مجرد سؤال
هل ستصبح الخرطوم خالية من التسول والتشرد؟؟
رقية أبو شوك
جاء في الأخبار أن اللجنة العليا لمكافحة التسول والتشرد قد وجهت في اجتماعها برئاسة والي الخرطوم بإجراء إحصاء شامل للمتسولين الأجانب والقادمين من الولايات، وتصنيفهم وتحليل المعلومات، تمهيداً لمناقشة هذه الظاهرة مع الحكومة الاتحادية بغرض التوصل إلى قرارات لمعالجتها. وذلك بعد أن استمعت إلى تقرير من وزير التنمية الاجتماعية د. “أمل البيلي” ومدير عام الوزارة “محمد محمد صالح”، حيث تضمن التقرير (مشروع الخرطوم خالية من ظاهرتي التسول والتشرد)… (انتهى)
ظاهرة التسول والتشرد ليست من الظواهر الحديثة على المجتمع السوداني، فقد ظهرت منذ فترة ليست بالقصيرة وتنامت حتى أصبحت وكأنها شيء عادي بعد أن اعتاد المجتمع عليها.
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا التسول؟ ولماذا التشرد، في ظل وجود الأسرة باعتبارها الراعي الأول لهؤلاء؟ ولماذا في الأصل يوجد متسولون ومتشردون أجانب؟!
لقد كثر التسول بصورة مزعجة في الطرقات، وهنالك شخصيات معينة باتت موجودة في أماكن بعينها، وقد لاحظت ذلك بأم عيني، متسولات من النساء في أماكن محددة يومياً، والبعض منهن معه أطفال صغار للدفع بهم لسؤال المارة من أجل إطلاق صوت الرحمة، باعتبار أن هؤلاء الصغار لا عائل لهم ولا يجدون ما يأكلون ويشربون، متناسين في الوقت نفسه أن التسول عادة منبوذة (أعطوك أو منعوك).. ويأتي السائل يوم القيامة وليس في وجهه (مزعة لحم).. إلا أن هؤلاء المتسولين اعتادوا التسول وأصبحت بالنسبة لهم (حاجة) طبيعية إذا لم يقوموا بتنفيذها فإن شيئاً ما قد يكون ناقصاً في يومه. أيضاً الطرقات امتلأت بالمتسولين الأجانب، وهنالك أيضاً شخصيات بعينها في أماكن محددة جداً بالعاصمة الخرطوم يسألون بإلحاح، كأنهم (طالبنك).
فلابد إذن من حسم هذه الظاهرة التي أدت إلى تشويه صورة المدينة لأن الأمر لم يتعلق بالحاجة، وكم من أسر تعاني ما تعاني ولكنها تتعفف.. تموت جوعاً خيراً لها من أن تسأل الناس و(هنا نحسبهم أغنياء من التعفف)، لأن طبيعة المجتمع السوداني منذ قديم الزمان (العفة)، التي تأتي من (التعفف) وهي مطلوبة جداً.. حتى إن تدهور الواقع الاقتصادي فهذا ليس مبرراً يجعلك تعيش متسولاً!
أما ظاهرة التشرد فهذه قصة أخرى ربما تعود إلى التفكك الأسري ما يجعل الأبناء يتشردون ويعيشون عالماً آخر طالما الأسرة التي يفترض أن توفر لهم الحماية ضاعت وتشتت وتشردت هي الأخرى، فهذه الظاهرة نحسب أنها أكثر دماراً للمجتمع مقارنة بالتسول.
فلماذا لا نفكر في حصرهم والجلوس معهم ومعرفة مشاكلهم عن قرب، فربما نجد لهم الحلول عن طريق تدريبهم على عمل يعيشون عليه، وفي ذات الوقت نساعد الأجانب في العودة إلى بلادهم وفرض رقابة مشددة في هذا المجال.. وهنا تأتي أهمية التشريعات القانونية التي تنظم العمل، فالقانون هو الذي يصحح المسار، فلابد من تفعيل القوانين وتنفيذها إذا أردنا عاصمة خالية من التسول والتشرد.