مسألة مستعجلة
ما بعد القرار!
نجل الدين ادم
الآن وقع فأس القرار الأمريكية بإرجاء النظر في رفع الحظر الاقتصادي المفروض على السودان على رأسنا جميعاً، مؤكد أن الأذية ستنتقل لكافة أنحاء الجسد، وربما تشل الحركة ويرتفع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية كما حدث بالفعل، وتنخفض قيمة أسهمنا في البورصات العالمية ويعاود التضخم الارتفاع، إلى آخر قائمة الآثار السالبة من القرار، والذي جاء مخيباً للآمال والحكومة قد أوفت بكل ما عليها، ولكنه المزاج الأمريكي كما ذكرت في مقالي قبل يومين، حيث أبى الرئيس “ترمب” إلا أن يعطل مسيرتنا في مسألة رفع العقوبات ويقرر إرجاء النظر في القرار الذي كان يترقبه الشعب السوداني، لاحظوا (النظر) وليس شيئاً آخر حسبما كان محدداً يوم (الأربعاء) الماضي، أي بعد ستة أشهر من الموعد الذي حدد مسبقاً، ليكون بذلك القرار الجديد أسوأ مما كان ينبغي أن يكون، وهو التمديد لستة أشهر أخرى مع ضمان انسياب رؤوس الأموال الخارجية والاستثمارات، كيف لا والقرار الذي صدر هو تأجيل النظر، أي أن البداية ستكون بعد ثلاثة أشهر بدلاً من أمس الأول (الأربعاء) ، والنتيجة غير معروفة.
ينبغي أن نتجاوز محطة تداعيات القرار الأمريكي وننظر في المعالجات الممكنة، وبالفعل حسبما رصدنا أمس الأول حركة السوق، فإن هناك آثاراً اقتصادية سالبة قد ظهرت فعلياً بعد ساعات من إعلان القرار، لذلك تصبح المهمة الأكبر في أن يعد القطاع الاقتصادي خططه البديلة لاجتثاث أي آثار سالبة سيما وأن التوقعات الإيجابية أكبر، مطلوب من وزارة المالية والبنك المركزي أن يُعيدا قراءة الواقع ويعملا على وضع خطط إسعافية بديلة لنعبر بها فترة الثلاثة شهور وهي بحساب الزمن ليست بكثيرة، وحسناً أن نبهه مجلس الوزراء يوم أمس، إلى هذه النقطة الجوهرية، وطلب من القطاع الاقتصادي العمل على زيادة الإنتاج والإنتاجية ورفع سقوفات الصادر وغيرها من المعالجات.
كنت أتوقع أن تكون الحكومة قد وضعت بالفعل خططاً بديلة تتناسب وأي قرار يصدر وهي تعلم مسبقاً موعد إعلان القرار، ولكن يبدو أن قطاعنا الاقتصادي نام على أحلام رفع العقوبات نهائياً إلى أن حل علينا هذا الكابوس.
مؤكد أن القرار ستكون له أيضاً آثار على عملية السلام في البلاد، الأمر الذي يحتاج لتدابير وقائية للمحافظة على ما تحقق والمضي في عملية التفاوض مع ما تبقى من أطراف في عملية السلام سواء كان في جنوب كردفان أو النيل الأزرق.
قرار رئيس الجمهورية بتجميد عمل لجنة التفاوض أو الحوار مع واشنطن، منطقي للغاية لكونه أنبنى على افتراضات ما حملته ورقة القرار الأمريكي والتي ألغى فيها الرئيس “ترمب” الفقرة المتعلقة بضرورة التعاطي مع التقارير التي تأتي من الـ(سي آي إيه)، أو غيرها من الجهات، ما يعني أنه ليست هناك من فائدة طالما أن “ترمب” لن يعمل بما تخرج به لجان التفاوض من تطور، أتمنى أن تنتهي الفترة الجديدة سريعاً ويجد السودانيون ما يرضي طموحاتهم من الأمريكان وتُرفع العقوبات الأحادية إلى غير رجعة، والله المستعان.