أخبار

خبر النرويج

جاء في أخبار الهامش يوم (الثلاثاء) الماضي أن حكومة النرويج قد جمعت الولايات المتحدة وحكومة السودان بالإضافة إلى الدولة المستضيفة.. ولم يأبه الكثيرون بما في ذلك صناع القرار.. والمشتغلون بالسياسة لما وراء الخبر الذي أوردته (سونا) أي وكالة الأنباء الرسمية. ويقول استضافت وزارة الخارجية النرويجية  أمس لقاءً ثلاثياً ضم وزير الخارجية “إبراهيم غندور” والمبعوث النرويجي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان وممثل مكتب المبعوث الأمريكي في السودان، وعلمت (سونا) أن اللقاء ناقش مسار العلاقات السودانية الأمريكية والمسارات الخمسة المتفق  عليها بين الجانبين، كما تناول الاجتماع بعض القضايا الإقليمية وخاصة مسألة جنوب السودان.
الخبر بهذه الصيغة يضع قضية العلاقة بين “واشنطون” و”الخرطوم” في صدر اهتمامات اللقاء النرويجي وقضايا الوضع في جنوب السودان وحرب المنطقتين كأولوية على القضايا الثنائية بين النرويج والسودان، إن كانت في الأصل هناك قضايا من هذه الشاكلة، ولكن النرويج الدولة الصغيرة الواقعة في أقصى غرب أوروبا.. ظلت تلعب مباريات في السياسة الدولية أكبر بكثير من حيزها الجغرافي، ولا ينسى العرب الاتفاقية التي وقعت في العاصمة النرويجية “أوسلو” وأنهت تلك الاتفاقية سنوات القطيعة من 1948م، وحتى تلك اللحظة بين منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت الممثل الشرعي للمقاومة الفلسطينية.. وبعد تلك الاتفاقية عانق أبطال التحرير الصهاينة وانتهت المواجهة بين العرب وإسرائيل وأخذ القادة العرب بعد ذلك يهرولون صباحاً وعشية نحو “تل أبيب” يكسبون رضاها.. وينشدون ودها.. ويقبلون الأيادي القذرة التي تسفك دماء الشهداء في قطاع غزة وأريحا.. والنبطية وبئر السبع.. فهل كانت النرويج الثقل الاعتيادي أم النرويج هي ظل لشبح كبير اسمه الولايات المتحدة الأمريكية، حينما تعتزم القيام بدور ما في منطقة من العالم تحرك أصابع يدها اليمنى والنرويج هي السبابة التي تشير بها الولايات المتحدة إلى الآخرين.
والتدخل النرويجي في الشأن السوداني قديم منذ الخمسينيات من القرن الماضي بعثت الكنيسة النرويجية بالمبشرين والقساوسة إلى مريدي ويامبيو.. وملكال.. وجبال النوبة.. ونسجت النرويج علاقات مع النخب والقيادات الجنوبية وظلت تحتضن الجنوب برفق حتى قدمت نفسها في المفاوضات التي قادت لانفصال الجنوب كوسيط رئيسي من خلال السيدة “هيلدا جونسون” المرأة التي كانت تتجول بين الرجلين “جون قرنق” و”علي عثمان” بأوراقها ومقترحاتها.. وتنسج في ليالي نيفاشا الموحشة خيط مستقبل جنوب السودان بعيداً عن الشمال الذي أرهقته الحرب الطويلة وأقعدته الهزيمة عن الكفاح. ووثقت “هيلدا جونسون” لتلك السنوات من خلال كتاب لم يجد حظه من القراءة وسط النخب السودانية حتى اليوم وهو بعنوان قصة (اندلاع السلام في السودان) وتحدد اهتمامات النرويج بدارفور واستقطبت منذ  وقت مبكر النوابغ السودانية من أبناء دارفور مثل الدكتور “شريف حرير” وغرزت النرويج أصابعها في جبل مرة ودار زغاوة ومن أجل شرعنة لدورها الكبير في المنطقة أنشأت معهداً خاصاً بالدراسات الشرقية.. واليوم تلعب النرويج على ورقة العلاقات السودانية الأمريكية، ولكن ليس أصالة عن نفسها.. ولقاء “أوسلو” الذي صمتت أغلب أطرافه عن الكلام من تحته أشياء.. ومن قبله حديث ومن بعده أفعال.. وغداً تشاهدون جزءاً من مخرجات “أوسلو” وغداً لناظره قريب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية