زيارة البشير لـ(الرياض).. عمرة وأشياء أخرى متفرقات!..
هل تستطيع الخرطوم المحافظة على حيادها تجاه أزمة الخليج؟
الخرطوم – ميعاد مبارك
رئيس الجمهورية “عمر حسن البشير” توجه أمس (الاثنين)، إلى المملكة العربية السعودية، لأداء عمرة رمضان الاعتيادية كحاله كل عام، والتي تأتي هذه المرة في توقيت وظروف غاية في الحساسية مع تفجر الأزمة الخليجية ومقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر، وتداعيات ذلك، فضلاً عن الضغوط غير المعلنة على الخرطوم للاختيار إلى جانب مع من ستقف، قطر أم السعودية؟، فهل ستنضم الخرطوم إلى ركب المقاطعة أم ستقنع الرياض بأهمية موقفها الحيادي الداعم للمبادرة الكويتية لحل الأزمة؟، وما هي أبرز الملفات التي سيناقشها “البشير” مع الملك “سلمان بن عبد العزيز”؟.
أسباب الزيارة
رئيس الجمهورية “عمر حسن البشير” غادر البلاد أمس متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة العمرة التي كان البعض قد ألمح إلى أن “البشير” لن يقوم بها هذا العام لحساسية الأوضاع والأزمة الخليجية الراهنة.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع بأن “البشير” سيجري مشاورات واسعة مع الملك “سلمان” حول العلاقات بين البلدين والمستجدات الإقليمية والدولية، فضلاً عن عاصفة الحزم ورفع العقوبات الأمريكية، وعلمت (المجهر) أن السبب الأساسي لزيارة “البشير” للمملكة العربية السعودية هو الأزمة الخليجية الحالية وتداعياتها، وكان “البشير” قد أبدى قلقاً واضحاً حول المستجدات الإقليمية والدولية، ووصف ما يحدث في الخليج بالفتنة، وقال مخاطباً إفطار الطرق الصوفية أمس الأول، (الحكاية ماشة وما في دولة مستثناة وأول الدول المستهدفة السودان).
وأكد “البشير” في أول تعليق له حول الأزمة الخليجية التي تفجرت قبل حوالي (15) يوماً، أن ما يحدث في الخليج نتيجة لمكائد ومؤامرات مقصودة، مشيراً إلى ما كانت عليه دول الخليج من وحدة صف وتقارب وثيق.
إصلاح ذات البين
وحسب وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” فالرئيس سيدعم مبادرة الكويت لنزع فتيل الأزمة بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهذا ما أكد عليه الرئيس الذي بدا مهموماً في تصريحاته أمس الأول، في إفطار الطرق الصوفية بما يحدث في الخليج والمنطقة، وقال إنه سيبذل مساعٍ لإصلاح ذات البين بين الأشقاء في الخليج.
حساسية الوضع
وكان وزير الخارجية قد التقى (الجمعة) الماضية سفيري الإمارات ومصر والقائم بالأعمال السعودي في لقاء مستعجل، وكانت مصادر عليمة قد أكدت لـ(المجهر) أن اللقاء كان بإيعاز مصري للضغط على الخرطوم لاتخاذ موقف وتحديد مع أي الطرفين سيقف، في وقت أكد فيه وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور”، حسب تعميم صحفي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “قريب الله الخضر” أن وزير الخارجية جدد موقف السودان وحرصه على إصلاح ذات البين بين الفرقاء ومساندته لمبادرة أمير دولة الكويت.
ونوَّه “غندور” خلال لقائه بالسفراء الثلاثة إلى أن السودان ينظر لمنظومة دول مجلس الخليج باعتبارها أنموذجاً للتضامن والوحدة العربية، مجدداً ثقة رئيس الجمهورية في حكمة وقدرة قادة دول مجلس الخليج على تجاوز الأزمة الراهنة بما يضمن تماسك المنظومة ويحفظ مصالح دولها.
وقالت الخارجية إن السفراء أبدوا تقديرهم لموقف السودان ودوره في تعزيز التضامن والوحدة وحماية الأمن القومي العربي، في وقت أكد فيه مراقبون أن الدول الثلاث مارست خلال اللقاء ضغطاً كبيراً على الخرطوم لتحديد موقف واضح تجاه الأزمة ومقاطعة قطر، وأن الرئيس توجه للمملكة العربية السعودية لمناقشة موقف السودان تجاه الأزمة الخليجية مع الملك السعودي مباشرة، وأبدى المحللون قلقهم من امتثال الخرطوم للضغوطات من الدول المقاطعة وإعلانه لمقاطعة لدولة قطر خلال زيارة الرئيس للسعودية، في وقت أكد فيه مصدر دبلوماسي رفض ذكر اسمه أن موقف السودان تجاه القضية الخليجية لن يتغيَّر وأن الرئيس سيبذل مساعٍ حثيثة لدعم مبادرة الكويت الساعية لاحتواء الأزمة ورفع الحصار المضروب على قطر وسيحاول تقريب وجهات النظر بين الأشقاء الفرقاء.
ويبدو أن موقف الخرطوم الحساس للغاية سيقف خلال زيارة “البشير” للمملكة العربية السعودية أمام تحدٍ صعب قد يقوِّض بنية الحياد الذي وضعت لبنته الحكومة منذ بوادر الأزمة الخليجية الأولى، أو سيقوي دعائم الحياد بمبررات ومسوغات قوية ستضعها الخرطوم في طاولة حليفها المهم السعودية، فهل ستنقضي أيام الزيارة بعمرة ومواقف مأمونة أم ستتورط الخرطوم وتبتلعها الأزمة التي حاولت مراراً وتكراراً لعب دور الأجاويد فيها فتحاول الوقوف إلى طرف من أطراف الأزمة؟.
رفع العقوبات
قبل (23) يوماً، من موعد إصدار الإدارة الأمريكية قرارها بصدد الرفع الدائم العقوبات الأمريكية علي السودان، تأتي زيارة الرئيس للمملكة العربية السعودية، التي أكدت الحكومة أنها من الدول الفاعلة التي ساهمت في الرفع الجزئي للعقوبات وتسعى للرفع الدائم للحصار الأمريكي على السودان.
فهل تحمل زيارة “البشير” للرياض تقدم وبشريات استباقية فيما يلي العقوبات الأمريكية، أم ستستخدم السعودية وساطتها بين الخرطوم وواشنطن للضغط على الحكومة لمقاطعة قطر؟، التي تربطها علاقة قوية بالسودان وقدمت دعماً قوياً للخرطوم في عدة مواقف كان أبرزها الوديعة القطرية التي أنقذت الاقتصاد السوداني من السقوط إبان انفصال الجنوب، وليس آخرها المنحة القطرية لإعمار دارفور، ولعل كل ما سبق ذكره يدل على المأزق الكبير والمؤامرة التي تحدَّث عنها الرئيس خلال مخاطبته إفطار الطرق الصوفية عندما قال: (الحكاية ماشة وما في دولة مستثناة وأول الدول المستهدفة السودان).
عاصفة الحزم
أبان مصدر دبلوماسي لـ(المجهر) أن مشاركة السودان في عاصفة الحزم والدور الفعال الذي تقوم به في حرب خادم الحرمين من أجل إعادة الشرعية لـ(اليمن) تمثل إشارة واضحة لمساندة الخرطوم للمملكة العربية السعودية، منوِّهاً إلى أن الخرطوم قد تزيد خلال الأيام المقبلة عدد جنودها المشاركين في عاصفة الحزم، فضلاً عن بذلها جهود حثيثة لاحتواء الأزمة الخليجية عبر المبادرة الكويتية، مؤكداً أن السعودية تستوعب تماماً نوايا السودان وموقفه تجاه الأزمة الخليجية.
فهل سيكون تقديم الخرطوم لـ(السبت) في مسألة عاصفة الحزم حبل النجاة من خيارين أحلاهما مر، أم ستصر الرياض على وضع الخرطوم في مأزق الاختيار؟.
مدير مكتب الرئيس السابق
في وقت لازالت إقالة مدير مكتب الرئيس السابق الفريق “طه عثمان الحسين” حديث المدينة، ألمح بعض المراقبين إلى أن قضية مدير مكتب الرئيس الذي يحمل الجنسية السعودية ستبحث خلال لقاء “البشير” و”سلمان” والمعروف أن “طه” المقرَّب من دول الخليج والذي لازال مصيره مجهولاً وسط كم هائل من الإشاعات حول أسباب الإقالة وتداعياتها ومكان وجوده حالياً، حيث أكد البعض وصوله للسعودية في وقت رجحت الأغلبية أنه محتجز في الخرطوم، فهل هنالك المزيد من حكاية “طه” ستروى خلال زيارة الرئيس للمملكة العربية السعودية؟.