تقارير

حكومة الوفاق الوطني.. مخاض عسير لأن الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة !!

توقعات بإعلانها خلال الأيام القادمة
الخرطوم ـــــ محمد جمال قندول
ألمح رئيس الجمهورية رئيس اللجنة التنسيقية العليا للحوار المشير “عمر حسن أحمد البشير”، عقب تعيين النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” في منصب رئيس الوزراء، وخلال مخاطبته الحشود التي احتشدت لتغطية فعاليات تنصيب “بكري” بالقصر الجمهوري، إلى الصعوبات التي ستواجه تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وعبر عن ذلك بقوله إن (الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة). وقد تأكدت تلك المقولة، جملة وتفصيلاً، وهي تكمن في الصعوبات التي عرقلت تكوين الحكومة، فبعد أكثر من خمسة أشهر من مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد بقاعة الصداقة وخرج بمخرجات كثيرة أبرزها تشكيل حكومة الوفاق الوطني، التي حدد لها أكثر من تاريخ في كل شهر من الشهور الخمسة الماضية، بدا واضحاً أن إعلان وتشكيل الحكومة ليس بالأمر السهل، وأن مولدها يمر بمخاض عسير، جوهره محاولة استيعاب كل المشاركين في الحوار، في حكومة يراد منها في ذات الوقت أن تكون رشيقة وغير مترهلة، وأن تكون فوق ذلك كله الأعرض في تاريخ السودان بكل حقبه. الآن وبعد انقضاء اليوم العاشر من أبريل، وهو أحد المواقيت المقررة، وآخرها، لإعلان تشكيل الحكومة، وقد مر دون  جديد فيما يخص الحكومة، غير التكهنات التي تطل عبر الصحف من حين لآخر حاملة معها أسماء مرشحين محتملين وآخرين مغادرين، ويكذبها مر الأيام، فما أن يُقطع موعد ويقترب حتى يفاجأ الجميع بتأجيل إعلان الحكومة، والسبب هو نفس السبب “صغر الكيكة، وكثرة الأيادي”.
{ ترتيبات من القصر
حسب حديث عضو الآلية التنسيقية العليا للحوار وأمين عام أحزاب الوحدة الوطنية “عبود جابر” لـ(المجهر)، فإن الحكومة اقترب أجلها، وأكملت الأحزاب قوائمها واكتمل شكلها، وهي بانتظار ترتيبات من القصر لتخرج إلى العلن.
ويواصل “جابر” إفاداته، وينفي وجود أي معوقات تواجه الحكومة الجديدة، وقال إن عملية تكوينها قد مضت بكل يسر وإن رئيس الوزراء على تواصل وتشاور مستمر مع القوى السياسية المختلفة المشاركة، وجدد تأكيده بأن كل من شارك بحوار القاعة عبر الآليات المختلفة سيكون له نصيب من (الكيكة) ولا مجال لإقصاء أحد على حساب آخر. وانتقد “جابر” التركيز على موعد إعلان الحكومة، وقال إن الحوار هو أكبر مشروع وطني جامع سيحل جميع مشاكل السودان، وبحمد الله أنجز، فما تبقى هو اللمسات الأخيرة لإخراج الحكومة التي طال انتظارها، وستعلن خلال الأيام القليلة القادمة.
غير أن عضو الآلية التنسيقية العليا للحوار رئيس حزب الحقيقة الفيدرالي “فضل السيد شعيب” كان قد أشار قبيل أيام في حديث لــ(المجهر) إلى أن الحكومة الجديدة تواجه تعقيدات كبيرة، وأن ثمة أحزاباً ومن ضمنها الشعبي، لم تسلم قائمة مرشحيها. وانتقد “شعيب” حينها بعض التفاصيل التي لم يتخذ فيها إجراءات صحيحة بالحوار، وأفضت إلى أن تخرج الحكومة المتوقعة مترهلة بعض الشيء.
{ وثبة كبيرة
حسب المؤشرات المطروحة بالساحة، فإن حكومة الوفاق الوطني تواجه إشكالية كبيرة جداً متعلقة بكيفية إشراك جميع القوى التي شاركت بحوار القاعة الشهير، الذي دعا له وبمبادرة شخصية منه رئيس الجمهورية “عمر البشير” فيما عرف بالوسائط بـحوار الوثبة.
ويبدو أن الحكومة الجديدة بحاجة ماسة إلى وثبة كبيرة للظهور، إلى العلن في حين أن أحزاباً بعينها باتت هي المتسببة في تأخير إعلان الحكومة. فبعد أن سحب الحزب الاتحادي الأصل قائمته التي قدمها “الحسن الميرغني”، بطلب من رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني” برزت مؤخراً تقارير تفيد بأن الشعبي والوطني لم يتوصلا إلى اتفاق  حول صيغة لمشاركة الأول بالحكومة، وأنه لم يسلم قائمته بعد.
ولم يشر رئيس الجمهورية خلال خطاباته الأخيرة، وآخرها خطابه بمدينتي مروي وكريمة، إبان تشريفه ختام مناورات الدرع الأزرق بالأولى وافتتاح مصنع بالثانية إلى حكومة الوفاق. وهو ما عد مؤشراً بأن الرؤية لم تكتمل بعد، كما أن النائب الأول رئيس الوزراء الفريق “بكري”، الذي تحدث في العديد من المناسبات، في الآونة الأخيرة لم يقطع بتاريخ محدد لإعلان حكومته، التي يشير الكثيرون إلى أن خيوطها في يده هو والرئيس، فقط، ولا ثالث لهما.
{ تكهنات بين الحين والآخر
في الأثناء، كشف مصدر رفيع لــ(المجهر) عن أن كل ما يسرب حتى الآن عن تحديد موعد لإعلان للحكومة ما هو إلا تكهنات تطفو بين الحين والآخر لشغل الأوساط السياسية، وكسب مزيد من الوقت لتجويد تكوين الحكومة المرتقبة، وأشار إلى أن قائمة الحكومة الجديدة فقط بطرف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، الذي على ما يبدو أحكم قبضته، واستعان بحاسته العسكرية في تأمين القائمة خشية التسريب، وتوقع أن يتم إعلان الحكومة خلال اليومين المقبلين، أي قبيل انعقاد المؤتمر التنشيطي للوطني بولاية الخرطوم (الأحد) المقبل، والمؤتمر التنشيطي العام للحزب في خواتيم أبريل الجاري،  وأن رئيس الجمهورية شخصياً سيعلنها.
وحسب المصدر، فإن عودة الوجوه القديمة غير ورادة عدا خيار واحد فقط، وهو “أسامة عبد الله” لاعتبارات كثيرة ومؤشرات واضحة. ويستنتج ذلك من إطراء الرئيس على “أسامة” خلال افتتاح مصنع بكريمة، والحديث عن إنجازاته خلال تشريف “البشير” وأعضاء حكومته، بدء التوليد الكهربائي من “التوربين” الأول من مجمع سدَيْ أعالي عطبرة وسيتيت، بجانب أن “أسامة” نجح في الملفات التي أسندت إليه طيلة حقبة الإنقاذ، وخروجه كان مفاجئاً وفي آخر لحظات عمر الحكومة الأخيرة.
غير أن خبراء سياسيين عدّوا تأخير الحكومة هو بمثابة انتظار ما ستسفر عنه التطورات داخل الحركة الشعبية، الذي تجسد في خلافات كبيرة وضعتها على حافة الانقسام مؤخراً، وتوقعات بالتحاق بعض الحركات الدارفورية.   
وفي مؤشر آخر، ثمة ما يشير إلى أن إجازة التعديلات الدستورية الأخيرة خلال الأيام القليلة القادمة، ستكون بشارة إعلان حكومة الوفاق الوطني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية