الحاسة السادسة
خلي أخلاقك رياضية!!
رشان أوشي
rishanoshi@gmail.com
من عبارات فض الاشتباك الاجتماعية البسيطة، والتي عادة ما تستخدم أثناء أداء دور “الحجّاز” في مشاجرة بين طرفين، بأن يقال “خلي أخلاقك رياضية”، مما يوضح أن الرياضة في أذهان الناس هي تلك الممارسة السامية، التي تدفع بك للسمو الخلقي معها، ولكن للأسف غالباً ما تنتهي المباريات في الإستادات السودانية نهايات قاتمة.
لم يتجاوز الشعب المصري حتى الآن مأساة مباراة “الأهلي المصري”، و”المصري البورسعيدي”، التي راح ضحيتها العشرات من مشجعي الفريقين، إضافة لعناصر من شرطة مكافحة الشغب، ظلت الأحداث المؤسفة وصمة عار في جبين الرياضة المصرية، ودليلاً مباشراً على الهمجية والغوغائية والتطرف، كانت حادثة لا تشبه سماحة وطيب معشر المصريين، وأفرزت غبناً كبيراً بين مشجعي الفريقين وثأراً لن يمحى قريباً، ومن نتائجها هي حرمان المشجعين من حضور المباريات داخل الإستاد، مما أضعف المستوى الكروي المصري حيناً من الدهر.
لم نستثنَ من همجية وفوضى الملاعب، وآخرها ما حدث قبل فترة قصيرة، أثناء مباراة المريخ العاصمي ومريخ الفاشر، التي نجا فيها المعلق الرياضي بأعجوبة من موت محقق جراء اعتداء مشجعين عليه بالضرب المبرح وأنقذته العناية الإلهية، وبالطبع لم تكن الحادثة الأولى، فكثيراً ما حصب الجمهور اللاعبين بالحجارة، أو اشتبك مشجعو الفريقين مع بعضهما البعض، أحداث دامية ومؤسفة شهدتها إستادات كرة القدم، ولم ينسَ الجميع حادثة تدمير إستاد المريخ على أيدي مشجعي الهلال، كلها سلوكيات لا ترقى لمستوى رياضة كرة القدم الرفيعة التي تحظى باهتمام الملايين حول العالم، لم نسمع قط بأن مشجعي برشلونة مثلاً، اشتبكوا مع مشجي ريال مدريد، ولم نسمع أيضاً بتعرض حكم في مباراة أوربية للضرب من قبل مشجعي الفريق المهزوم، لأنها ممارسات لا تشبه المجتمعات الراقية والمتحضرة.
على ذات النهج أقيمت أمس الأول انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم، في مشهد أبعد ما يكون عن مفهوم الانتخابات كممارسة ديمقراطية، حيث اختلط الحابل بالنابل، وشوهد أحد الأقطاب الرياضيين وقيادي سياسي في حزب كبير ، يحمل في يده (عكازاً) ويصول ويجول أمام مقر الاتحاد، أعاد إلى ذهني شخصية البلطجي في الفيلم العربي الشهير (التوت والنبوت)، بل بلغ الطغيان مداه بأن رفض رئيس الاتحاد السابق الاعتراف بنتائج الانتخابات، وعزز رفضه بأن لن يسلم مفاتيح الاتحاد لأي شخص آخر، كأنه كتب عليه الخلود في موقعه هذا أبد الآبدين، إذن نحن بحاجة لسنوات ضوئية لكي نعي ما هو مفهوم الانتخابات، وفي ذات الوقت نتخلص من ( الكنكشة) كحالة نفسية تسيطر على كل من حظي بمنصب في غفلة من الزمان.