الشريان
أمضينا سحابة يوم أمس ما بين أم درمان العاصمة الوطنية ومدينة جبرة الشيخ عاصمة دار الريح أو بلاد السافل كما تكنى منذ قديم الزمان حاضرة عرب الكبابيش الاقتصادية لهؤلاء القوم حاضرة إدارية، حيث مقر الناظر السير “علي التوم” في أم سنطة وما بين العاصمة الوطنية ولتلك الديار تاريخ مخز للحكومات الوطنية المتعاقبة وهي تتجاهل عن جهل مشكلات تلك المناطق الغنية بالموارد من ثروة حيوانية وزراعية، ولا تزال هذه المنطقة غارقة في دموع الجوع والعطش والمحل الذي ضربها منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ولكن بالأمس من غير ما ألفه الناس في المسؤولين الحكوميين هبط اثنان من رموز الحكومة وقادتها من الفضاء إلى الأرض أي من امتطاء ظهور الطائرات إلي المركبات، ومنذ سنوات لم نشاهد مسؤولين يركبون الصعاب ويشقون كثبان الرمال أو يصعدون الجبال لمئات الكيلومترات لتفقد أحوال المواطنين كما كان يفعل الراحل “جعفر نميري”، ولكن فعلها أمس مولانا “أحمد هارون” والي شمال كردفان والمهندس “مكاوي محمد عوض” وزير النقل والطرق، وهما يشقان كثبان الرمال والطين والوحل للوقوف ميدانياً على أعمال تنفيذ طريق بارا -أم درمان الذي تنفذه الشركات السودانية، وذلك بعد تنصل الصين عن عدد من مشروعات كانت قد التزمت بتنفيذها قبل أن يجف البترول من عصب العلاقة الذي أصابه الآن مرض البقر الأمريكي.
وزير النقل “مكاوي محمد عوض” أطلق على الطريق اسم طريق شريان السودان. وقال وهو يتحدث لعدد كبير من الصحافيين في المعسكر الخلوي بمنطقة رهيد النوبة محلية جبرة الشيخ، إن الطريق الذي تعهد الوزير ببلوغه الخرطوم في شهر سبتمبر القادم يمثل حقاً شريان السودان، لأنه يربط نصف السودان بالنصف الآخر ويساهم في زيادة الصادر، ولم يجد وزير الطرق قضايا عالقة تنتظر منه الحل، وفي ذات الوقت كانت الزيارة التي استغرقت كل نهار أمس وقطع رهط الوالي والوزير براً مسافة (400) كيلو متراً في عشر ساعات والوفد يتوقف عند مشروع نادك السعودي ومعسكرات الشركات العاملة في مناطق رهيد النوبة والحجاب وصولاً لجبرة الشيخ، وعصراً في جناين بارا قد وقف الوفد على مشروع تنموي كبير رفعه أهل شمال كردفان شعاراً لمشروعات النهضة التي يقودها واليهم “هارون” الذي جعل الطريق أيقونة يتغنى بها الصغار قبل الكبار موية طريق مستشفى، وإذا كانت المياه قد تدفقت في عصب شبكة مدينة الأبيض فإن الطريق بعد أن كان حلماً بعيد المنال أصبح بما شاهدناه أمس من أعمال على الأرض وهمة عاملين في شركة زادنا المنفذة للشارع في صمت تام، يؤكد حقيقة واحدة أن المستحيل ممكن والصعب سهل إذا كان للمسؤولين عزيمة تقهر الصعاب، وقد جسد هذه العزيمة مولانا “أحمد هارون” والي شمال كردفان.
ومما يلفت الانتباه في هذه الرحلة أن سبعة من رؤساء تحرير الصحف السودانية يقودهم النقيب “الصادق الرزيقي” وإخوته رؤساء تحرير صحف (المجهر) و(الصيحة) و(الصحافة) (الوطن) و(الجريدة) وعدد ثمانية من الكتاب والمسرحيين والشعرا، شكلوا حضوراً في رحلة لتفقد الطريق الذي صار منذ أمس طريق شريان السودان. ولأهل كردفان مقولة يرددونها بأن الرجل حر في بناية بيتو وتسمية وليدو وطريق شريان السودان هو جزء من بيت “هارون” ولكنه وليد وزير الطرق من أمه وزارة المالية.