الديوان

"النصري" في حفله الأخير…يرسم خارطة السودان الجميل

الخرطوم – المجهر
فنان الطنبور “محمد النصري” بجده ومثابرته وموهبته استطاع أن يضع نفسه في القمة ورسم لحياته الفنية خارطة طريق مكنته من الارتقاء بأغنية الطنبور من (المحلية) إلى (مصاف القومية) ومن ثم إلى (العالمية) .
والفنان “محمد النصري” نجح فيما فشلت فيه الأنظمة والنخب السياسية وكل منظمات المجتمع المدني، حيث استطاع توحيد وصهر الأعراق السودانية في بوتقة واحدة متجانسة ومتآلفة .
وفي حفل ليلة أمس الأول، بنادي الضباط كنت جالساً ومن حولي السودان الجميل الذي عشناهو وعرفناهو عن معرفة وإدراك السودان الذي أنجب “دينق” في الجنوب و”أبكر” في الغرب و”أوشيك” في الشرق و”سيد أحمد” في الشمال و”محمد” في الوسط، وفي ليلة الأمس عايشت كل القبائل السودانية بمختلف أجناسها وإثنياتها المختلفة (اللون – العرق – الدين -اللغة) ده من كاجو كاجي وده من وادي حلفا وده من كردفان وده من ريرة غادي.
كل هذه الوجوه التي رسمت خارطة السودان الجميل دون انقسام ودون انهزام كانت تتمايل طرباً وهياماً وعشقاً مع المغني الجميل المستحيل “محمد النصري” الذي تغنى بالأمس للوطن من كلمات شاعر الوطن “حميد” (من كناك ما خناك ومافينا الضلالي العاق ويا حاسب سكاتنا رضي أماني بطونها ماها غراق)، وتغنى للسلام من إشعار “حميد” (امش طوف يا حمام جناحيك جنوب شمال ومحل غصن العزة مال عليك وعليه السلام)، وتغنى لمؤامرات الساسة في السودان (يا ملدوغ في أديس ومعوق في كوكدام)، وتغنى للحبيبة من كلمات الشاعر المتيم الصوفي الحبيب “محمد أحمد” (أزكى أشعاري ليك يا عابرة كل ما حال عليها الحول)، وتغنى للغبش فكانت الجميلة صبرية للرائع “خالد شقوري” (شافعي من عربان بلدنا منها وفيها الوداعة)، وتغنى للفرح من كلمات الشاعر المرهف الباشمهندس “عبد الرؤوف عبدالله” أغنية (ضحك الدرب)، وتغنى للرمزية من كلمات الشاعر العميق “عطا الكنيبلي” (دنيا كما المنام) ،
و”النصري” في ليلة أمس الأول، رسم لوحته الإبداعية من عيون الجماهير الغفيرة التي ضاقت بها مدرجات نادي الضباط في مشهد سريالي جميل فكل الجماهير كانت تردد مع “النصري” أغنياته الجميلة المدهشة حد الدهشة .
هذا المغني الجميل سبق وأن كتبت عنه عشرات المقالات من أجل أن نوفيه حقه ومكانته، ولكن إذا اجتمعت كل الحروف فهذا المغني لن ولم نوفيه حقه لأنه مغنى متفرد في كل مكونات الأغنية الجميلة ويمتلك ناصية إبداع لا مثيل لها في خارطة غناء الطنبور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية