إلى الدكتور "نافع".. مكرر شيخ "علي"
{ يلتئم اليوم (الخميس) مجلس شورى حزب (المؤتمر الوطني) تمهيداً للمؤتمر العام التنشيطي في دورة انعقاده الرابعة، بعد أن أكمل الحزب مؤتمراته القاعدية في جميع ولايات السودان بعقده أكثر من (2900) مؤتمر أساس، و(1146) مؤتمر مناطق، و(188) مؤتمر محليات و(18) مؤتمر ولايات.
{ حسناً.. ولكن لابد من تعافي وتصافي.. ووحدة قيادات (الصف الأول) بالحزب الحاكم، خاصة أن معظمهم صار خارج السلطة التنفيذية وقيادة السلطة التشريعية.
{ أنا وغيري كثر، ضد مقولة الدكتور “نافع علي نافع” التي ظل يرددها مؤخراً بمناسبة.. وبدون مناسبة: (لا عودة للقيادات القديمة.. وعودتها ردة سياسية) أو كما قال في مؤتمر ولاية “كسلا” قبل أيام.
{ فالتجربة البشرية، خاصة السياسية، تحتمل المراجعات باستمرار، وقد عينت (الإنقاذ) من قبل والياً على ولاية النيل الأزرق ثم أعادت تعيينه في عهد قيادة “نافع” للحزب، بعد نحو (13) عاماً والياً على ذات الولاية!! والأمثلة على ذلك كثيرة، وليس آخرها إعادة تعيين الدكتور المثقف “كرار التهامي” أميناً عاماً لجهاز شؤون العاملين بالخارج، وأظن أنه كان قراراً موفقاً من السيد رئيس الجمهورية.
{ ما المانع أن يعود “نافع” نائباً لرئيس الحزب الحاكم.. مرة أخرى؟ فقد تقاعد الرجل قبل أن يكمل دورته السياسية الطبيعية، وبدا أنه راح (ضحية) فكرة (التجديد الجماعي) لقيادات الحزب والدولة، فتقاعد (شاباً) قياساً إلى أعمار قيادات الأحزاب السياسية في بلادنا من السيد “محمد عثمان الميرغني” إلى الإمام “الصادق المهدي” والراحل الشيخ “حسن الترابي” وإلى خلفه الدكتور “علي الحاج”، ومثل ذلك قيادات الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي ورئاسة تحالف قوى الإجماع الوطني.
{ في رأيي أن نزول قطبي الحزب الحاكم والحركة الإسلامية الأستاذ “علي عثمان محمد طه” والدكتور “نافع علي نافع”، كان مبتسراً ومتعجلاً وكأنما كان حلاً لمشكلة، أكثر منه تنفيذاً لإستراتيجية مدروسة ومتفق عليها. وفي العالم من حولنا، وفي تجربة رائدة ظل “رجب طيب أردوغان” رئيساً لحزب العدالة والتنمية (13) عاماً، ثم صعد بعدها رئيساً للوزراء ثم رئيساً للجمهورية وما يزال.
{ وقد كشفت التجربة خلال العامين الماضيين، بعد تنحي عدد من القيادات السياسية والتنفيذية العليا، أن قرار (التقاعد الجماعي) لم يكن مصيباً مائة بالمائة، وأن الدولة فقدت خبرات ثرة ومهمة، وافتقد الحزب كفاءات سياسية وشخصيات “كاريزمية” نادرة، بينما لم تستطع الكوادر (الشابة) التي صعدت إلى الصفوف المتقدمة أن تملأ مساحات الفراغ الكبيرة التي أحدثها غياب الكبار المفاجئ، والأمر لا يحتاج لجدل، فأي عضو في أي مؤتمر قاعدي من مؤتمرات الحزب يلحظ الفرق و(يقيسه)، ويعرف أن (الفرق شاسع)، كما غنى الهرم “خلف الله حمد” رحمه الله.
{ إنني أدعو من هذا المنبر الرجل الشجاع المقدام الدكتور “نافع علي نافع” الذي قال عنه الشيخ الراحل “حسن الترابي” في حديث معي نشرته في أول عدد من هذه الصحيفة في 16 أبريل عام 2012م: (نافع.. قلبه أبيض من لسانه)، أدعوه إلى أن يمد يده بيضاء كقلبه.. إلى أخيه الأكبر الشيخ “علي عثمان”، وأن يكون اجتماع الشورى وجلسات المؤتمر التنشيطي فرصة لإظهار وحدتهما ووحدة كلمتيهما، ولو بالجلوس معاً والتقاط الصور التذكارية، على أن ينطلق برنامج التأسيس لمشروع (الإحياء والتجديد الواعي) للحزب من خلال لقاءات راتبة مشتركة، يعيد بها الزعيمان اللحمة والقوة والحيوية للحزب الذي يحكم الآن ولثلاث سنوات قادمة.
{ إن وحدة وفاعلية الكيان السياسي للدولة تدعم فاعلية ونجاح الحكومة، ولا شك أن رئيس الوزراء الفريق أول “بكري حسن صالح” يساعده الحزب القوي في تحقيق أداء أقوى للحكومة، فالمشروعات التنموية الكبرى تحتاج بالضرورة إلى إرادة سياسية وإسناد شعبي واسع، وهذا لا يتحقق إلا في وجود قيادات قادرة على استنهاض الجماهير، كما كان الحال في سنوات (الإنقاذ) الأولى.
{ لابد من عودة (بعض) الخبرات للدولة، فقد بدا في التشكيل الوزاري الأخير، وكأن الحكومة تلعب بفريق (ناشئين) وفي أحسن الأحوال بالفريق (الرديف)!! وباستثناء البروفيسور “غندور” لا تجد وزيراً ذا قدرات سياسية وفكرية رفيعة، ولهذا ضعفت الحكومة، وخف وزنها.
{ ولذا فإن عودة كفاءة وطاقة يمثلها الدكتور “عوض الجاز” وتقليده منصب نائب رئيس الوزراء، ضمن النواب الثلاثة، ومنحه سلطة الإشراف على قطاع الطاقة والكهرباء، سيكون فيه خيراً عميماً على البلاد وفائدة ملموسة على الشعب، وراحة بال للرئيس “البشير” ورئيس الوزراء.
{ أرجو أن يفعلها الدكتور “نافع”.. بأن يكون أكثر إيجابية تجاه فكرة (تطعيم) الدولة والحزب بلاعبين (كباتن) وهدافين، وإلا فإن الوضع في انتخابات 2020، سيكون صعباً وثقيلاً عليكم.