أزمة النقل والمواصلات بالخرطوم…قضايا متجددة وحلول مقترحة
نقل نهري..خطط خمسية..هل تحد من المشكلة
الخرطوم – سيف جامع
بالرغم من تشخيص الجهات المختصة لمشكلة المواصلات، إلا أن الحلول المناسبة لها لم تنفذ بعد، وتشير الدراسات بأن القطاع الخاص والذي يملك في معظمه آليات نقل هالكة وضعيفة السعات، يبذل جهده للحصول على أكبر منفعة مادية من سلعة النقل التي يقدمها دون النظر إلى مدى ملاءمتها لحاجة المواطن، قدر سعيه لاستنزاف أكبر قدر من الربح المادي دون إعطاء اعتبار للقواعد والنظم والقوانين التي تنظم هذا المرفق، ما أدى إلى حدوث فوضى واختناق مروري.
ولبحث مزيد من الحلول لمشاكل النقل والمواصلات للعاصمة الخرطوم نظمت وزارة البنى التحتية والنقل والمواصلات (ملتقى النقل والمواصلات) بحضور عدد من الجهات المختصة، ناقشت من خلاله عدداً من أوراق العمل، منها (النهوض بشبكات النقل الحضري بالخرطوم) قدمها د. “شرف الدين بانقا” وورقة عن (الآلية المركزية للنقل الحضري بولاية الخرطوم) قدمها د. “عمر الأمير” وورقة (أهمية نظام البصات السريعة ذات المسارات المفصولة) قدمها (م) “حسن عماس”. ويستمر الملتقى لمدة يومين حيث ينهي أعماله اليوم وتسلم توصياته لوالي الخرطوم الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين”.
مشكلات فاقمت أزمة النقل
ولدى مخاطبته الملتقى أقر وزير البنى التحتية والمواصلات بالولاية (م. حبيب الله بابكر) بوجود مشكلات عدة فاقمت من أزمة المواصلات، وقال إن هذه المشكلات شغلت كل الشركاء والجهاز التنفيذي مؤكداً أن الملتقى عقد لتجميع شتات الأفكار وتنقيحها. ودعا الوزير الجامعات ومراكز البحث العلمي إلى تضمين مشكلة النقل والمواصلات كعلم متخصص. وناشد المواطنين بأن يجعلوا من النقل قضيتهم التي يشغلهم حلها. أما رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم “صديق محمد علي الشيخ” قال إن الكثير من الورش أقيمت في هذا الشأن دون الوصول إلى حلول. وأشار إلى أن الثبات على السياسات هو التحدي، مشيراً إلى أن ولاية الخرطوم أقرت قانوناً يعاقب كل من يتخطى الإشارة الحمراء بالغرامة (10) آلاف جنيه والسجن (6) أشهر، لكن لم نرَ تطبيق القانون كما لم نرَ توقف الساقين عن عبور الإشارات الحمراء.
وكشفت ورقة قدمها دكتور “عمر الأمير” بأن الأسطول الناقل لولاية الخرطوم تراجع من (321) بصاً إلى (206) بصات العامل منها (194) بصاً حيث أن الإهلاك الكلي للآليات قد تجاوز أكثر من (80%) من أسطول إعادة التأهيل، كما أن هنالك (714) بصاً أدرجتها شركة مواصلات الخرطوم في حالة الإهلاك الكامل فتم توزيعها على الأفراد بأسعار زهيدة فأعيد أكثر من (90%) منها إلى العمل خلال أقل من 3 إلى 4 أشهر.
وأوردت الورقة التي قدمها “عمر الأمير” أن الأسطول الجاهز للعمل للشركة يبلغ (206) بصات تقوم الشركة بالإدارة المباشرة لعدد (66) بصاً بينما أحالت عدد (140) بصاً للإدارة غير المباشرة لأفراد من القطاع الخاص نظير توريد إيجار يومي زهيد مقداره (350) جنيهاً . وطرح مقدم الورقة تساؤلاً عن جدوى احتفاظ الإدارة بقوة عاملة تتكون من (172) موظفاً و(340) سائقاً و(263) محصلاً لأجل إدارة (66) بصاً .
“بانقا” يقترح خطة خمسية
وقدم الخبير المعروف “شرف الدين بانقا” خطة متكاملة لحل مشكلة مواصلات الخرطوم قبل أن يعدد في ورقته خطوط المواصلات بالخرطوم حيث أشار إلى أن عدد الخطوط بالولاية (63) خطاً المتجهة إلى الخرطوم والعكس (44) خطاً، وخطوط المواصلات المتجهة إلى مركز الخرطوم بحري والعكس (8) خطوط، وخطوط المواصلات المتجهة إلى أم درمان (السوق الشعبي، إستاد الهلال) 11 خطاً، حيث يبلغ إجمالي عدد الركاب بهذه الخطوط الذين يستقلون النقل العام (1,146,250).
وقال “شرف الدين بانقا” إنه يمكن تنفيذ إعادة توزيع خطوط المواصلات بخطة خمسية بإحلال البصات بديلاً للحافلات بنسبة (20%) بالتساوي بين المدن الثلاث.
ووفقاً للورقة فإن إحصائية شركة المواصلات من عام 2011 إلى 2017م ذكرت أن هنالك زيادة في أسطول الشركة من (200) بص في 2011 إلى (387) في 2016م والإيرادات ارتفعت من أكثر من (44) مليون جنيه إلى (57) مليون جنيه في 2016، لكن بالمقابل زادت تكلفة التشغيل من أكثر من (49) مليون جنيه إلى أكثر من (70) مليون جنيه ووصلت الخسائر في ذات العام أكثر من (13) مليون جنيه مقارنة بـ(4) ملايين جنيه، بينما تقلص عدد الموظفين من (260) في 2011 إلى (172) في 2016 والسائقون من (1045) في 2011 إلى (340) في 2016 والمتحصلون من (1039) في 2011 إلى (263) في 2016.
وكشف ملتقى النقل والمواصلات أن القطاع يضم (133.590) مركبة بولاية الخرطوم (872) ميني بص و(20138) حافلات و(14750) أمجاد و(10445) تاكسي و(100000) تاكسي واتهم مقدم الورقة “عمر الأمير” أصحاب المركبات الخاصة بإيقاف العمل ساعات الذروة مما يفتح الباب وسعاً للآليات الأقل سعة والتي تقوم بفرض تسعيرة نقل باهظة، وقال بالرغم من رضا القطاع الخاص بتعريفة النقل الحالية إلا أنها لا تشبع جشعهم المادي، حيث يعمدون إلى ابتكار الكثير من الطرق غير القانونية أو الأدبية لابتزاز الركاب لأجل التحايل على هذه (التعرفة المريضة) على حد قولهم.
النقل النهري..هل يكون الحل
وأوصى د. “عادل أحمد علي إبراهيم” من وزارة الاستثمار باستخدام النقل النهري للتقليل من الضغط على النقل البري، بالإضافة إلى أنه أكثر أماناً على المواطنين في ظل ارتفاع معدلات الحوادث. وأشار “عادل” إلى أن مشروع النقل النهري بولاية الخرطوم يعتبر منشأة خدمية تصنف كأحد منشآت البنيات التحتية الأساسية، ويشمل المشروع استصلاح الأنهر الجارية وسط العاصمة لتصبح طرقاً للملاحة بطول (150) كلم تمتد من شمال خزان جبل أولياء على النيل الأبيض، ومنطقة سوبا من الجنوب الشرقي على النيل الأزرق ومن الشمال منطقة السبلوقة.
ويشير “شرف الدين بانقا” إلى ضرورة توفير (3500) بص بالولاية بسعة (50) راكباً وإعادة توزيع خطوط المواصلات على أساس الشوارع الرئيسة وليس المناطق، على أن تعمل الحافلات والهايس والركشات على نقل الركاب إلى الشوارع الرئيسة وترقيم البصات حسب اسم الشارع الرئيسي. وشدد “بانقا” على تهيئة المحطات الرئيسة بشكل ممتاز وكذلك المحطات الفرعية، ويأتي تشييدها بشكل جيد وحضاري وتسع عدداً لا يقل عن (20) شخصاً ولها أكتاف آمنة لوقوف البص للصعود والنزول وبها منفذ لبيع تذاكر الركوب وتعبئة بطاقات المواصلات العامة.