رأي

بعد ومسافة

القصر يعتذر.. و”أبو بكر” يشتهر!
مصطفى أبو العزائم

والله إنها كانت من المضحكات المبكيات فضيحة كاملة الأركان السياسية والإعلامية والأخلاقية، ونقف عند حد تسميتها بـ(فضيحة) ولا نتعدى ذلك إلى استخدام كلمة (جريمة).. وربما كانت كذلك.
نتساءل عن أسباب المأزق الذي أدخلت فيه حكومة الوفاق الوطني رأسها، وإن (جينا للحق) فإن المسؤولية تقع على رأس الذين رشحوا المدعو “أبو بكر حمد عبد الرحيم” لمنصب وزير العدل دون أن يتفحصوا السيرة الذاتية للرجل أو يدققوا في شهاداته الدراسية والجامعية، ومزاعمه بأنه حاصل على درجة الدكتوراه في جامعة (نورثويسترت) الأمريكية، والتي أكد البحث الصحفي في قاعدة المعلومات المشتركة بين الجامعات الأمريكية، أن اسم (المدعو) “أبو بكر حمد عبد الرحيم” لا وجود له ضمن الطلاب الحائزين درجة الدكتوراه في الجامعة، بل أنه لم يدرس في تلك الجامعة.
سبحان الله.. والمدعو “أبو بكر حمد” يصر على أنه حاصل على تلك الدرجة الرفيعة، وأن لديه شهادة تثبت ذلك، وصديقنا الصحفي والباحث الخطير وكنز المعلومات المتجددة – الدكتور سابقاً “مصطفى عبد العزيز البطل” يتحفنا في أحد مقالاته الراتبة الرائعة أن هناك جامعات أمريكية تبيع شهادات الدكتوراه لمن لم يبذل جهداً في بحث أو قاعدة درس أو حقل علم، مقابل لحفنة من الدولارات، ليرضي بها بعض المرضى غرورهم العلمي الكاذب، ويعالجون بها نقصهم الأكاديمي، ويذهب بعض ممن (اشتروا) هذه الشهادات إلى سفارتنا في  “واشنطن” لتوثيق تلك الشهادات المشتراة، ويقوم العاملون في إدارة التوثيقات باللازم رغم علمهم بأن المحتوى (ضارب) لكنهم مضطرون للتأكيد على صحة أختام الخارجية الأمريكية التي تؤكد على صحة ختم الجامعة المذكورة، دون أن تكون لها أدنى علاقة بمحتوى الشهادة.
المدعو “أبو بكر حمد” يصر على موقفه وبتمسكه به، ويظل يحلم وهو يقظان بأن يناديه منادي القصر الجمهوري، أن هيا لأداء القسم وزيراً للعدل مقترناً باعتذار لطيف عن هذا التأخير غير المقصود الذي أدى إلى تعطيل بلوغك سلم المجد الوزاري، بسبب الغيرة والحسد السياسي.
أعظم ما في هذه (الورطة) أنها لم تكتمل، فقد انتبه أهل القصر لها منذ البداية، وإلا لكانت أدخلت البلاد كلها في (حيص بيص) وتشكيك حول وثيقة الحوار الوطني، بل والحوار نفسه ونتائجه، بحسبان أن المدعو “أبو بكر حمد عبد الرحيم” كان ضمن لجنة الحريات بالحوار الوطني كشخصية مستقلة، بل وسبق له أن خاض – بكل قوة عين – انتخابات عام 2010م، كمرشح مستقل لمنصب والي الخرطوم.. وحقيقة عدم فوزه في تلك الانتخابات يجعلنا نحيي هذا الشعب العظيم الذي أثبت وعيه وأكد على حصافته بأنه لا يمنح ثقته لكل من هب ودب في طريق السياسة الذي تجمله الأحلام.. وهي مثل حالة البعض أحلام ظلوط!
سئلت صباح (الاثنين) الأول من أمس في برنامج (مانشيتات سودانية) بفضائية سودانية (24) عن أمر هذا المرشح لمنصب وزير العدل فأجبت بأنه لا فرصة لدخول مجلس الوزراء، بعد أن ثار هذا الغبار الكثيف حول سيرته ومسيرته العلمية، وذكرت تحديداً أنه تعرض لمحاكمة، بل وإدانة من قبل الرأي العام، يصعب الرجوع عن أحكامها، وسوف يظل محل شكك طوال فترة بقائه في حكومة الوفاق الوطني سواء كان وزيراً أو خفيراً.
مساكين بعض الناس، يظنون أن الإنسان يكتسب قيمته من شهادات ورقية يحملها أو يزين بها صالوناته في حين أن قيمة الإنسان تأتي من علمه المكتسب وخبرته وتجربته التي لا غش فيها ولا تدليس، ومن العقل الذي يستوعب الوقائع ويحلل الأحداث.. ثم بعد ذلك تأتي الشهادات الحقيقية.. انتهى الدرس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية