رأي

المشهد السياسي

الأزمة السورية إلى متى؟
موسى يعقوب

لقد أدى التدخل الخارجي في الأزمة السياسية السورية إلى تطورات زادت من متاعب ومعاناة الشعب السوري في عدم الاستقرار وفقدان الأرواح وهيبة الدولة وأكثر. إنه لم يكن صراعاً بين معارض وحاكم، كما الحال في سائر البلاد، ولكن الأمر أخذ بعداً إقليمياً ودولياً منذ اللحظة الأولى. فالاتحاد الروسي والجمهورية الإسلامية الإيرانية بتوابعها كانتا هناك أيضاً ولحق بهما آخرون ليس بطريق مباشر، وإنما عبر دعومات للمعارضة التي رفعت السلاح في وجه النظام الحاكم.. الذي آثر البقاء في السلطة وكيفما كان الثمن، وهو ثمن كبير وبالغ الكُلفة. فقد أهدرت ملايين الأرواح وغادر البلاد ولجأ أمثالهم وربما أكثر.
وبسبب هذه التدخلات الخارجية، بل والصمت العربي الأعمى عن تدارك الحال استمر الحال في الجمهورية العربية السورية التي كان لها دورها عربياً، على ما هو عليه، ودخل مؤخراً في مواجهات دبلوماسية وسياسية وعسكرية غير مباشرة.
الرئيس “بشار الأسد” وهو يستخدم كل أنواع الأسلحة، بما فيها تلك المحرمة دولياً، ضد معارضيه وشعبه، بسند ودعم روسي وإيراني حرَّك من قبل الجمهورية التركية لنشر غطاء لحماية المجموعات السورية اللاجئة والناجية بنفسها من الدمار، وضد تلك التي تحاول الدفع بما يجري في سوريا إلى تركيا.
وبالأمس القريب عندما استخدم “الأسد” السلاح الكيميائي المحرَّم دولياً ضد شعبه، ورغم مفاوضات جنيف الخاصة بالسلام والاستقرار في الجمهورية السورية، حرَّك ذلك الولايات المتحدة الأمريكية في عهد رئيسها الجديد “دونالد ترامب” الذي لم يمر عليه سوى سبعين يوماً.
فوجَّه ضربة جوية قاسية وشديدة إلى مركز (خان شيخون)، الذي يحفل بالأسلحة الكيميائية.. وقد حركت تلك الضربة الكثيرين في الداخل الأمريكي والخارج.. لا سيما وأن مجلس الأمن الدولي كان معنياً في ذلك الوقت باستخدام الأسد للأسلحة المحرمة والمحظورة عالمياً.
الرئيس “ترامب” وجَّه ضربته المذكورة بدراسة وعناية إلى (خان شيخون)، وجد دعماً من حزبه الجمهوري والحزب الديمقراطي والآخرين في الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، وهو المتهم بأنه سيدخل بلده والعالم في ويلات ومصائب بسبب ما أدلى به في حملته الانتخابية وما اتخذ من قرارات بعد ذلك شوَّهت وجه القطب الأمريكي لدى العالم الخارجي، ونشير هنا إلى قراره الخاص ببعض الدول الإسلامية ومنسوبيها ممن يرغبون في دخول الولايات المتحدة.
لقد كان الموقف الأمريكي تجاه ما يجري في سوريا في عهد الرئيس الأمريكي السابق (أوباما) مضطرباً، وغير واضح، لأن الاتحاد الروسي كان غارقاً في الموضوع.. واليوم خرق “ترامب” ذلك الحال المضطرب وغير الواضح، وبدأ نوع من المواجهة بين الطرفين – تقريباً – سيصل فيه الحال إلى مجلس الأمن الدولي والخمسة أو الستة الكبار.. إن لم نقل المسرح القتالي السوري.
على أنه ورغم ذلك يجد المراقب العاقل نفسه يسأل:
الأزمة والمأساة السورية إلى متى؟
فلتكن المواجهة الأخيرة في (خان شيخون) بداية لحل عملي بين الأطراف الخارجية ينهي الأزمة الإنسانية والسياسية السورية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية