاءً فقد انتخب من الجنينة أقصى غرب السودان رئيساً لاتحاد كرة القدم هناك، واختار “حسن برقو” الوقوف مع الجنرال “عبد الرحمن سر الختم” الذي اعتكف في منزله غاضباً على ما يحدث في الساحة بعد فوزه في الانتخابات التي جرت وتربص المتربصون به، و”حسن برقو” حينما يتبرع بماله الخاص من أجل المنتخب الوطني إنما يتولى الصرف نيابة عن الدولة التي تضع الرياضة في أدنى سلم أولوياتها.. وقد أنفق على المريخ “جمال الوالي” وأنفق على الهلال “صلاح إدريس” ثم “أشرف الكاردينال” الآن، بينما تنفق الحكومة على بقية الأندية وتعجز عن توفير تذاكر سفر المنتخب الوطني، ليشعر “حسن برقو” بوخز الضمير ويدفعه النشيد الوطني (نحن جند الله جند الوطن)، ليضع مائتي مليون جنيه، من ثروته الخاصة في خزانة الاتحاد الذي تسيطر عليه مجموعة بأمر (الفيفا) ورغم أنف القانون والسيادة الوطنية.
السؤال ماذا يفعل الوزير؟ ونعني وزير الرياضة إذا كانت وزارته عاجزة عن توفير تذاكر المنتخب إلى بورندي، وبالتالي لن تستطيع دفع نثريات اللاعبين والمدربين، ورغم ذلك يثير عراك الإداريين غباراً في مقرن النيلين بحثاً عن مواقع في اتحاد الكرة.