أخبار

الدعوة الوردية

اللواء شرطة “خالد بن الوليد” المدير العام لشرطة المرور أعلن عن تعديل مرتقب في قانون المرور بتشديد العقوبات على المخالفات.. وفي ذات الوقت بشر المواطنين الراغبين في ترخيص مركباتهم بتخفيضات في رسوم الترخيص خلال الأيام القادمة مع سرعة إنجاز الإجراءات.. حديث السيد اللواء شرطة “خالد بن الوليد” من حيث المظهر العام يتسق مع الخطاب الحكومي العام الذي تسيطر عليه العقلية العقابية القانونية حيث يعتقد أغلب المسؤولين أن أي مشكلة حلها في القانون والعقاب، لذلك في كل عام يتم تعديل قانون المرور بزعم مواكبة التطور المجتمعي وكل التعديلات القانونية تذهب باتجاه التشدد في فرض العقوبات على مخالفات المرور التي هي من أسباب كثرة الحوادث وهلاك الأنفس.. وليس كل الأسباب.. وحينما تقول شرطة المرور بأنها قررت قيادة حملات لضبط المخالفات ومن بينها عزوف المواطنين عن ترخيص المركبات أو تباطؤهم، فإن شرطة المرور ووزارة المالية وديوانية الإجراءات واحدة من أسباب عزوف المواطنين عن ترخيص المركبات. والشاهد على ما نزعم وقائع شهدتها الأسبوع الماضي حينما ذهبت بحسن الظن في الشرطة حينما طاف بنا المسؤولون قبل فترة بمبنى فخيم جداً بمحلية بحري وبشرنا المسؤولون بسرعة الإجراءات وحسن التعامل مع الجمهور.. والواقع أن المبنى فخيم والمقاعد المخصصة للجمهور وثيرة ومريحة جداً وبعض الأقسام تؤدي واجباتها بكفاءة وسرعة.. ولكن بكل أسف تعقيدات الإجراءات المطلوبة لترخيص السيارات هي السبب في عزوف المواطنين.. بدأت إجراءات الترخيص بالفحص الآلي الذي لم يستغرق إلا دقائق معدودة جداً.. ثم بحثت عن رجل المباحث لفحص السيارة فحصاً أولياً.. بمطابقة الأرقام المسجلة في شهادة البحث.. ثم توجهت لسداد رسوم الفحص.. ومن ثم طلب مني الذهاب لشرطة الدفاع المدني لشراء الطفاية التي يتم عرضها خارج المبنى بأسعار يحددها السماسرة.. وثم يبدأ العذاب الحقيقي حينما تقبل بطوعك لسداد الرسوم.. لأن شبكة المالية تأتي ساعة وتغيب ساعتين.. ومئات المنتظرين ليدفعوا للحكومة ما تفرضه من مال أربع ساعات في انتظار الشبكة الطاشة.
غادرت المبنى على أمل العودة (بكرة) ومن الساعة العاشرة حتى الثالثة نجحت في سداد رسوم الحكومة التي تشمل رسوم تشجير المدينة.. ورسوم فحص أمني ورسوم عديدة.. وبعدها عليك العودة مرة أخرى للمباحث وتصوير الرقم الوطني وإرفاقه ورقياً بالمستندات.. وفحص سجل السيارة والتدقيق في شهادة البحث القديمة.. ثم الوقوف في صف طويل لاستخراج كرت خاص بالدفاع المدني.. وأخيراً إدخال البيانات وانتظار استخراج شهادة البحث والاستيكر والوقوف في الباب الخارجي في انتظار الشرطي الذي يقوم بمهمة (لصق) الاستيكر.. حينما غادرت في اليوم الثالث ظافراً بالترخيص شعرت بالراحة من جهة والأسى في النفس لإضاعة كل هذا الوقت بتعقيدات إجرائية لا معنى لها.. وكثير من الناس يضيقون ذرعاً بمثل هذه التعقيدات ويواجهون خطر الحملات والغرامات بدلاً من إهدار الوقت في إجراءات كان يمكن تبسيطها في نافذتين فقط.. ولكن الدولة العميقة حينما تقف أمامها وتقدم أوراق سيارتك فإن الموظف الذي يقتضب جبينه في وجهك يفترض فيك سرقة السيارة حتى تثبت عكس ذلك، كما قال أحد صغار الضباط واللواء “خالد بن الوليد” يعتقد أن المشكلة في القانون ولا ينظر لأصل المشكلة في تعقيدات إجراءات الترخيص وانصراف الشرطة للمحلات الجبائية بدلاً من تنظيم حركة المرور وتوعية السائقين.. وحث السلطات التنفيذية على إصلاح الطرق الخربة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية