تململ الوطني
تابعت عن قرب مؤتمرات حزب المؤتمر الوطني في سبع ولايات وأكثر من (10) محليات.. وصولاً لآخر مؤتمر ولائي عقد في مدينة كسلا (الخميس) الماضي، وخرجت من مؤتمرات الحزب التنشيطية بثلاث ملاحظات.
أولاً: هناك شبه اتفاق وسط قواعد وقيادات المؤتمر الوطني برفض السياسة المركزية للحزب التي تفرض من أعلى بإخلاء وتفريغ الدوائر الجغرافية في الانتخابات لصالح حلفاء المؤتمر الوطني وأصدقائه من الأحزاب (المردوفة) على ظهر الوطني، حتى بدأت التصدعات في جسد الحزب بسبب هذه السياسة التي تضعف الممارسة الديمقراطية وتضعف أصدقاء وحلفاء المؤتمر الوطني وتجعلهم متلقين للهبات والعطايا كأيادٍ سفلى.. وقد جهر نائب رئيس المؤتمر الوطني في غرب كردفان المهندس “إبراهيم شمر” برفض سياسة (تفريغ الدوائر).. وهو موقف نائب رئيس المؤتمر الوطني في نهر النيل وكسلا والقضارف وغرب دارفور.. فهل يستجيب المؤتمر الوطني أو قيادته المركزية لنبض القاعدة؟؟ ويتم إلغاء مبدأ أن يحمل الوطني الآخرين على أكتافه للبرلمان مجاناً يدفع لهم تكاليف الوليمة.. ونفقة الزواج والمهر ليمتطي أصدقاء المؤتمر الوطني ظهر الشعب المسكين ويباهون بأنهم ممثلون للشعب.؟؟ مع أنهم في الواقع يمثلون قيادة المؤتمر الوطني التي لو تركت هؤلاء (المحمولين) لأقدارهم لسقطوا جميعاً.
ثانياً: هناك اتفاق وسط قواعد المؤتمر الوطني على أن تعيين الولاة في الوقت الراهن أفضل من الانتخابات .. بعد أن تبين سوء الممارسة وفسادها .. وتهديد الأمن الاجتماعي لمكونات الولايات بسبب تقسيم الانتخابات للقواعد على خلفيات اثنية وقبلية، وقد تمددت القبلية والعنصرية في انتخابات الوالي من نيالا حتى طرقت أبواب الخرطوم العاصمة (وسمعنا وشفنا) من يدعي أن الخرطوم هي مدينته، ولا ينبغي أن يحكمها إلا من كان جدوده وأجداد أمهاته من مواليد الخرطوم.. وحتى في ولايتي البحر الأحمر وكسلا تعالت أصوات المؤتمرين مطالبين بالإبقاء على الولاة “علي حامد” و”آدم جماع” وكلاهما من خارج حدود الشرق الجغرافي مثلما أجمع أغلب قيادات الوطني في غرب كردفان على حسن أداء “أبو القاسم بركة”، وكل هذه الولايات كانت في السابق مراكز استقطاب قبلي وعنصري، فهل يتبنى المؤتمر الوطني من واقع التجربة ورغبات قواعده ، رؤية جديدة في الدستور القادم، بأن يصبح تعيين الولاة سلطة للرئيس المنتخب باختيار الولاة كمساعدين له لتنفيذ البرنامج الذي طرحه على الشعب وحصل بموجبه على ثقة الشعب لتنفيذه خلال الدورة الرئاسية.
ثالثاً: تخلى المؤتمر الوطني عملياً عن شعاراته القديمة في المواجهة وبث الكراهية.. واختار شعارات جديدة تعلي من قيمة الإنتاج وترتقي بالحوار وتبادل الرأي وحسن الجوار.. وهي واقعية جديدة للحزب تلامس رغبات الشعب .. وقد تراجعت نبرات الإصلاح الاجتماعي وتقدمت نبرات الإصلاح السياسي.
من تلك الملاحظات فإن المؤتمر الوطني يمضي للأمام وتعتريه تغييرات كبيرة في هياكله وبرامجه وسياساته.. وبدأت شخصية نائب رئيس الحزب المهندس “إبراهيم محمود” الوفاقية تطغى ويمتد أثرها على خطاب الحزب منزوع العنف اللفظي.. والأكثر ميلاً للوفاق والتصالح مع الآخرين .. ولذلك يبدو المؤتمر الوطني الآن أكثر عافية من ذي قبل رغم أنه فقد الكثير من المواقع التنفيذية.. وأحال جيلاً بأكمله من قياداته إلى كرسي المعاش.. ويعتزم إحالة المزيد من الذين أمضوا سنوات طويلة في الحكم ويبدل جلده بالكامل في 2020م التي هي بداية لتاريخ جديد في بلادنا.