بمشاركة حزبية وسياسية وإقليمية واسعة (الوطني) يقيم مؤتمره التنشيطي العام
*الرئيس يعلن حكومة الوفاق الأسبوع المقبل ويدعو إلى إرساء دستور دائم
“الغنوشي” يؤكد وقوف تونس مع برامج دولة السودان والحوار الوطني
الخرطوم ـــ محمد جمال قندول
تصوير ــ كمال عمر ـ نادر عطية ــ صالح سعودي
المشهد صباح أمس (الجمعة) في باحة أرض المعارض ببري كان يعكس بجلاء مدى أهمية الحدث، وعندما بدأت الساعة تشير إلى الثامنة بدأت قيادات الحزب الحاكم المؤتمر الوطني تتداعى إلى المعرض الكائن ببري، لمراجعة حصاد ما أنجز خلال الفترة الماضية من نظام الإنقاذ بالمؤتمر التنشيطي العام في دورة انعقاده الرابعة .
واكتسى المؤتمر أهمية بالغة لدى وسائل الإعلام التي سجلت رقماً قياسياً، حيث حضر ممثلو أكثر من (200) من وسائط إعلامية، لتغطية الحدث الذي شرفه بالحضور والمشاركة، ما يزيد عن (6) آلاف من عضوية الوطني.
ثمة العديد من الملفات التي وجدت حظها بالتناول داخل أروقة الجلسات التي انعقدت طيلة يوم أمس، وكان في مقدمة الحضور في الجلسة الصباحية، رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني المشير “عمر البشير” ونائبه الأول رئيس مجلس الوزراء القومي نائب رئيس الحزب للشؤون التنفيذية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” ونائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن”، بجانب مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس الحزب للشؤون الحزبية المهندس “إبراهيم محمود”، وجمع غفير من القيادات التنفيذية والدستورية من أعضاء الوطني بجانب قيادات الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، إلى جانب ممثلي أحزاب من (20) دولة أبرزهم القيادي الإسلامي الشهير التونسي “راشد الغنوشي”.
مشاهد من على شرفة التنشيطي العام
كان الزحام الكثيف يكاد يسد مدخل أرض المعارض ببري، بينما الكل يتحرك ليأخذ بطاقته للدخول، الديباجات الموضوعة بالبطاقات، وضعت بعناية فائقة لفرز الإعلاميين، من الأعضاء، وممثلي الأحزاب الأخرى. المدخل المؤدي إلى الصالة 1 يبدو بعيداً ليس لطول أو قصر المسافة، وإنما للزحام والحضور الأمني الكثيف.
الجلسة الافتتاحية بدأت في التاسعة صباحاً، فيما بدت الصالة 1 أكثر تنظيماً . وكان أكثر من (5) آلاف عضو بالساحة الأرضية، التي جهزت بشاشات عرض كبيرة. الطابق الأول لذات الصالة استضاف المنصة الرئيسة، التي جلس فيها رئيس الجمهورية المشير “البشير” ونائبه لشؤون الحزب ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر المهندس “إبراهيم محمود”، بجانب رئيس اللجنة التحضيرية “محمد مختار”. واصطفت القيادات العليا بجانب ضيوف البلاد وجلس ممثلو قطاعات السياسة والفكر والثقافة بالناحية الغربية بالطابق الأول، والإعلاميون شمالاً وشرقاً قطاعات العلاقات الخارجية وأخرى.
“روضة الحاج” قدمت الحفل وسط تكبير وتهليل بين كلمة وأخرى، في حين أطربت فرقة إنشادية الحضور بالأغنيات الوطنية، مما حدا برئيس الجمهورية أن يعرض مع أم الإسلاميين “سعاد الفاتح”. في صف الأحزاب كان هناك “أحمد بلال” و”أبو القاسم إمام” و”الحسن الميرغني” و”أحمد سعد عمر” و”إبراهيم آدم” و”تابيتا بطرس” و”علي الحاج” و”كمال عمر” و”ميادة سوار الدهب” و”مبروك مبارك سليم” و”موسى محمد أحمد” و”التجاني السيسي” وآخرون كثر.
“الغنوشي” توسط النائب الأول ورئيس مجلس الوزراء الفريق أول “بكري” ونائب رئيس الجمهورية و”حسبو محمد عبد الرحمن”، وبدا سعيداً وهو يتجاوب مع الفقرات والكلمات، “علي عثمان” و”نافع” والأمين العام للحركة الإسلامية “الزبير أحمد الحسن”، ورئيس المجلس الوطني ورئيس مجلس الولايات وجميع وزراء الوطني، بجانب الولاة والقيادات التنظيمية والدستورية والتنفيذية سجلوا حضورهم في دفتر التنشيطي العام.
مقتطفات من كلمات الضيوف
أولى الكلمات كانت لنائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب ومساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود حامد” الذي أشاد بالحراك الذي تم مؤخراً. وقال بأن الوطني انتظم خلال الفترة الماضية، في مؤتمرات بمشاركة (6) ملايين عضو بنسبة مشاركة (72) في المائة. وأشار إلى أن المشاركة في ولايات دارفور بلغت (100%).
وطالب ممثل مجلس الأحزاب السياسية الفريق شرطة “محمد الفضل”، بإلزام جميع الأحزاب ببرنامج انتخابي لكل خمس سنوات. وأشار خلال مخاطبته إلى ضرورة عقد المؤتمرات العامة للأحزاب.
المتحدث الثالث كان أمين الحركة الإسلامية بتونس “راشد الغنوشي”، الذي أحدث تقديمه ضجة كبيرة وسط الحضور، بالتهليل والتكبير والترحيب. وقال “الغنوشي” إن المؤتمر التنشيطي للوطني يأتي تتويجاً للتوافق الوطني، مؤكداً وقوف تونس بقوة خلف البرامج بدولة السودان، وبجانب الحوار الوطني مثلما تقف بقوة مع مسيرة الحوار الوطني بالسودان، مشيداً برموز الحركة الإسلامية بالسودان وشيوخها وعلى رأسهم الراحل الدكتور “حسن الترابي”.
مقدمة البرنامج الشاعرة والإعلامية والبرلمانية “روضة الحاج”، تلت برقية تهنئة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والتي حملت الإشادة بدور وجهود الوطني من أجل استقرار البلاد والتنمية، والاهتمام بقضايا معاش الناس، مؤكدة اهتمام قيادة الصين بتطوير العلاقات مع المؤتمر الوطني القائمة على أسس مبدأ المساواة والاحترام، وعدم التدخل في شؤون الغير، من أجل تطوير العلاقات بين البلدين .
وتحدث القيادي الاتحادي ووزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” ناقلاً تحيات رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، “محمد عثمان الميرغني”، منوهاً في ذات الوقت إلى أن البلاد على أعتاب مرحلة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة. ودعا “سعد” لإنشاء نظم حديثة لعمل الدولة، والمواصلة في برنامج الإصلاح وإكمال الدستور.
وعقب تقديمه ضجت القاعة بالتصفيق الحار لكون ما يربط الحزبين الوطني والتنمية والعدالة التركي، من علاقات طيبة. ونقل نائب رئيس حزب التنمية والعدالة التركي، “يسن التاي” تحيات الشعب التركي لشعب السودان، الذي وصفه بالشعب البطل، بجانب تحيات رئيسه، رئيس الجمهورية التركية، “رجب طيب أردوغان”، لقيادة الدولة السودانية. وأكد وقوف تركيا مع السودان في شتى المجالات.
بدوره قدم الأمين العام لحركة الإنقاذ الوطني “محمد زين بادا”، بدولة تشاد التهاني للشعب السوداني، بمناسبة رفع العقوبات الأمريكية مبرزاً جهود رئيسه التشادي “دبي” في عملية السلام بدارفور من واقع ما يربط البلدين من علاقات متمثلة بالمصاهرة، إضافة إلى عمل القوات المشتركة بالبلدين لتأمين الحدود، والتجارة، مشيراً إلى أن السودان وتشاد يعملان بقوة لمصلحة المنطقة من حولهما.
دستور دائم
وفي ختام الجلسة الافتتاحية، خاطب رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني المشير “عمر البشير” الحضور، متمنياً أن تشهد المرحلة الثانية للحوار ممارسة سياسية راشدة، عبر أجهزة السلطة أو عبر المعارضة المسؤولة، ليكون نتاجها بناءً ديمقراطياً فعالاً.
وأعلن “البشير” عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الأسبوع القادم، ببرامج هادفة تكون في خدمة الشعب السوداني إضافة إلى برنامج إصلاح الدولة، داعياً في الوقت ذاته القوى السياسية للعمل بقوة لإنفاذ دستور دائم، تحكم به البلاد، ومجدداً دعم الوطني ومساندته لحكومة الوفاق الوطني.
وقال “البشير” إن الفترة الماضية اتسمت بمشروعات جادة من الوطني لمنافع الناس، مشيراً إلى أن الدورة الحالية جاءت بالتزامن مع بداية شهر شعبان. وأشار الرئيس إلى أن المرحلة الثانية ستشهد إنفاذ دستور دائم للبلاد حتى يتحقق الرضاء الوطني بحكم راشد قائم على التعددية والشورى.
ودعا رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني القوى السياسية للمشاركة في صياغة الدستور الجديد، منوهاً إلى أن حزبه يقوم بمبادرات وسياسات لتعزيز الأمن والاستقرار، مطالباً بإعادة النظر في برنامج إصلاح الدولة. وجدد “البشير” دعواته للممانعين للانضمام لركب الحوار الوطني، مؤكداً بأن الوطني سيعمل على تحقيق السلام بالبلاد.
واعتبر “البشير” بأن ما شهدته علاقات البلاد الخارجية من انفراج مشهود جعلها في قلب قضايا الأمة العربية والإسلامية، ومساهمة بإيجابية لتحقيق المصالح المشتركة.
وأشار الرئيس إلى التزام الوطني بعقد مؤتمراته في مواقيتها كدليل على الإيمان بالشورى والديمقراطية الرشيدة، والعزم على تقديم مثال مميز يحول العملية السياسية لمنشط يهم الناس والوطن. وزاد: بهذا يكون المؤتمر الوطني فعلاً لا شعاراً (حزباً قائداً) يجد فيه الجميع أشواقهم وآمالهم، ويحمل قضاياهم ويعزز من التعايش والسلام الاجتماعي ويعلي المصالح العامة على المصلحة الحزبية الضيقة.
فرصة للقيادات
من جهته قال مقرر المؤتمرات التنشيطية ووزير الدولة بالصناعة “عبده داوود” لــ(المجهر)، إن المؤتمر يمثل فرصة للقيادات للتلاقي واستصحاب المستجدات الجديدة بالساحة السياسية التي طرأت مؤخراً، مشيراً إلى أن المؤتمر -لأول مرة – يشهد تغييرات بهذا المستوى، مما يجعله استثنائياً بكل المقاييس ويؤكد بأن الوطني حزب رائد وقائد وملهم وجاذب للجماهير.
وأضاف “داوود” بأن المؤتمر هو راتب في أجله، ويأتي في سياق الدورة التنشيطية الراتبة. واعتبر أن الوطني راض عن تجربته، وهو يقود الحوار الوطني ويشهد التفافاً وانضمام عضوية قادمة.
////////////////////////////////////////////////
مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود” يكشف لــ(المجهر) تفاصيل المؤتمر التنشيطي العام
“إبراهيم محمود”: (الوطني) جنب البلاد الكثير من التحديات
كان الشخصية الأكثر ظهوراً ونشاطاً خلال المؤتمرات التنشيطية حيث طاف بولايات السودان المختلفة، ليشهد حراك حزبه، بجانب حركته الدءوبة خاصة في الفترة ما بين يناير وحتى الآن، ممثلاً للوطني بكافة المحافل. ويتمتع بشخصية وفاقية وجدت قبولاً كبيراً لدى أعضاء حزبه ومكونات القوى السياسية الأخرى. إنه رئيس اللجنة العليا للمؤتمر التنشيطي العام ونائب رئيس المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود”، الذي تحدث لـ(المجهر) على هامش المؤتمر عن تفاصيل برامج الفعالية، وما سيطرح فيها من مداولات خلال الجلسات التي بدأت أمس (الجمعة) وتختتم اليوم (السبت).
{مرحب بيك؟
ــ يا مراحب.
{كيف تقيم تجربة (الوطني) بالحكم بعد (27) عاماً من الحكم؟
ــ المؤتمر الوطني استطاع بنظرته الثاقبة للأمور أن يحفظ للبلاد أمنها واستقرارها ويجنبها الكثير من التحديات، التي أصابت الدول الأخرى، من انفراط عقد الأمن. وأيضاً استطاع أن يقود الساحة السياسية بالترتيبات التي تمت منذ دستور 1998، بجانب تخطيه لمرحلة الحرب مع الجنوب في نيفاشا، ثم الانطلاق إلى مرحلة جديدة بالحوار الوطني .لذلك هو حزب يتجدد ويتطور مع الأحزاب حتى يفاجئ البلاد. والآن يقود أكبر مشروع وطني في تاريخ السودان، ممثلاً في الوثيقة الوطنية، التي عمل عليها الإخوة المؤتمرون بقاعة الصداقة سواء من الأحزاب السياسية أو المؤتمر الوطني. وهذه أهم مرحلة لأهل السودان وسانحة للتوافق والإجماع الوطني.
{ما هي المتطلبات لضمان الوفاق والإجماع الوطني من قبل الوطني؟
ــ المطلوب من الوطني، كما هو شعار هذه الدورة (نحو أمة منتجة)، أن يسعى لتوفير كل الجهود السودانية وتوجيهها نحو الإنتاج، خاصة، وإننا بلد حبانا الله سبحانه وتعالى، بموارد ضخمة نستطيع إذا استنهضنا قوة الشعب السوداني تغيير الحال في زمن قصير جداً ونكون أنموذجاً، وبالرغم من الحرب المشتعلة والحصار. السودان هو رابع دولة بالنسبة للدول الأفريقية، جنوب الصحراء، وهو سادس دولة على مستوى القارة الأفريقية، وقد حدث هذا التطور في ظل الحصار والحروب، ولكن أعتقد بأن هذا الأمل الذي لاح تم بوقوف كل المجتمع الدولي مع السودان لتحقيق الاستقرار والاستفادة من موارد السودان.
{ما هي أبرز الأجندة التي ستطرح بهذا المؤتمر التنشيطي؟
ـــ أبرزها هو مراجعة الأداء السياسي والتنفيذي وأدائنا على مستوى الشورى والمجالس التشريعية. وسوف تناقش (3) قضايا أساسية. ورقة سياسية حول ماذا ينتظر أهل السودان والمؤتمر الوطني من ناحية سياسية للسودان، في مجمل السعي لاستقرار الحياة السياسية بالبلاد، ورقة أخرى، سوف تقدم عن الاقتصاد وهي تركز على الإنتاج، بجانب ورقة عن العلاقات الخارجية، باعتبارها واحدة من أهم المرتكزات.
{المؤتمرات التنشيطية هل هي بمثابة معالجة للسلبيات التي ظهرت خلال الانتخابات الماضية والتي بحسب المؤشرات حينها، لم تحظ بإقبال كبير؟
ــ المؤتمرات التنشيطية ضمن النظام الأساسي للوطني، وللحزب دورتا انعقاد أولى يختار فيها كوادره، ودورة في نصف المدة لمراجعة الأداء، سواء إن كان على المستوى السياسي أو التنفيذي، وتنتهي بالدورة القادمة في 2019 لاختيار قيادات أخرى، وهي ضمن متطلبات الحزب، ووفق النظام الأساسي وليس كما أشرت إليه في سؤالك .
{بلغة الأرقام ما هو حصاد المؤتمرات التنشيطية ؟
ـــ أحدثت المؤتمرات حراكاً كبيراً جداً بالساحة السياسية، وأكدت بأن الوطني حزب قوي ورائد. وجملة ما بلغ من مؤتمرات أساس (٢٩٠٧٦مؤتمراً بنسبة مشاركة بلغت ٧٠%)، ومؤتمرات مناطق بلغ عددها (١١٤٦ مؤتمراً، بنسبة مشاركة بلغت ٨٣%) ومؤتمرات محلية بلغ عددها (١٨٨ مؤتمراً بنسبة مشاركة بلغت ٨٧%) ومؤتمرات ولائية بلغ عددها (١٨ مؤتمراً بنسبة مشاركة قاربت ١٠٠%). ومن الدلالات الإيجابية الكبيرة التي ظهرت توسيع ماعون المشاركة الحزبية، وذلك بدخول جهات جديدة كان يمنعها النزاع المسلَّح، مثل محليات جبل مرَّة، وقولو، وروكرو، ومناطق أخرى في شمال وجنوب وغرب دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان بلغت في جملتها (٦٩٦ مؤتمراً جديداً)، إلى جانب بعض معسكرات النازحين مثل معسكر عطاش والذي بلغت عضوية مؤتمره (٤٠٠٠ عضو)، وبذلك بلغت العضوية المشاركة فعلياً في هذه المؤتمرات (٦,٢٧٧,٤٧٤ عضواً).
{كلمة أخيرة؟
ــ نؤكد أن الحوار الوطني هو أمثل طريق لبناء دولة قوية ومستقرة من كل النواحي، وهو أفضل مشروع وطني ونتمنى من الممانعين بأن يلتحقوا به.